موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة التوبة (9)

 

 


الآية: 29 من سورة التوبة

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (29)

لم تضرب الجزية على المشرك ، وفرق بينه وبين الكفار من أهل الكتب المنزلة ، فإن المشرك قادح في الحق وفي الكون بشركه ، فلم يكن له مستند يعصمه من القتل ، لأنه قدح في التوحيد وفي الرسل ، والكفار من أهل الكتاب لم يقدحوا في التوحيد ولا في الكون ، أعني الرسل ، لكن قدحوا في رسول معين لهوى ، أو شبهة قائمة بنفوسهم ، أداهم ما قام بهم إلى جحود الحق ظلما وعلوا مع اليقين به ، وإما لشبهة قامت بهم لم يثبت صدق صاحب الدعوى عندهم ، فلهذا كان لهم في الجملة مستند صحيح عندهم لا في نفس الأمر ،

يعصمهم من القتل ، فضربت عليهم الجزية ، وهذا من رحمة اللّه ، إبقاء عليهم وتركوا على دينهم ليقيموه أو يقيموا بعضه على قدر ما يوفقون إليه .

وهنا نكتة لمن فهم أن دينهم مشروع لهم بشرعنا حيث قررهم عليه ،

ولهذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا سمع أن الروم قد ظهرت على فارس يظهر السرور في وجهه ، مع كون الروم كافرين به صلّى اللّه عليه وسلم ، ولكن الرسول لعلمه صلّى اللّه عليه وسلم كان منصفا ،

لأنه علم أن مستند الروم لمن استند إليه أهل الحق ، لأنهم أهل كتاب ، مؤمنون به لكنهم طرأت عليهم شبهة ، من تحريف أئمتهم ، ما أنزل عليهم ، حالت بينهم وبين الإيمان والإقرار بنبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلم أو بعمومها ،

فعذرهم الشرع لهذا القدر الذي علمه منهم ،

وراعى فيه جناب الحق تعالى حيث وحدوده ، وما أشركوا به حين أشرك به فارس وعبدة الأوثان ، وقدحت في توحيد الإله وما يستحقه من الأحدية . واعلم أن كل مشرك كافر ، فإن المشرك باتباع هواه فيمن أشرك واتخذه إلها ، وعدوله عن أحدية الإله ، يستر نفسه عن النظر في الأدلة ، والآيات المؤدية إلى التوحيد ، فسمي كافرا لذلك الستر ظاهرا وباطنا ، وسمي مشركا لكونه نسب الألوهية إلى غير اللّه مع اللّه ، فجعل لها نسبتين ، فأشرك فهذا الفرق بين المشرك والكافر ،

وأما الكافر الذي ليس بمشرك فهو موحد غير أنه كافر بالرسول ، وببعض كتابه ،وكفره على وجهين :

الوجه الواحد أن يكون كفره بما جاء من عند اللّه، مثل كفر المشرك في توحيد اللّه ،

والوجه الآخر : أن يكون عالما برسول اللّه،وبما جاء من عند اللّه أنه من عند اللّه ،ويستر ذلك عن العامة والمقلدة من أتباعه ، رغبة في الرئاسة،

وهو الذي أراد عليه السلام بقوله في كتابه إلى قيصر : «فإن توليت فعليك إثم اليريسيين» يعني الأتباع . «

حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ» فيتعذبون عذابين عذابا بإخراج المال من أيديهم ، وعذاب الصغار والقهر الذي هو عذاب نفوسهم مما يجدون في ذلك من الحرج ، ومما جاء في الشروط التي اشترطها أمير المؤمنين ،

وإمام المتقين عمر ابن الخطاب رضي اللّه عنه على أهل الذمة ، أن لا يحدثوا في مدينتهم ، ولا ما حولها كنيسة ، ولا ديرا ولا قلة ولا صومعة راهب ،

ولا يجددوا ما خرب منها ، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزل بها أحد من المسلمين ثلاث ليال ، يطعموهم ، ولا يؤووا جاسوسا ،

ولا يكتموا غشا للمسلمين ، ولا يعلموا أولادهم القرآن ، ولا يظهروا شركا ، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوه ، وأن يوقروا المسلمين وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس ،

ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم ، في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ،

ولا فرق شعر ، ولا يتسموا بأسماء المسلمين ، ولا يتكنوا بكناهم ، ولا يركبوا سرجا ، ولا يتقلدوا سيفا ، ولا يتخذوا شيئا من السلاح ،

ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية ، ولا يبيعوا الخمور ، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم ، وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا ، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ، ولا يظهروا صليبا ، ولا شيئا من كتبهم في طرق المسلمين ،

ولا يجاوروا موتى المسلمين بموتاهم ، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيفا ، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين ،

ولا يخرجوا شعانين ، ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم ، ولا يظهروا النيران معهم ، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليهم سهام المسلمين ،

فإن خالفوا في شيء مما شورطوا عليه ، فلا ذمة لهم ، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.

[سورة التوبة (9) : آية 30]

وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)

" وَقالَتِ الْيَهُودُ : عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ "أي بالتبني"

وَقالَتِ النَّصارى : الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ» يعنون بنوّة الصلب ، إذ لم يعرفوا له أبا ولا تكون عن أب لجهلهم بما قال اللّه ، من تمثل الملك لمريم بشرا سويا ، وجعله الحق روحا إذ كان جبريل روحا ، فما تكون عيسى إلا عن اثنين ، فجبريل وهب لها عيسى في النفخ ، فلم يشعروا بذلك كما ينفخ الروح في الصورة عند تسويتها ، فما عرفوا روح عيسى ولا صورته ، وأنّ صورة عيسى مثل تجسد الروح ، لأنه عن تمثل ، فلو تفطنت لخلق عيسى لرأيت علما عظيما ، تقصر عنه أفهام العقلاء .


المراجع:

(29) الفتوحات ج 2 / 592 ، 363 ، 592 - ج 3 / 387 - ج 4 / 547

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!