موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لوامع البرق الموهن

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


الباب الخامس: في ذكر تجلي الإرادة الباهرة ومظهر حكم القدرة القاهرة من القلب

ما يفعل الأشياء إلا الله      ….   هو فاعل الأفعال ، ليس سواه

يجري إرادته بكل مكون   …..    فيكون ما يختاره ويشاء

فجميع ما يجري مراده كله ….  لله وهو لحكمه اجراه

والفاعلون لفعلهم لم يفعلوا …..  الا بقدرته تعالى الله

إعلم ، أيدنا الله وإياك ، إن الصفات الموجودة فيك ، من الإرادة ، والقدرة ، والعلم ، وغيرها ، جميعها صفات الله تعالى .

 لکنها بنسبتها إليك ، مخلوقة محدثة وهي عينها ،بنسبتها اليه ، قديمة أزلية.

فحيث تنبعث إرادتك بشيء ، قد يكون ذلك الشيء ، في عالم القدرة الإلهية الباطنة فيك ، وهي الصورة لذلك الشيء في عالم خيالك .

لأن الإرادة الإلهية إذا أرادت شيئا ، كان .

 وقدرتك المعبّر عنها بهمتك ، هي القدرة الإلهية الباطنة فيك .

فإن قلت : فما بال الأمر يكون لي في عالم الخيال ، ولا يكون لي في الظاهر ؟

قلنا لك: لأن الحق الذي هو عينك ،قد أنكرته ، وسميته باسم الخلقية، فهو باطن عينك.

 فلو كان ظاهرا لك عليك فعلت فى الظاهر ما تفعله في الباطن.

فلما كان هو الأمر عليه ، انفصلت الأشياء في باطنك ، لباطنك ، فلو عرفت نفسك موصوفهٔ ، وسرى حکم معرفتك أنك إياه ، من باطنك ، إلى ظاهرك ، لإنفعلت لك الأمور في الظاهر ، انفعالها في الباطن .

والطريق إلى ذلك ، أن تعلم قطعا ، أن إرادتك إرادة الله تعالى ، وقدرتك قدرته، ، فتشهد صورة علمك هذا ، في جميع أحوالك ، من أكل وشرب ، ونوم وسهر ، في جميع الأفعال والاقوال .

لا تغفل ، عن شهود صورة العلم ، في شيء منها ، على الدوام والاستمرار .

حتى يصير علمك تعين هذا الامر عينا ، ثم يتجلى فيه ، فيصير حقا .

 فليس بعد علم اليقين إلا عين اليقين ، وليس بعد عين اليقين إلا حق اليقين ، وبعد ذلك يتسع عليك الأمر ، المعنى ، قلت في قصيدة طويلة ؟

 افنيها حتي تضب من بعد ما   …..  أفنيت وجودي دائرا سيان

وتجردت عني وعنها وصفها    …..    ما لقيت عيني و العيان عياني

ولم يزل ينتقل من طور إلى طور ، ومن مرتبة إلى أخرى .

 حتى يسري في كل صفة واسم ، مستور فيه .

 في الطور الأول قبولا .

 وفي الطور الثاني شهودا .

 وفي الطور الثالث وجودا .

 وفي الطور الرابع سريانا .

 وفي الطور الخامس تحققا .

 وفي الطور السادس ممكنا .

 وفي الطور السابع فعلا  وإظهارا  للأثر .

وقد كشفت لك في هذه النبذة عن سر لم يزل أهل الله ، تغار من إفشائه.

 ولو لا أني أمرت بتسطيره ، في هذه الأوراق ، لما فعلت .

 والله يقول الحق ، وهو يهدي السبيل.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!