موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الثاني منظر المراقبة

هو شهود العبد، بقلبه، لحضرة الحق تعالى، فتظهر له، حينئذ، حقارة نفسه، وعجزها، وصغرها، وذلها، تحت بروز عظمة الحق تعالى، وقوته، وکبریائه، وعزته ۰ فيأخذه الصعق فی هذا المشهد.

فإذا رجع عنه إلى نفسه، وجد عنده من العلوم: معرفة قدر الله تعالی، علی قدر قوة ماله من القابلية.

فتكون عنده من العلوم: معرفة عجز المخلوقين، و حقارتهم، ویفتح علیه من هذه المعانی بأنواع العلوم الذوقية.

وهذا المنظر تفصیل المنظر الذی قبله:

فإن الشاهد في ذلك المشهد الأول، لا يقع عنده من حضرة الحق إلا الإجمالي.

و فی هذا المشهد، يقع عنده تفصيل ذلك.. فمثل صاحب هذا المنظر المتقدم، مثل من علم أن ملك الروم موجود، وأنه فى حضرته، فيتصور ذلك أمر اجمالا.

ومثل صاحب هذا المشهد، مثل من يطلع على حال الملك، بين عساكره، وحشمه، فيتصور عنده من ضروريات هيبة الملك، ما يتصور، على قدر قوة القابلية.

آفة هذا المنظر:

هو ذهوله عن المتجلي في المنظر، بحال المنظر. فیشتغل بالمقام، عن صاحب المقام.

و ما ذاك إلا لأنه لا يرى الا المقام، والحضرة، لا صاحب الحضرة.

وسر ذلك: كون هذا المنظر، أثر عکس المنظر الإلهي، لا لنفسه.

فان الحضرة الإلهية يسطع نورها على سر العبد، فيقع خيال ذلك، وعكسه، فى قلبه، فل يشاهد إلا الخيال، والعكس، لا نفس الصورة.

و من هذا المنظر، ينتقل إلى ما بعده: وهو منظر التجلي على إطلاق ۰

ولا يصح له من هذا المنظر إلا رائحة مما فوقه.

وكل المناظر بهذه المثابة: لا تصح إلا بلمعات مما فوقها.

عرف عند الرزاق الکاشانی الصعق بأنه " في اصطلاح الطائفة عبارة عن الفناء عند التجلي الرباني ". لطائف الأعلام، ص 10.

وفى ( اصطلاحات الصوفية ) له كذلك يعرفه بأنه " هو الفناء في الحق بالتجلي الذاتي ". ص 140

كتاب المناظر الإلهية سيدي العارف بالله عبد الكريم الجيلي 


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!