موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مراتب الوجود

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


المرتبة العشرون: الهباء

من مراتب الوجود هي الهباء ، وهو مكان حكمي لا وجودي أوجد الله العالم فيه ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أول من سمى هذا الهباء الذي هو مكان العالم . قلت لك : أوليس الله قد خلق العالم والعالم بأجمعه اسم لما سواه ، فإن كان أوجده الله في نفسه كانت نفسه محلاً للحوادث تعالى عن ذلك ، وإن كان أوجده في مكان مخلوق كان ذلك المكان من جملة العالم ، فما بقي إلا أن نقول أوجده في مكان حكمي غير وجودي ، حتى يخرج ذلك المكان عن حد العالم ، ويخرج عن أن يكون ذات الحق تعالى ، فافهم . هذا وجه إثبات هذا الفلك الهبائي بطريق رأي العقلاء والنظر ، وأما عندنا فهو سبحانه أوجد العالم من عله إلى عينه وعلمه عينه وعينه ذاته ، والمراد من قولي أوجد العالم من علمه إلى عينه هو عبارة عن إضافة الحق تعالى نسبة الوجود إلى عينه ؛ لأن الموجودات بأسرها لم تزل ، موجودة له في علمه وعلمه على الحقيقة عينه وعينه علمه لأنه بذاته يعلم وبذاته يسمع وبذاته يبصر ، ولو قلت يسمع بسمع ويبصر ببصر ويعلم بعلم .قلنا إن ذلك العلم والسمع والبصر عين ذاته لا غيرها ، فوجود العالم في الظاهر الكوني إيجاده لهم في بصره ، وهو عبارة عن إضافته تعالى نسبة وجودهم إلى بصره ، وهم قبل ذلك وبعده موجودون في علمه غير مفارقين للعلم حال إضافة نسبتهم إلى عينه ، وغير مفارقين لعينه حال إضافة نسبة وجودهم إلى علمه ، لأن عينه قراء علمه فلا يغيب عن شيء لكن إضافة نسبة الحق لهم إلى عينه أكسبهم الإيجاد العيني ، فلو رفع عنهم هذه الإضافة لعدم العالم بأجمعه ، فالعالم محفوظ بنظر الله تعالى إليه . وقد بينا ذلك بأوضح من هذا البيان في كتابنا ( القاموس الأعظم والناموس الأقدم ) ، فلنختصر على هذا القدر في هذا الكتاب .


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!