موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة المائدة (5)

 

 


الآية: 67 من سورة المائدة

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67)

الوجه الأول: لما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم المنزل عليه القرآن مأمورا بتبليغه إلى المكلفين وتبيينه للناس ما نزل إليهم ، ومن الأشياء ما هي مشهودة لهم وغائبة عنهم ، ولم يؤمر أن يحرف الكلم عن مواضعه بل يحكي عن اللّه كما حكى اللّه له قول القائلين ، وقولهم يتضمن الغيبة والحضور ، فما زاد على ما قالوه في حكايته عنهم وقيل له صلّى اللّه عليه وسلم : «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ»

[ كيفية تبليغ الرسول صلّى اللّه عليه وسلم للقرآن الكريم ]

فلم يعدل عن صورة ما أنزل إليه فقال ما قيل له ، فإنه ما نزلت المعاني على قلبه من غير تركيب هذه الحروف وترتيب هذه الكلمات ونظم هذه الآيات وإنشاء هذه السور المسمى هذا كله قرآنا ، فلما أقام اللّه نشأة القرآن صورة في نفسها ، أظهرها صلّى اللّه عليه وسلم كما شاهدها ، فأبصرتها الأبصار في المصاحف ، وسمعتها الآذان من التالين ، وليس غير كلام اللّه هذا المسموع والمبصر ، وألحق الذم بمن حرّفه بعد ما عقله وهو يعلم أنه كلام اللّه ، فأبقى صورته كما أنزلت عليه ، فلو بدل من ذلك شيئا وغير النشأة لبلغ إلينا صورة فهم لا صورة ما أنزل عليه ، فإنه لكل عين من الناس المنزل إليهم هذا القرآن نظر فيه ، فلو نقله إلينا على معنى ما فهم ، لما كان قرآنا أعني القرآن الذي أنزل عليه ، فإن فرضنا أنه قد علم جميع معانيه بحيث أنه لم يشذ عنه شيء من معانيه قلنا : فإن علم ذلك وهذه الكلمات تدل على جميع تلك المعاني فلأي شيء يعدل ؟

وإن عدل إلى كلمات تساويها في جميع تلك المعاني فلا بد لتلك الكلمات التي يعدل إليها من حيث ما هي أعيان وجودية ، أعيان غير هذه الأعيان التي عدل عنها التي أنزلت عليه ، فلا بد أن تخالفها بما تعطيه من الزيادة من حيث أعيانها على ما جمعته من المعاني التي جمعتها الكلمات المنزلة ، فيزيد للناظر في القرآن معاني أعيان تلك الكلمات المعدول إليها ، كما أيضا ينقص مما أنزل اللّه أعيان تلك الكلمات التي عدل عنها ، فكأن الرسول قد نقص في تبليغ ما أنزل إليه أعيان تلك الكلمات وحاشاه من ذلك ، فلم يكن ينبغي له إلا أن يبلغ إلى الناس ما نزل إليهم صورة مكملة من حيث الظاهر حروفها اللفظية والرقمية ، ومن حيث الباطن معانيها ، فالرسول مبلغ ما قيل له قل ، ولو كان مبلغا ما عنده ، أو ما يجده من العلم في نفسه ، لم يكن رسولا ، ولكان

معلما . فكل رسول معلم وما كل معلم رسول.

الوجه الثاني: لما كان الرسول صلّى اللّه عليه وسلم بعث رحمة ، ورأى الكثير لم تصبه هذه الرحمة ، وأن علة ذلك إنما كان تأويلهم بالوجهين من التشبيه ، أو البعد عن مدلول اللفظ بالكلية ، تحيّر في التبليغ ، وتوقف حتى يرى هل يوجب ذلك عليه ربه أم لا ! فأنزل اللّه تعالى «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» فعلم الرسول أن المراد منه التبليغ لا غير ، فبلّغ صلّى اللّه عليه وسلم وما أخفى مما أمر بتبليغه شيئا أصلا ، فإنه معصوم محفوظ قطعا في التبليغ عن ربه ما أمر بتبليغه ، وما خصّ به فهو على ما يقتضيه نظره . فوظيفة الرسل والورثة من العلماء إنما هو التبليغ بالبيان والإفصاح لا غير ، وجزاؤهم جزاء من أعطى ووهب ، وذلك بالنصيحة والتبليغ ، ليس بيده من الأمر غير هذا فلما بلّغ قيل له : «ما عليك إلا البلاغ» «لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ» «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» فإن ذلك خاص باللّه تعالى «وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ» . فإن حقيقة الرسالة إبلاغ كلام من متكلم إلى سامع ، وهو علم يوصله إلى المرسل إليه . فأوجب عليه البلاغ «وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قبل أن يعرف بعصمته من الناس إذا نزل منزلا يقول من يحرسنا الليلة ؟ مع كونه يعلم أن اللّه على كل شيء حفيظ ، ولا يعلم حافظا سواه ، ويعلم بأن المقدور كائن ، والحارس ليس بمانع ما قدر ولا صائن ، لكن طلب المعبود بذل المجهود وهو يفعل ما يشاء وهذا من الأمور التي شاء ، فإن اللّه مع الأنبياء بتأييد الدعوى ، لا بالحفظ والعصمة ، إلا إن أخبر بذلك في حق نبي معين فإن اللّه قد عرفنا أن الأنبياء قتلتهم أممهم وما عصموا ولا حفظوا ، فلما نزلت «وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» أقام العصمة مقام الحرس ، ولم يجنح إلى العسس .


المراجع:

(67) الفتوحات ج 3 / 158 - ج 2 / 257 ، 595 ، 654 ، 388 - ج 4 / 393 - ج 2 / 118

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!