المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
المهيمن
المهيمن هو الشّاهد العدل على كلّ ما في ملكه ولديه بكلّ ماله وعليه، وهو الّذي يعلم السرّ والنّجوى، ويسمع الشّكر والشّكوى، ويدفع الضّرّ والبلوى، فمن شهد هذا المشهد راعى حاله، وحفظ أوقاته، وعدّ أنفاسه .
اعلم أنّ الحقوق دائرة بين المراتب الحقّيّة والخلقيّة، فما من عين من أعيان مراتب الوجود إلا له حقّ وعليه حقّ ، وكلّ صاحب حقّ لا بدّ أن يكون ناظرا في حقّه، شاهدا زيادته ونقصانه، فلله حقوق على عباده بما يستحقّ جناب عزّه من التّعظيم والامتثال ، ولعباده حقوق على كرمه بما أوجبه على نفسه، فالّذي للحقّ على عباده هو الإمتثال عند الأوامر والنّواهيّ في الطاعات، والّذي لديه هو حصول الدّرجات، فما لله ذاتيّ، وما للعبد وضعيّ .
قال اللّه تعالى: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ .
وافترق القائلون فيما للعبد :
منهم من قال: امتنان من الحقّ لما يقتضي جنابه تعالى من التّنزيه عن أن يجب عليه شي ء
ومنهم من قال: أنّه حقّ العبد لقوله تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وهو أعلم بنفسه، وأنّه تعالى أدخل نفسه تحت الأحكام الّذي شرعها لعباده، قال تعالى في الحظر: «حرّمت الظّلم على نفسي »، وقال في الكراهة: «و أكره مسائته» وَ لَ ا يَرْضى لِعِبَ ادِهِ الْكُفْرَ وقال في الإجابة : إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ، وفي النّدب وَ مَ ا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ
فلن تكفروه، فوصف نفسه بكلّ ما وصفه عباده، ليكون الأمر منه إليه ، لإنعكاسه ودوره بين الرّبّ والمربوب كما ثبت عند أهل الكشف، فالشّهادة من الطّريقين رتبة المحصول، له من وجه وعليه من وجه، فكلّ عين شاهد بوجدانه على كمال الموجد، وهو شاهد على الكلّ بالإيجاد، فعين الحاصل هو عين الشّاهد، لإتّصال العكس وقيامه بالحقيقة .