موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مراتب الوجود

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


المرتبة التاسعة عشر: الهيولى

من مراتب الوجود ، وهو الهيولى ، وهي حضرة التشكيل والتصوير تتولد هذه الصور منها كما تتولد الأمواج في البحر ، فإذا اقتضت الهيولى صورة من صور الوجود كان حتماً على الطبيعة إبرازها في العالم بالقدرة والإرادة الإلهية ، لأن الله تعالى جعل اقتضاء الهيولي سبباً لايجاد تلك الصورة كما جعل دعاء المضطر سبباً لإجابته تعالى ، فقال تعالى : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } ، فاقتضاء الصورة من الهيولي دعاء لسان الحال لوجود ما اضطرت إلى وجوده وهي الصورة التي تعينت في الهيولي ، وتقدير الحق على الطبيعة بايجاد تلك الصورة هي الإجابة الإلهية ، فالهيولي بالنسبة إلى الصورة والأشكال كالماء للأشجار يتغير بحسب كل شجرة وثمرتها ، قال الله تعالى : { يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ } ، فالماء أصل لجميع النباتات في ذواتها غير متميزة بعضها عن بعض بالفضل والطعم والقدر والقدرة والثمر والحسن والقبح إلى غير ذلك من الأمور التي تتميز بها الأشياء بالفضل بزيادة الحل والقيمة والنفع والطهارة واللطف ، فكما أن النباتات صور للماء كذلك الصور كلها صور حقيقة الهيولي ، وتمامها بتمام الصور وليس للصور آخر فليس لها نهاية ، فهي تحت الطبيعة لأن اقتضاءها إنما هو بحكم الطبيعة ، فافهم .


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!