موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لوامع البرق الموهن

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


الباب الثالث: في ذكر تجلي التجليات المنزهة عن الهيئات الحسية من القلب

لكل قلب قابلية من الكمال ، لا يتعدى حدّها ، ولا يقف دونها ، وتلك العالمية منوطة بحكم التجلي الأقدس.

 الذي هو حقيقة تلك الروح ، المتجلية بأطوارها ، في تقلبات هذا القلب المتقلب ، بحكم التجلي القدسي ، المفيض بالقابلية ، من التجلي الأقدس ،والمفيض من التجلي القدسي .

 فإذا اقتضت قابلية القلب ، ظهور كمال إلهى فيه ، إتسع القلب بنور الاسم الأقدس الذي كان حاكما عليه، عند تخلقه في التجلي الأقدس الألهي الذي هو حاكم عليه في حقيقته ، بل هو عين حقيقته .

ومن هنا قال الجنيد ، رضي الله عنه : لون الماء ، لون إنائه .

فنبع في القلب المطهر ، الباقي بالله ، لكل تجلي إلهي ، صورة معنوية مدركة ، معقولة في النفس على حدها وكمالها ، غير أنه لا يمكنه التعبير عنها باللسان ، لأنها ليست من جنس الصور الحسية.

 وهي معقولة ، مشهودة ، غير ممكنة التعبير . والاسم الواحد ، إذا تكرر تجليه في القلب ، يكون لكل تجل صورة مخصوصة ، غير الأولى .

 ومن ثم قال بعض العارفين : ما تجلى الله على عبد بصفتين ، ولا على عبد بصفة مرتين ، إنما يريد بهذه الصفة ، صور التجليات ، وإلا فهو سبحانه ، متجل على كل خلقه بالرحمة .

 والرحمة صفة واحدة ، لمسمى واحد ، وإنما الأختلاف في صور تجليات الرحمة على كل شخص من أشخاص الوجود ، وقس على ذلك جميع الأسماء والصفات ، وهو متجلي بكلها على خلقه ، وهم متفاوتون في صور تجلياتهم عليهم ، وتفاوتهم بحسب نوائلهم وقوابلهم ، بحسب الاسم الأقدس ، والصفة الاقدسية التي تصورت بحقائق ذواتهم ، فكانت هي أعيانهم .

فمن كان مظهر للصفة القادرية ، كمن يكون مظهرا للصفة الرازقية، من حيث أن

أسمه الرزاق والخالق، وأمثالهما، تحت حيطة القادر.

بحسب صورة التجلي الألهي ، تعيّنت له الصورة بحسب قابليته ، وقابليته بحسب والدار الاخرة ...

طارت الطيور بأرزاقها ، فافهم.

لقد عدل الملك وحكم ….  وما جار ، حاشاه، لما حكم

قضى في الوجود ، بما تقتضيه …   کمالا ونقصا ، وحق القلم

سقى الارض أقدارها ……. علي حسب الارض لما نجم

فذلك حلو ، وذا حامض …..   وذاك ورد ، وهذا سلم

وهذا دواء وذاك داء  …..     وهذا ثناء ، وذاك ذم

فبالفضل أعطى الجميع سواء …… فبالعدل كل منحت القسم

فيا لك من عادل مفضل …..   على الجود والمنع أهل الكرم


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!