موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة هود (11)

 

 


الآيات: 16-17 من سورة هود

أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (16) فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (17)

اعلم أن بينة اللّه في عباده على قسمين : القسم الواحد هو البينة الحقيقية ،

[ «فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ» ]

وهو قوله تعالى : «فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ» يعني في نفسه ، والبينة هنا الهدى ، وأما من تقام له البينة في غيره فقد يمكن أن يقبلها ، ويمكن أن لا يقبلها والذي يقبلها إن قبلها تقليدا ، لم تكن في حقّه آية بينة ولا تنفعه ، وإنما يكون التقليد فيما يجيء به الرسول من الأحكام لا من البينات والشواهد على صدقه ، وإن لم يقبلها تقليدا ، فما قبلها إلا أن يكون هو على بينة من ربه في أن تلك آية بينة على صدق دعوى من ظهرت على يديه فيما ادعاه . واعلم أن الأمر الذي كنى عنه الحق ، بأنه بينة لك من عنده هو سفير من اللّه إلى قلبك من خفي غيوبه مختص بك من حضرة الخطاب الإلهي والتعريف من اللّه أنه من عنده ، ومن كان على بينة من ربه فقد سعد وارتفع الإشكال ، ولا بد للبينة التي يكون عليها أن تكون بينة له" وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ "

الشاهد حصول صورة المشهود في النفس عند الشهود ، فيعطي خلاف ما تعطيه الرؤية فإن الرؤية لا يتقدمها علم بالمرئي ، والشهود يتقدمه علم بالمشهود ، وهو المسمى بالعقائد ، ولهذا يقع الإقرار والإنكار في الشهود ، ولا يكون في الرؤية إلا الإقرار وليس فيها إنكار ، وإنما سمي شاهدا لأنه يشهد له ما رآه بصحة ما اعتقده ، فكل مشاهدة رؤية ، وما كل رؤية مشاهدة ، وفي هذه الآية وجوه كلها مقصودة للّه ، فيكون العبد على كشف من اللّه لما يريده به أو منه ، وذلك لا يكون إلا بإخبار إلهي وإعلام بالشيء قبل وقوعه ،

وقد يكون الشاهد الذي يتلوه منه هو ما يوافقه على ذلك من النفوس التي كشف اللّه لها عن ذلك ، وقد يكون أي شاهد يشهد له بصدق البينة التي هو عليها ، فإنه مهما تخلّق العبد باسم ما من الأسماء ، فشاهد حاله يشهد بتصحيح أو بفساد شواهد الأحوال ،

فإن من قام به توفيق في أمر من الأمور المطلوبة بالسعادة وغيرها فشاهده يصدّق دعواه أو يكذبها ،وشواهد الأحوال على ضربين :

ضرب يقوم بذات صاحب الدعوى ، وضرب يقوم بذات غيره مقارنا لدعواه،

فالمنوط به كصفرة الوجل وحمرة الخجل وترك الاعتراض على اللّه تعالى في أحكامه ، والصبر إذا نالته المصائب في حق من ادعى أنه في مقام الرضا بالقضا والتسليم لمجاري القدرة على الإطلاق ،

والضرب الثاني ينبئ عن ذاته القائم بذات غيره ، كتحدثه بانفصال كون ما معيّن عنه بهيئته وهو ساكت ، ويكون ذلك على نوعين :

إما بأن يجوز أن يوصل إليه بحيلة ما حتى يقع ذلك ولم تعلم هذه الحيلة من هذا المدّعي لقرينة

حال صحت عند المشاهدة المتقدمة به ، وإما أن يكون خارجا عن مقدور البشر ، فهذه شواهد الأحوال محصورة وقد يكون الشاهد منه بصدق اتباعه ، وهو اتباعه سنة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم وما شرع لنا ، لم يخل بشيء منها ولا ارتكب مخالفة بتحليل ما حرم اللّه أو تحريم ما حلّل ، فإن للّه عبادا عملوا على إيمانهم ، وصدقوا اللّه في أحوالهم ، ففتح اللّه أعين بصائرهم ، وتجلّى لهم في سرائرهم فعرفوه على الشهود ، وكانوا في معرفتهم تلك على بصيرة وبينة وشاهد منهم ، وهو الرسول المبعوث إليهم ، فإنّ اللّه جعل الرسل شهداء على أممهم ولأممهم ، فمع كون هذا المؤمن على بينة من ربه حين تجلى له ، تلاه في تلك الحال شاهد منه وهو الرسول ، فأقامه له في الشهود مرآة فقال له : هذا الذي جئتك من عنده ، فلما أبصره ما أنكره بعد ذلك مع اختلاف صور التجلي

إشارة –"فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ» ما يراه أهل اللّه من التجلي في الأسماء الإلهية ، هل يقف مع رؤيته أو يتوقف حتى يقوم له شاهد من كتاب أو سنة ؟ فقوله تعالى «فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ» وهو صاحب الرؤية «وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ» هو ما ذكرناه من العمل على الخبر إما كتاب أو سنة ، وهو الشاهد الواحد ، والشاهدان الكتاب والسنة ، وإنما احتجنا إلى العمل عليهما دون العثور على النقل الذي يشهد لصاحب هذا المقام ، لأن ذلك يتعذر إلا بخرق العادة ، وهو أن يعرّف من هناك بآية الدليل أو الخبر .


المراجع:

(17) الفتوحات ج 2 / 634 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 2 / 634 ، 632 ، 567 - ج 4 / 404 - ج 2 / 54 - كتاب مواقع النجوم - الفتوحات ج 1 / 251 ، 201 - ج 3 / 311

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!