موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الخامس منظر الوجود

يتجلى الحق تعالى فى هذا المنظر بأعيان المظاهر.

فيكون عين الظاهر، وعين المظهر، وهذا أول مجالى الصفة الواحدية ،

لا يشهد صاحب هذا المنظر، الشىء في العالم وجودا البتة.

فلا يبقى للحادثات عنده أثر.

وهذا المنظر، لا تعمل للعبد فيه، بل بمحض الجذبات الإلهية.

ومن ثم قال الجنيد، رحمه الله تعالى: " المحدث إذا قورن بالقديم لم يبق له آثار ". فأتى بصيغة " قورن " ليصرف فعل المقارنة الی الله تعالی.

تنبيها إلى أن ذلك راجع إلى الجذبات الإلهية.

فمتى كان للعبد فيه تعمل، فليس هو فى هذا المشهد.

وفی هذا المنظر ينفتح على الداخل فیه، علوم تنوعات التجلي ۰

ویکشف له عن العالم کله، تجلي فی تجلي، لیسی شیء غیر ذلك، ویکون عنده من العلوم: علم التحول فى الصور، وعلم توحيد الوجود، وعلم المقادير.

فلا يرى على أحد مما يصدر منه ،ويطلع في هذا المنظر على السر الذي عبدت به المخلوقات من دون الله۰

فلا يخطىء رای احد فی، بل یتصویب عنده جميع أعمال الثقلين من الانس والجن اجمعين ۰

وفی هذا المشهد، يطلع على السر الالهى، الذى یکون شافعا، لمن شاء الله تعالى، من عبدة الأوثان، والمشركين، وغيرهم من أهل النحل والملل الماضية - فيحصلون فى حقيقة الإيمان، قبل الموت، أو يعده، و يحشرون فى زمرة الموحدين، وهو

سر قوله تعالی:" قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)" سورة الزمر

.

آفة هذا المنظر:

تلك البقية التي بها يشهد الظاهر والمظهر، فنفسه، فى هذا المنظر، باقية على الأنانية، وهو لا يشعر.

ومن هذا المنظر ينتقل إلى تجلى الأفعال، فيذهب عن أنانيته ادعاء الفعل لا غير.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!