موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الثاني والأربعون منظر ستر الحال بالحال

كتاب المناظر الإلهية سيدي العارف بالله عبد الكريم الجيلي قدس الله سره

ستر الحال بحال، هو داب المحققين، وهم المسمون بالملامتية لا غيرهم.

يتلونون مع كل طائفة، بما يصلح أن تكون تلك الطائفة عليه.

وهم متمكنون في الحضرة الكمالية بما تقتضيه شؤون الذات الالهية.

فيتلبسون بملابس أحوال العوام معهم، ويعاملونهم بما يعامل بعضهم بعضا.

فلا يظهر على هياكلهم المظهرة اثر مما في بواطنهم بحال. فهم الأدباء الأمناء..

افة هذا المنظر:

هو النزول عن الحق الى الخلق بالحق. هذا المشهد، ولو كان من جملة الكمالات الانسانية، فليس هو من جملة الكمالات الرحمانية، وذلك هو المطلوب.

فالوقوف مع الكمالات الإنسانية حجاب، لأن الله بخلاف ذلك.

يعرفنا الكاشاني بالملامتية، فيقول:

« الامناء: هم الملامتية، وهم الذين لم يظهر على ظواهرهم مما في بواطنهم أثر البتة، وهم اعلا الطائفة. وتلامذتهم يتقلبون في اطوار الرجولية، وسمو بالملامتية لكونهم دائمی الملامة لأنفسهم.

فهم، مع انهم اعلى القوم علما وعملا، وحالا ومقاما - فانهم لا يرون انفسهم كذلك، فلهذا لا ينفكون عن الملامة لانفسهم وقد ذكر الشيخ في الفتوح المكي بابا في ذكر هذه الطائفة، وشرح فيه ما قد خصهم الله به من المقامات العلية والعلوم الالهية ». لطائف الأعلام، مادة الأمناء.

وانظر كذلك: اصطلاحات الصوفية لنفس المؤلف، وانظر تعليق المحقق على المادة. وانظر الكمشخانوى في نفس المادة. واخيرا انظر الدراسة الجيدة التي قدمها د. أبو العل عفيفي بعنوان ( الملامتية والصوفية واهل الفتوة )، مع نشر ( رسالة الملامتية ) للسلمي. القاهرة 1985.

وربما كان شاطحا أو مجذوبا. وهذا ما سيعرضه الجيلي في المنظر التالي ( التلامت ).

وانظر: تعريفات الجرجاني، مادة ( المحمية ).

ومن الواضح أن الجيلى هنا لم يأخذ بتعريفات الكاشاني و الكمشخانوى والجرجانی حرفيا، ولم يقف عند حدودها، بل اضاف اليها فكرة ( مداراة الخلق )،

ولعله في ذلك موافق لما أورده السلمي في رسالته عنهم من تعريفه بعضهم بقوله: « وأهل الملامة أظهروا للخلق ما يليق بهم من أنواع المعاملات والأخلاق، وما هو نتائج الطباع: وصانوا ما للحق عندهم من ودائعه المكنونة ». انظر: د. أبو العلا عفيفي: ( الملامتية والصوفية ) ص ۱۹.

فالجيلى إذن يعتبر أن الملامتي الكامل أو الأديب الأمين:

هو من يستر حاله مع الله، ويتلون مع طوائف الخلق بما يليق بكل طائفة من سلوك وأحوال.

أما من لا يتيسر له أحد الشرطين فهو ليس بملامتی.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!