موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة النحل (16)

 

 


الآيات: 75-77 من سورة النحل

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77)

" وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ» ما سميت الساعة ساعة إلا لأنها تسعى إلينا بقطع هذه الأزمان لا بقطع المسافات وبقطع الأنفاس ، فمن مات وصلت إليه ساعته ، وقامت قيامته إلى يوم الساعة الكبرى ، التي هي لساعات الأنفاس كالسنة لمجموع الأيام التي تعينها الفصول باختلاف أيامها ، فأمر الساعة وشأنها في العالم أقرب من لمح البصر ، فإن عين وصولها عين حكمها ، وعين حكمها عين نفوذ الحكم في المحكوم عليهم ، وعين نفاذه عين تمامه ، وعين تمامه عين عمارة الدارين ، ففريق في الجنة وفريق في السعير ، ولا يعرف هذا القرب إلا من عرف قدرة اللّه في وجود الخيال في العالم الطبيعي ، وما يجده العالم به من الأمور الواسعة في النفس الفرد والطرفة ، ثم يرى أثر ذلك في الحس بعين الخيال ، فيعرف هذا القرب وتضاعف السنين في الزمن القليل من زمان الحياة الدنيا ، فشبّه تعالى الإمضاء بلمح البصر أو هو أقرب ، وكذلك هو أقرب ، فإن أمره تعالى في الموقف يوم القيامة وهو المقدار الزماني ، خمسون ألف سنة من أيام الدنيا ، وعدها اليوم الشمسي ، وهو يوم ذي المعارج ، فإن أمر اللّه فيه مثل لمح البصر ، للإفهام والتوصيل ، وربما هو في القلة أقل من هذا المقدار ، بل مقدارها الزمان الفرد المتوهم الذي هو يوم الشأن ، فكما صارت الخمسون ألف سنة كيوم واحد ، وفي يوم واحد ، كذلك صار أمره كلمح بالبصر ، وسبب ذلك أن الذي يصدر منه الأمر لا يتقيد ، فهو في كل مأمور بحيث أمر ، فينفذ الأمر بحكمه دفعة واحدة ، ولمح البصر كالبرق ، يضرب فيظهر ، ويظهر ويزول ، فلو بقي أهلك .

[سورة النحل (16) : آية 78]

وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)

«وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً» وذلك مثل من ردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ، وما يلزم العالم حضوره دائما مع علمه ، فهكذا حال الجنين إذا خرج من بطن أمه «وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» اعلم أن اللّه أعطى كل شيء خلقه ، فأعطى السمع خلقه فلا يتعدى إدراكه ، وجعل العقل فقيرا إليه ، يستمد منه معرفة الأصوات وتقطيع الحروف وتغيير الألفاظ وتنوع اللغات ، فيفرق بين صوت الطير وهبوب الرياح وصرير الباب وخرير الماء وما أشبه هذه الأصوات كلها ، وليس في قوة العقل من حيث ذاته إدراك شيء من هذا ما لم يوصله إليه السمع ، وكذلك القوة البصرية جعل اللّه العقل فقيرا إليها فيما توصله إليه من المبصرات ، فلا يعرف الخضرة ولا الصفرة ولا ما بينهما من الألوان ما لم ينعم البصر على العقل بها ، وهكذا جميع القوى المعروفة بالحواس ، فالسمع والأبصار والأفئدة أنوار جعلها اللّه فيك تدرك بها الأشياء ، وقدّم تعالى السمع على العلم والبصر فإن أول شيء علمناه من الحق وتعلق به منا القول منه والسمع منا ، فكان عنه الوجود ، وكما لم يصح الوجود - أعني وجود العالم - إلا بالقول من اللّه والسماع من العالم ، لم يظهر وجود طرق السعادة وعلم الفرق بينها وبين طرق الشقاء إلا بالقول الإلهي والسماع الكوني ، فجاءت الرسل بالقول جميعهم من قرآن وتوراة وإنجيل وزبور وصحف ، فما ثمّ إلا قول وسماع ، غير هذين لم يكن ، فلو لا القول ما علم مراد المريد ، ما يريده منا ، ولولا السمع ما وصلنا إلى تحصيل ما قيل لنا ، فبالقول نتصرف ، وعن القول نتصرف مع السماع ، فهما مرتبطان لا يصح استقلال واحد منهما دون الآخر ، وهما نسبتان ، فبالقول والسماع نعلم ما في نفس الحق ، إذ لا علم لنا إلا بإعلامه بقوله ، ومن وجه آخر : حقيقة السمع أن لا يتقيد المسموع بجهة معينة ، بخلاف البصر الحسي فإنه يتقيد إما بجهة خاصة معينة وإما بالجهات كلها ، والسمع ليس كذلك ، فإن متعلقه الكلام ، فإن كان المتكلم ذا جهة أو في جهة فذلك راجع إليه ، وإن كان لا في جهة ولا ذا جهة فذلك راجع إليه لا للسامع ، فالسمع أدل في التنزيه من البصر ، وأخرج من التقييد

وأوسع وأوضح في الإطلاق - إشارة - قرأ بعضهم : واللّه أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا .


المراجع:

(77) الفتوحات ج 2 / 82 - ج 4 / 46 - ج 2 / 82 - ج 4 / 417

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!