موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة هود (11)

 

 


الآيات: 18-29 من سورة هود

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (19) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (23) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً فَلا تَذَكَّرُونَ (24) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (27)

قالَ يا قَوْمِ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ نُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (28) وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (29)

العمل يقتضي الأجرة لذاته ، وهي العوض في مقابلة ما أعطى من نفسه ، وما بقي إلا ممن يؤخذ فما من نبي ولا رسول إلا قد قال إذ قيل له : قل : فأمر فقال «لا أسألكم عليه من أجر» من مال يعني في التبليغ «إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ»

*فما خرجوا عن الأجرة ، والتبليغ عن اللّه أفضل القرب إلى اللّه ، وإن اللّه استخدمه في التبليغ من كونه عبدا ، فتعينت عليه الأجرة سبحانه بتعيينه عوضا مما أعطاه من نفسه ، فيما استخدمه فيه وترك مباحه الذي هو له وتخييره –

[ تحقيق - اعلم أن الإنسان مع الحق على حالين : حالة عبودية ، وحالة إجارة ]

تحقيق - اعلم أن الإنسان مع الحق على حالين : حالة عبودية ، وحالة إجارة ، فمن كونه عبدا يكون مكلفا بالفرض كالصلاة المفروضة ، والزكاة وجميع الفرائض ، لا اجر له عليها جملة واحدة في أداء فرضه ، فإن العبد فرض عليه طاعة سيده

بل له ما يمتنّ به عليه سيده من النعم التي هي أفضل من الأجور لا على جهة الأجر ، ثم انّ اللّه تعالى ندبه إلى عبادته في أمور ليست عليه فرضا ، فعلى تلك الأعمال المندوب إليها فرضت الأجور ، فإن تقرب العبد بها إلى سيده أعطاه إجارته عليها ، وإن لم يتقرب لم يطلب بها ، ولا عوتب عليها فمن هنا كان العبد حكمه حكم الأجنبي في الإجارة ، فالفرض له الجزاء الذي يقابله ، فإنه العهد الذي بين اللّه وعباده ، والنوافل لها الأجور ، والعلة في ذلك أن المتنفل عبد اختيار كالأجير ، فإذا اختار الإنسان أن يكون عبدا للّه ، لا عبد هواه فقد آثر اللّه على هواه ، وهو في الفرائض عبد اضطرار ، لا عبد اختيار فتلك العبودية أوجبت عليه خدمة سيده ، فيما افترضه عليه ، فبين الإنسان في عبوديته الاضطرارية ، وبين عبوديته الاختيارية ما بين الأجير والعبد المملوك ، فالعبد الأصلي ما له على سيده استحقاق إلا ما لا بد منه ، يأكل من سيده ، ويلبس من سيده ، ويقوم بواجبات مقامه ، فلا يزال في دار سيده ليلا ونهارا لا يبرح إلا إذا وجهه في شغله ، فهو في الدنيا مع اللّه وفي القيامة مع اللّه وفي الجنة مع اللّه ، فإنها جميعها ملك سيده ، فيتصرف فيها تصرف الملّاك ، والأجير ما له سوى ما عيّن له من الأجرة ، منها نفقته وكسوته ، وما له دخول على حرم سيده ومؤجره ولا الاطلاع على أسراره ، ولا تصرف في ملكه إلا بقدر ما استؤجر عليه ، فإذا انقضت مدة إجارته ، وأخذ أجرته فارق مؤجره ، واشتغل بأهله وليس له من هذا الوجه حقيقة ولا نسبة تطلب من استأجره ، إلا أنّ يمنّ عليه رب المال بأن يبعث خلفه ، ويجالسه ويخلع عليه ، فذلك من باب المنة ، وقد ارتفعت عنه في الدار الآخرة عبودية الاختيار ، فمن أي مقام قالت الأنبياء - مع كونهم عبيدا مخلصين له لم يملكهم هوى أنفسهم ولا أحد من خلق اللّه ومع هذا قالوا - «إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» *؟ فيعلم أن ذلك راجع إلى دخولهم تحت حكم الأسماء الإلهية ، فمن هناك وقعت الإجارة ، فهم في الاضطرار والحقيقة عبيد الذات ، وهم لها ملك ، وصارت الأسماء الإلهية تطلبهم لظهور آثارها فيهم ، فلهم الاختيار في الدخول تحت أي اسم إلهي شاءوا ، وقد علمت الأسماء الإلهية ذلك ، فعينت لهم الأسماء الإلهية الأجور ، يطلب كل اسم إلهي من هذا العبد الذاتي أن يؤثره على غيره من الأسماء الإلهية بخدمته ، فيقول له : ادخل تحت أمري ، وأنا أعطيك كذا وكذا ، فلا يزال في خدمة ذلك الاسم حتى يناديه السيد من حيث عبودية الذات ، فيترك كل اسم إلهي ، ويقوم لدعوة

سيده ، فإذا فعل ما أمره به حينئذ ، رجع إلى أي اسم شاء ، فإذا رأى العبد ملهوفا ، فأغاثه فيعلم أنه تحت تسخير الاسم المغيث ، فيكون له من المغيث ما عيّن له في ذلك من الأجر ، وإذا رأى ضعيفا في نفسه ، فتلطف به كان تحت تسخير الاسم اللطيف ، وكذلك ما بقي من الأسماء ، فتحقق يا ولي كيف تخدم ربك وسيدك ولكن على علم صحيح في نفسك وفي سيدك ، تكن من العلماء الراسخين في العلم الحكماء الإلهيين ، وتفز بالدرجة القصوى والمكانة العليا مع الرسل والأنبياء .


المراجع:

(29) الفتوحات ج 1 / 672 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 / 63

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!