والرمز فقد أودعه الرحمن في ذلك أي في ذلك الأصل الرباني والحكمة الرحمن وجعله من جملة صفاتك وجعل جميع ما في العالم الأكبر وهو ما ذكرناه من صفات الإنسان الكامل ثم التفت مخاطباً فقال فأنت المثل المشبه لا غيرك إذ ليس خلق أكرم منك على الله تعالى وذلك مثل المنـزه وذلك لشرفه وعلي مرتبته فإن قلت وأين حظي من التنـزيه وأين حظه من التشبيه فيه قلب لا يخفى حكمته ثم نبّه محذراً فقال وإياك وأن تغفل عن فتح هذا الباب المقفل أي فإياك أن تفشل عن هذه الحكم والمعاني المرموزة والمضاهات النوريه وأولج بعزمك لهذا الباب المقفل وإياك أن تفشل فإنه لا يدخله إلا من أذن له بفتحه ] نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [ [الصف:13] وإليه الإشارة بقوله والله يحسن عونك يسهل عليك وإن فتح لك أن يدوم صونك وإذا فتح عليك من هذه المعارف والمشارف أن يديم صونك وحفظك إلى منتهى أجلك لأن الاعتبار بخواتم الأمور وبدايتنا إن شاء الله في هذا الكتاب بمعرفة المعبود إذ هو المقصود الأعظم بالذات وما سواه بالعرض وأنه لا يُعرَف من ذاته سوى الوجود أي وإنه تعالى لا يحسن المعرفة بذاته أحدٌ من المخلوقين سوى الوجود