موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مراتب الوجود

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


المرتبة الثامنة عشر: الطبيعة المجردة

من مراتب الوجود ، هي الطبيعة المجردة على لباس الاستقصاءات والأركان التي خلق الله تعالى العالم فيها ، وهذه الطبيعة للاستقصات كالمداد للحروف الرقمية وكالصوت للحروف اللفظية ، ونعني بالاستقصات : الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، بحكم انفراد كل واحد منها عن الآخر ، وهذه الاستقصات للأركان كالطبيعة للاستقصات ، فالاستقصات جميعها موجودة في كل ركن من الأركان ، لكن النار يغلب فيها استقصان وهما : الحرارة واليبوسة ، والهواء يغلب عليه استقصان : وهما البرودة واليبوسة ، فمتى لبست الطبيعة صورة استقصى من الاستقصات لا يمكن خلعها ، ومتى لبست الاستقصات صورة ركن من الأركان لا يمكن خلعها ، ومتى لبست الأركان صورة من صور الموجودات العنصرية لا يمكن خلعها ، فيبقى ذلك الموجود موجوداً بعد فناء ظاهره في الطبيعة يشاهدها المكاشف عياناً كما كان يشاهدها الناس في الحس . وهذا الفلك الطبيعي واسع جداً خلق الله تعالى فيه الجنة والنار والمحشر والبرزخ وجميع ما في الدنيا وما هو قبل خلق الدنيا مما علمنا وما لا نعلمه من المخلوقات الطبيعية ، وظاهره المحسوس لنا اليوم هو العالم الدنياوي وباطنه الغائب عنا هو العالم الأخراوي ، وقابلية البطون والظهور هو البرزخ وهو عالم الخيال وعالم المثال ، وهو عالم السمسمة ، فنسخة الدنيا منك ظاهرك من الجوارح وغيرها ، ونسخة البرزخ منك خيالك ، ونسخة الآخرة منك العالم الروحي وهو باطنك ، وقد شرحنا أمر كونك نسخة للموجودات في كتابنا المسمى ( بقطب العجائب وفلك الغرائب ) . والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!