موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الرعد (13)

 

 


الآية: 2 من سورة الرعد

اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)

[ " اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَه " ]

الوجه الأول –"اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها» يدل ذلك على أن هناك عمدا قائما عليه اعتماد السبع الشدائد لكنه عن البصر محجوب فهو ملحق بالغيوب ، فقال من أوجد عينها ، فأقامها بغير عمد ترونها ، فما نفى العمد ، لكن ما يراه كل أحد ، فلا بد لها من ماسك ، وما هو إلا المالك ، فمن أزالها بذهابه ، فهو عمدها المستور في إهابه ، وليس إلا الإنسان الكامل ، وهو الأمر الشامل ، الذي إذا قال : اللّه ، ناب بذلك القول عن جميع الأفواه ، فهو المنظور إليه ، والمعول عليه ، فأقام سبحانه الصورة الإنسانية بالحركة المستقيمة صورة العمد الذي للخيمة ، فجعله لقبة هذه السماوات ، فهو سبحانه يمسكها أن تزول بسببه ، فعبرنا عنه بالعمد ، فإذا فنيت هذه الصورة ولم يبق منها على وجه الأرض أحد يتنفس انشقت السماء فهي يومئذ واهية لأن العمد زال وهو الإنسان ، ولما انتقلت العمارة إلى الدار

الآخرة بانتقال الإنسان إليها وخربت الدنيا بانتقاله عنها ، علمنا قطعا أن الإنسان هو العين المقصودة للّه من العالم ، وأنه الخليفة حقا ، وأنه محل ظهور الأسماء الإلهية ، فالإنسان الكامل عمد السماء الذي يمسك اللّه بوجوده السماء أن تقع على الأرض ، فإذا زال الإنسان وانتقل إلى برزخ دار الحيوان مارت قبة السماء وانشقت وهوت ، فكانت شعلة نار سيال كالدهان ، فالعمد لقبة السماء المعنى الماسك ، فإن لم ترد أن يكون الإنسان فاجعله قدرة المالك «.

ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى» فهو يثبت إلى وقت معين ثم يزول حكمه لا عينه ، فإذا بلغ جريانه الأجل زال جريانه وإن بقي عينه ، ولما كان الاسم الرب من خصائصه الإصلاح - فقد حد الاسم الرب الحدود ووضع المراسم لإصلاح المملكة وفعل ما تقتضيه المصلحة في بقاء أعيان الممكنات - اتخذ وزيرين يعينانه على ما أمر به ، الوزير الواحد الاسم المدبر ، والوزير الآخر المفصل ، فكان أصل وضع الشريعة في العالم وسببها طلب صلاح العالم ومعرفة ما جهل من اللّه مما لا يقبله العقل ، أي لا يستقل بإدراكه العقل من حيث نظره ، فنزلت بهذه المعرفة الكتب المنزلة ونطقت بها ألسنة الرسل والأنبياء عليهم السلام ،

لذلك قال تعالى «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ» عامة «يُفَصِّلُ الْآياتِ "بالكلام" لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ»

- الوجه الثاني - «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ» اعلم أن حكم المدبر في الأمور إحكامها في موضع الجمع والشهود وإعطاؤها ما تستحقه ، وهذا كله قبل وجودها في أعيانها وهي موجودة له ، فإذا أحكمها كما ذكرناه أخذها المفصل وهذا الاسم مخصوص بالمراتب ، فأنزل كل كون وأمر في مرتبته ومنزلته ، فالمعنى المراد من قوله تعالى «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ» هو التقدير والإيجاد فالتدبير للتقدير ، والتفصيل للإيجاد من فصلت الشيء عن الشيء إذا قطعته منه وفصلت بينه وبينه حتى تميز ، فإن كان الفصل عن تقدير فهو على صورته وشكله ، وإن كان عن غير تقدير فقد لا يكون على صورته وإن أشبهه في أمر م

- الوجه الثالث -قوله تعالى «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ» يعني أن الحق على الحقيقة هو مدبر العالم ، وما وصف الحق نفسه بأنه يدبر الأمر إلا أن يعرفنا أنه ما عمل شيئا إلا ما تقتضيه حكمة الوجود وأنه أنزله موضعه الذي لو لم ينزله فيه لم يوف الحكمة حقها ، وهو الذي أعطى كل شيء خلقه «يُفَصِّلُ الْآياتِ» يعني الدلالات على توحيده ، فيعطي كل خلق دلالة تخصّه على توحيد موجده ، ويفصل الآيات أي يقسمها على خلقه

بحسب ما فطرهم اللّه تعالى عليه ، فإن الآيات معتادة وغير معتادة ، فالخواص العالم كله عندهم آيات بينات ، والعامة ليست الآيات عندهم إلا التي هي عندهم غير معتادة ، فتلك تنبههم إلى تعظيم اللّه ، واللّه قد جعل الآيات المعتادة لأصناف مختلفين من عباده فمنها للعقلاء وآيات للموقنين وآيات لأولي الألباب ، وآيات لأولي النهي وآيات للسامعين ، وآيات للعالمين وآيات للعالمين وآيات للمؤمنين ، وآيات للمتفكرين وآيات لأهل الذكر ، فهؤلاء كلهم أصناف نعتهم اللّه بنعوت مختلفة وآيات مختلفة ذكرها لنا في القرآن إذا بحثت عليها وتدبرتها علمت أنها آيات ودلالات على أمور مختلفة ترجع إلى عين واحدة ، غفل عن ذلك أكثر الناس ، ولهذا عدد الأصناف ، فيتلوها جميع الناس ولا يتنبه لها إلا الأصناف الذين ذكرهم في كل آية خاصة ، فكأن تلك الآيات في حق أولئك أنزلت ، وفي حق غيرهم لمجرد التلاوة ليؤجروا عليه «لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ» أي انتقالكم من وجود الدنيا إلى وجود الآخرة أقرب في العلم إن كنتم توقنون من انتقالكم من حال العدم إلى حال الوجود ، وتوقنون أي تثبتون على موازين الحكم .


المراجع:

(2) الفتوحات ج 4 / 420">420">396 - ج 4 / 420">420">396 - ج 1 / 125 - كتاب التراجم - الفتوحات ج 3 / 4">418 - ج 1 / 4 - ج 2 / 552 - ج 1 / 324 ، 325 ، 325 - ج 2 / 128 - ج 3 / 627">171 ، 296 ، 67 ، 163 ، 67 - ج 1 / 206 - ج 2 / 62 - ج 3 / 28

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!