The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة المائدة (5)

 

 


الآية: 89 من سورة المائدة

لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)

لا قسم إلا باللّه ، وما عدا ذلك من الأقسام فهو ساقط ما ينعقد به يمين في المقسوم عليه ، ولهذا قال تعالى : «لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ» واللغو : الساقط فمعناه لا يؤاخذكم اللّه بالأيمان التي أسقط الكفارة فيها إذا حنثتم ، «وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ» فلما سقط العقد بالقلب عند اليمين ، سقطت الكفارة إذا وقع الحنث ، ولا خلاف بين العلماء أن الكفارة في الأيمان المذكورة في القرآن أنها في اليمين باللّه لا بغيره . وجاء بالأيمان معرفة بالإضافة والألف واللام ، وقد صح عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم النهي عن اليمين بغير اللّه .

[أنواع الأقسام]

أنواع الأقسام : راجع سورة الحاقة آية 38 «فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ» فكفارته إطعام عشرة مساكين .

إنما عوقب بالكفارة لأنه أمر بمكارم الأخلاق ، واليمين على ترك فعل الخير من مذام الأخلاق ، فعوقب بالكفارة . ومن وجه آخر ، إن المسئ في حقنا الذي خيرنا اللّه بين جزائه بما أساء وبين العفو عنه ، أنه لما أساء إلينا أعطانا من خير الآخرة ما نحن محتاجون إليه ، حتى لو كشف اللّه الغطاء بيننا وبين ما لنا من الخير في الآخرة في تلك المساءة حتى نراه عيانا لقلنا : إنه ما أحسن أحد في حقنا ما أحسن هذا الذي قلنا عنه : إنه أساء في حقنا ، فلا يكون جزاؤه عندنا الحرمان ، فنعفو عنه فلا نجازيه ونحسن إليه مما عندنا من الفضل على قدر ما تسمح به نفوسنا ، فإنه ليس في وسعنا ولا يملك مخلوق في الدنيا ما يجازي به من الخير من أساء إليه ، ولا يجد ذلك الخير ممن أحسن إليه في الدنيا ، ومن كان هذا عقده ونظره كيف يجازي المسئ بالسيئة إذا كان مخيّرا فيها ؟ فلما آلى وحلف من أسيء إليه فما وفي المسئ حقه وإن لم يقصد المسئ إيصال ذلك الخير إليه ، ولكن الإيمان قصده ، فينبغي له أن يدعو له إن كان مشركا بالإسلام ، وإن كان مؤمنا بالتوبة والصلاح . ولو لم يكن ثم إخبار من

اللّه بالخير الأخروي لمن أسيء إليه إذا صبر ولم يجاز ، لكان المقرر في العرف بين الناس كافيا فيما في التجاوز والعفو والصفح عن المسئ ، فإن ذلك من مكارم الأخلاق ، ولولا إساءة هذا المسئ إليّ ما اتصفت أنا ولا ظهرت مني هذه المكارم من الأخلاق ، كما أني لو عاقبته انتفت عني هذه الصفات في حقه ، وكنت إلى الذمّ أقرب مني إلى أن أحمد على العقاب ، فكيف والشرع قد جاء في ذلك ! بأن أجر من يعفو ويتجاوز ولا يجازي أنه على اللّه فلا تدخل ابتداء في اليمين ، فأهل اللّه في كل نفس مع ما يكشف لهم ، فلا يدرون حكم النفس الثاني ، فلا يحسن بهم التقيد باليمين على أمر في المستقبل .

سورة المائدة (5) : آية 90

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)

[ كل مسكر حرام ]

قال صلّى اللّه عليه وسلم : كل مسكر حرام ، فالحكم التحريم ، والعلة الإسكار ، فالحكم أعمّ من العلة الموجبة للتحريم ، فإن التحريم قد يكون له سبب آخر غير السكر في أمر آخر . ولا يطرب الشارب إلا إذا شرب خمرا وإذا شرب خمرا فقد جاء شيئا إمرا ، لأنه يخامر العقول فيحول بينها وبين الأفكار ، فيجعل العواقب في الأخبار فيبدي الأسرار برفع الأستار فحرمت في الدنيا لعظيم شأنها ، وقوة سلطانها . الأزلام : قداحة الميسر ، واحده زلمة وقد أمرنا باجتناب عمل الشيطان في قوله : «فإنه رجس من عمل الشيطان» وهو البعيد من رحمة اللّه «فاجتنبوه» أي كونوا مع الاسم القريب من الرحمة.

سورة المائدة (5) : الآيات 91 إلى 94

إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا

وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (94)

اعلم أن الخوف من اللّه هو الخوف الأعظم ، فإنه المسلّط وبيده ملكوت كل شيء فأين الأمان ؟ فالإنسان إذا كان في أمان في دنياه وفي ماله وعلى نفسه مما يؤذيه ، فعليه أن يخاف من اللّه مما في غيبه ، مما لا يعلمه ولا يعلم أوانه ، ولو كان الخائف يخاف اللّه مطلقا لتعلق خوفه على دينه ، فإن سبيل الشيطان إلى قلبه ليست آمنة ، كما أمنت السبل الظاهرة التي تمر فيها السفار من الناس . وإذا خاف اللّه شغله خوفه عن ماله ونفسه ، فإنه يخاف على دينه أن يسلبه منه الشيطان ، فالعاقل يجب أن يكون في حال أمنه خائفا من اللّه تعالى ،

[ علم اللّه في الأشياء سابق لا يحدث له علم ]

وأما قوله تعالى : «لِيَعْلَمَ اللَّهُ» فاعلم أن علم اللّه في الأشياء سابق لا يحدث له علم ، بل يحدث التعلق لا العلم ، ولو حدث العلم لم تقع الثقة بوعده لأنا لا ندري ما يحدث له .

فإن قلت فهذا أيضا يلزم في الوعيد ، قلنا : كذا كنا نقول ، ولكن علمنا أنه ما أرسل رسولا إلا بلسان قومه ، وبما تواطئوا عليه في كل ما هو محمود ، فيعاملهم بذلك في شرعهم كذا سبق علمه ، وهذا لسان عربي مبين ومما يتمدح به أهل هذا اللسان ، بل هو مدح في كل أمة ، التجاوز عن إنفاذ الوعيد في حق المسئ ، والعفو عنه ، والوفاء بالوعد الذي هو في الخير . وهو الذي يقول فيه شاعر العرب :

وإني إذا أوعدته أو وعدته .... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

فكان إنزال الوعيد بعلم اللّه الذي سبق بإنزاله ، ولم يكن في حق قوم إنفاذه في علم اللّه ، ولو كان في علم اللّه لنفذ فيهم كما ينفذ الوعد الذي هو في الخير ، لأن الإيعاد لا يكون إلا في الشر ، والوعد يكون في الخير وفي الشر معا . يقال : أوعدته في الشر ، ووعدته في الشر والخير .

وقال تعالى : «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ» فمما بين لهم تعالى ، التجاوز عن السيئات في حق من أساء من عباده ، والأخذ بالسيئة من شاء من عباده ،

ولم يفعل ذلك في الوعد بالخير فأعلمنا ما في علمه .


المراجع:

(89) الفتوحات ج 3 / 299 - ج 4 / 47 - كتاب النجاة

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!