لوامع البرق الموهن
تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)
الحضرة الثانية عشر حضرة التنكير و الإرتياب
أدخلني الحق هذه الحضرة ، على جهل مني ، وكذ ، سبحانه وتعالى ، يفعل بكل من يدخله فيه .
فاشتد دوي أبواب المعارف ، وفقدت القرب الإلهي ، وم يحصل في حضرته للعبد من التحف والظرائف.
وابتلت بأمور ، ألجأتني إلى الارتياب ، فوقفت ، مبهوتا ، من وراء الحجاب .
فلم زاد التنكير ، وطال التعسير ، كدت أكفر بالله ، وجميع رسله، وآياته .
و لولا عناية أدركتني ، بنفحة من نفحاته .
ولم ازل كذلك مدة من الزمان ، و برهة من الألوان.
و أنا لا تزور مهجتي هجعة ، و لا ترقي لجفني دمعة ، حتي فني قلبي ، وغاب.
وتقطع ، لبي ، وذاب .
وكنت أمشي ، بين الناس ، بل عقل ولب .
وأصيح ، في الورى ، بل فكر ، وقلب ، حيران ، هائم ، في عيش البهائم .
والحق ، تعالى ، يعرفني به ، من حيث ل أدريه .
ويخاطبني ، من حيث ل اسمعه ، ول أعيه .
فلم استبان الأمر ، وطال ، وأتلفني بد النكران ، وصال ، كدت أن اهلك ، من شده ذلك الحال .
فاذ بد الفضل والعناية ، فقد رفع من مقلتي ، نقاب حجاب برقع الغواية .
وأوقفني فوق الرشد والهداية ، فسمعت م كان يقال لي ، منذ دخلت الحضرة ، وفهمت جمعه ، في خطره .
وعرفت ، حينئذ ، حقيقة م كنت فيه من النكران .
فإذ هو ثمرة مشكل علم وعرفان ، وعنده ، سمعت الخطاب .
أن من دخل مقام المشاهدة ، فقد رفع الحجاب.