The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 113-114 من سورة البقرة

وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114)

الدنيا هي الدار القريبة إلينا ، نشأنا فيها وما رأينا سواها ، فهي المشهودة وهي الحفيظة علينا والرحيمة بنا ، فيها عملنا الأعمال المقربة إلى اللّه ، وفيها ظهرت شرائع اللّه ، وهي الدار الجامعة لجميع الأسماء الإلهية فظهرت فيها آلاء الجنان وآلام النار ، ففيها العافية والمرض ،

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

الوجه الواحد ، مباهتة بعضهم لبعض مع معرفة كل فريق منهم أن الفريق الآخر على حق ، إذ كان كل فريق أهل كتاب ، وأن في التوراة نبوة عيسى ، وفي الإنجيل نبوة موسى ، والوجه الثاني ، أن يقول كل فريق ليس الآخر على شيء من دينه ، أي أنه لا يعمل بدينه ولا بما أنزل عليه ، فإن النصارى لو آمنت بالإنجيل لصدقتنا ، فإن الإنجيل يصدقنا ، وتقول النصارى لو آمنت اليهود بالتوراة لعرفت أنا على الحق ، فإن التوراة تصدقنا ، والوجه الثالث ، أن يكونوا صادقين فيما قالوه ، فإنه ببعث محمد صلّى اللّه عليه وسلم ارتفعت كل شريعة قبله ، فقالت اليهود وصدقت ليست النصارى على شيء فإن بعث محمد صلّى اللّه عليه وسلم والقرآن نسخ شرعهم ، فإن الإنجيل يدلهم على ذلك ، «وَقالَتِ النَّصارى» وصدقت «لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ» لأن بعث محمد صلّى اللّه عليه وسلم والقرآن نسخ دينهم وهو في التوراة عندهم ، وهو أصدق الوجوه فيما يرجع إلى علمهم بما في كتابهم ، فهو اعتقادهم وإن لم يتلفظوا به ، ولهذا قال اللّه تعالى : «وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ» يعني التوراة والإنجيل ، فيعلمون الحق بيد من هو ، وهو بيد محمد عليه السلام ، فوبخهم اللّه تعالى أشد التوبيخ حيث شبههم بمشركي العرب الذين ليسوا أهل كتاب وأنكروا نبوة محمد عليه السلام ، ثم قال : «كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» وهم المقلدة «مِثْلَ قَوْلِهِمْ» يعني قول علمائهم ، ثم قال : «فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ» الضمير يعود على المتنازعين من جهة المعنى المقصود كانوا من كانوا ، ولهذا لم يثن على إرادة الطائفتين قال تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) ،وهو قوله : «يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» (115)

«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ» الآية ، وإن نزلت

وفيها السرور والحزن ، وفيها السر والعلن ، وما في الآخرة أمر إلا وفيها منه مثل ، وهي الأمينة الطائعة للّه ، أودعها اللّه أمانات لعباده لتؤديها إليهم وهي ترقب أحوال أبنائها ما يفعلون بتلك الأمانات التي أدتها إليهم ، هل يعاملونها بما تستحق كل أمانة لما وضعت له ، فمنها أمانة توافق غرض نفوس الأبناء ، فترقبهم هل يشكرون اللّه على ما أولاهم من ذلك على يديها ، ومنها أمانات لا توافق أغراضهم ، فترقب أحوالهم هل يقبلونها بالرضى والتسليم لكونها هدية من اللّه ، فيقولون في الأولى : الحمد للّه المنعم المفضل ، ويقولون فيما لا يوافق الغرض : الحمد للّه على كل حال ، فيكونون من الحامدين في السراء والضراء ، فتعطيهم الدنيا هذه الأمانات نقية طاهرة من الشوب ، فبعض أمزجة الأبناء الذين هم كالبقعة للماء والأوعية لما يجعل فيها ، فيؤثر مزاج تلك البقعة في الماء والماء كله طيب عذب في أصله ، قال قتادة : ما أنصف الدنيا أحد ، ذمت بإساءة المسئ فيها ، ولم تحمد بإحسان المحسن فيها ، فلو كانت بذاتها تعطي القبح والسوء ما تمكن أن يكون فيها نبي مرسل ولا عبد صالح ، كيف واللّه قد وصفها بالطاعة فقال : إن علوها وسفلها قال : أتينا طائعين ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : إذا قال أحدكم :لعن اللّه الدنيا قالت الدنيا : لعن اللّه أعصانا لربه ، فهذا ابن

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
هذه الآية في سبب خاص ولكن الحكم عام ، فقال : «وَمَنْ» فأتى بصيغة النكرة ، يقول : ومن أشد ظلما من شخص منع من أراد «أَنْ» يذكر اللّه في المساجد ، وهي البيوت التي جعلها معبدا تؤدى فيها فرائضه و «يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» وأمر برفعها عما يجوز من العمل في البيوت ، فقال : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ) أي يصلي (له) للّه (فِيهَا) في المساجد ، فهل ترفع عن دخول الكفار فيها ؟

