The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأنعام (6)

 

 


الآيات: 15-18 من سورة الأنعام

قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)

-الوجه الأول -أي قهر عباده لما صدر منهم من النزاع ، وأظهر النزاع مخالفة أمر اللّه ، وأدق ما يكون من الخلاف النزاع الإلهي بإنابة العبد ، فإذا زال العبد عن إنايته لم يجد القهار من يقف له فيقهره ، واعلم أن الدعاء لا يقتضي المنازعة حيث أراد ما أراد اللّه ، فإن الدعاء ذلة وافتقار ، والنزاع رئاسة وسلطنة ومن النزاع الخفي الصبر على البلاء ، إذا لم يرفع إزالته إلى اللّه ، فمن حبس نفسه عند الضر النازل به عن الشكوى إلى اللّه في رفع ما نزل به ، وصبر مثل هذا الصبر ، فقد قاوم القهر الإلهي ، فإن اللّه قاهر هذا العبد ، وإن كان محمودا في الطريق ولكن الشكوى إلى اللّه أعلى منه وأتمّ والقهر الإلهي يخفى بخفاء النزاع ، ويظهر بظهور النزاع ، ومن غفل عن ربه نازع بباطنه ما يجده من الأثر فيه مما يخالف غرضه ، فيجيء القهر الإلهي فيقهره ، فلولا النزاع القائم بنفوس الرعية الذي لو مكنوا من إرساله لوقع منهم ، ما أضيف إلى الرعية أنهم مقهورون تحت سلطان مليكهم ، ومن لم يخطر له شيء من ذلك ، ولم ينازع فما هو مقهور ، ولا الملك له بقاهر ، بل هو به رؤوف رحيم

– الوجهالثاني -هو القاهر بالحجة فوق عباده «وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ» حيث يظهر على كل صنف بما تقوم به الحجة للّه عليهم . واعلم أن صفة الفوقية ونسبتها إلى اللّه تعالى قد جاء بها الكتاب والسنة ، كقوله تعالى : «يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ» وقوله تعالى : «وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ» وآيات كثيرة وأحاديث ، وهو معدود من المتشابه ، وذلك لأن «فَوْقَ» كلمة موضوعة لإفادة جهة العلو ، واللّه تعالى منزه عن الجهات ، وإنما المراد منهما حيث أطلقت في حق ربنا سبحانه إفادة العلو الحقيقي ، ومما يدل على عدم اختصاصه بجهة فوق قوله تعالى : «وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ» وقوله تعالى : «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ» وآيات كثيرة يطول ذكرها ولو كان في جهة العلو ، تعارضت هذه الآيات واختلفت ، وهو مناف لقوله تعالى : «وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»

وفي مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال :

[ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ] فنفى تقيده بجهة فوق ، وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، والذي يجمع بين الآيات والأحاديث أن تعلم أن العلو له اعتباران : اعتبار إضافي ، واعتبار حقيقي ، فعلو المخلوقات بعضها على بعض إنما هو علو إضافي ، لأن ما من مخلوق له جهة علو إلا وهو مستقل بالنسبة إلى مخلوق آخر هو فوقه إلّا ما يشاء اللّه ، وهذا العلو الإضافي قسمان : قسم حسي وهو المفهوم بالنسبة إلى الجهات المكانية المخصوص بالجواهر المفتقرة إلى الحيز ، وقسم معنوي وهو المفهوم بالنسبة إلى درجات الكمال العرفاني لأرباب القلوب أو الكمال الوهمي لأرباب النفوس ،

قال تعالى :" وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ» وقال تعالى : «انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا» هذا كله في العلو الإضافي ، وأما العلو الحقيقي ، فإنما هو للّه تعالى «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» وعلوه هذا محقق قبل الجهات والأماكن ، مفهوم بدون النسب والإضافات ، عام في جميع تجلياته على مخلوقاته ، بأسمائه وصفاته ، وإنما يعرفه ويشهده أرباب البصائر والقلوب ، لتجلي نور توحيده بعلو فوقيته ، فإذا أردت أن تحقق أن فوقيته ليست فوقية مكان ، وإنما هي الفوقية الحقيقية بقهر الربوبية للعبودية ، فتفكر في أنه تعالى كان ولا شيء معه ، ولم يتجدد له بخلقه السماوات علو ، ولا بخلقه الأرض نزول ، ولا بخلقه العرش استواء ، وإنما عن تجلي أسمائه وصفاته نشأت أعداد مخلوقاته ، غير مماسة له ، ولا منتسبة إليه

بفوق ولا تحت ، ولا شيء من الجهات ، قال تعالى : «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى»

[ لفظة الشيئية لا تطلق على الحق ]

فوصفه بالأعلى حال اتصافه بالخلق فدل على أن علوه محقق قبل الخلق ، وكذا قال : «وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» الآية .

ووصف نفسه آخر الآية بالعلو والتنزه بعد ذكره قبض الأرض وطيه للسماء ، فدل أن علوه حقيقي لا مكاني ، وتأمل قوله تعالى : «وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ»

مع قول فرعون عن بني إسرائيل : «سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ» فهل يفهم أحد أن فرعون ادعى أنه فوق بني إسرائيل بالمكان أو بالجهة وإنما لما ادعى الربوبية بقوله :" أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى» كان من لازم دعواه ادعاء الفوقية اللائقة بالربوبية ، وهي الفوقية الحقيقية بالقهر

فلذلك قال : «وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ» . وبالجملة فالأحاديث الدالة على عموم إحاطة ربنا سبحانه بجميع الجهات وعدم اختصاصه كثيرة ، والقصد حصل بما ذكرنا ، ولا يلزم من الإيمان القول بالجهة ، فلا يلزم الشبه ، الجهة ما وردت ، والفوقية الإلهية قد ثبتت .


المراجع:

(18) الفتوحات ج 4 / 216 ، 72 - كتاب رد الآيات المتشابهات - الفتوحات ج 4 / 374

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!