هي مسألة خلاف فيما يحرم من ذلك ، وأما تنزيهها عن ذلك على جهة الندب فلا خلاف فيه ، فمن خرج «أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ» ،أي أمر وحمله على الوجوب ، منع من دخول الكفار جميع المساجد ، المشركين وغيرهم ، وأما المسجد الحرام الذي بمكة فقد ورد النص بأن لا يقربه مشرك وأنه نجس ، فمن علل المنع بالنجاسة وجعل النجاسة لكفره وعلل المسجد لكونه مسجدا منع الكفار كيفما كانوا من جميع المساجد ، ومن رأى أن ذلك خاص بالمسجد الحرام ولهذا خص بالذكر وأن ما عدا المشرك وإن كان كافرا لا يتنزل منزلته ، منع دخول المشرك المسجد الحرام وكل مسجد ، لقوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ) وجوز الدخول فيه لمن ليس بمشرك ، ومن أخذ بالظاهر ولم يعلل منع المشرك خاصة من المسجد الحرام خاصة ، فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم حبس في المسجد في المدينة ثمامة بن أثال حين أسر وهو مشرك ، وهو الأوجه ، ومنع «1» غير المشرك من

(1) هكذا في الأصل والصواب ولم يمنع .

عاق لها ، كيف لعنها وصرح باسمها ، والدنيا من حنوها على أبنائها لم تقدر أن تلعن ولدها ، فقالت : لعن اللّه أعصانا لربه ، وما قدرت أن تسميه باسمه ، فهذا من حنو الأم وشفقتها على ولدها ، فيا عجبا فينا لم نقف عندما أمرنا اللّه به من طاعته ، ولا وفقنا ولا وفينا ما رأيناه من أخلاق هذه الأم وحنوها علينا ومحبتها ، وقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : نعمت الدنيا مطية ، عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر ، فوصفها بأن حذرها على أبنائها تذكرهم بالشرور وتهرب بهم منها ، وتزين لهم الخير وتشوقهم إليه ، فهي تسافر بهم وتحملهم من موطن الشر إلى موطن الخير وذلك لشدة مراقبتها إلى ما أنزل اللّه فيها من الأوامر الإلهية المسماة شرائع ، فتحب أن يقوم بها أبناؤها ليسعدوا . فهذا صلّى اللّه عليه وسلم قد وصفها بأحسن الصفات وجعلها محلا للخيرات ، والناس نسبوا ما كانوا عليه من أحوال الشرور التي عيّنها الشارع إلى الدنيا ، وهي أحوالهم ما هي أحوال الدنيا ، لأن الشر هو فعل المكلف ما هو الدنيا ، ونسبوا ما كانوا عليه من أحوال الخير ومرضات اللّه التي عينها الشارع للآخرة ، وهي أحوالهم ما هي أحوال الآخرة ، لأن الخير هو فعل المكلف ما هو الآخرة ، فللدنيا أجر المصيبة في أولادها من أولادها ، فمن عرف الدنيا بهذه المثابة فقد عرفها ، ومن لم يعرفها بهذه المثابة وجهلها مع كونه فيها مشاهدا لأحوالها شرعا وعقلا فهو بالآخرة أجهل ، فراقبوا اللّه هنا عباد اللّه ، مراقبة الدنيا أبناءها ، فهي الأم الرقوب ، وكونوا على أخلاق أمكم تسعدو.

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

المسجد الحرام ومن المساجد ومنع المشرك من سائر المساجد أولى ، لقوله تعالى : (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) إلا أن يقترن بذلك أمر أو حالة فلا بأس ، فوصف اللّه بالظلم الشديد من منع المسجد ممن أراد أن يذكر اللّه فيه بصلاة وغيرها ، ولم يخص أهل دين من أهل دين إذا كان قصد الداخل إليها ذكر اللّه فيها ، فهذا قوله : (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ،وقوله : «وَسَعى فِي خَرابِها» وجهان : الوجه الواحد هدمها وإزالة رسمها ، حتى لا يبقى لها حد يعرف من غيرها من المواضع ، وقد لعن اللّه من غير منار الأرض لما يؤدي ذلك إليه من إبطال الوقوف وأكل الأموال بالباطل ، فإن خرب سلطان أو أحد مسجدا لما في بقائه من الضرر لمنازلة عدو ومحاصرة بلد ، أو لمنفعة لاتساع خندق أو موضع قتال ، ففيه نظر ، وهل يبني المخرب له عوضا منه في موضع آخر ويرد الوقف الذي كان له إلى ما بناه بدلا منه ؟ أو لمن يرجع الوقف هل لصاحبه أو لبيت المال أو لما يبنى بدله ؟ والوجه الآخر منع الذكر فيها سعي في خرابها ، إذ كان بناؤها لإقامة ذكر اللّه ، وأما


المراجع:

(114) الفتوحات ج 2 / 210

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!