المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
العزيز
العزيز هو الغالب الّذي لا يغلب ولا يعجز، والخطير الّذي لا يوجد مثله، ولا يعرف كنهه، ويشتدّ الحاجة إليه، ويصعب الوصول إليه، بل لا يصل إليه إلّا به، فمن لاحظ عزّ الحقّ وسلطانه صغر الخلق في عينه، ولا يجري عليه سلطان غيره، قال اللّه تعالى: وَ لِلَّ هِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ .
فهي للّه ذاتيّة، ولرسوله به ، وللمؤمنين بهما، وفي ذكر المؤمنين رائحة العموم، وهو قوله تعالى: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَ اطِلِ وَ كَفَرُوا بِاللَّ هِ .
وفي هذا إشارة إلى شمول سريان العزّة، لأنّ المنع من خصائص العزّة، فكما أنّ المؤمن بالعزّة يمتنع أن يؤثّر فيه الدّاعي المخالف الّذي يدعوه إلى الكفر، كذلك الكافر بالعزّة يمتنع أن يؤثّر فيه الدّاعي الّذي يدعوه إلى الإيمان، فالعزّة هي الحصن المنيع للإرادة، وهي الهوا، فإنّه ما اتّبع من اتّبع إلّا بحكمها، غير أنّه اختصّ اسم الهوى بما ذمّ وقوعه من العبد شرعا .
ومن علامة تصحيح السائر في هذا المقام أن لا يؤثّر فيه أثر الغير أصلا .
فإن قيل: لا أعزّ من نفس الحقّ، وقد أخبر عزّ نفسه أنّه يجيب الدّاعيّ بقوله تعالى: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّ اعِ إِذَ ا دَعَ انِ .
والإجابة لا يكون إلّا من تأثير دعوة الدّاعيّ في نفس المجيب .
فاعلم أنّه تعالى أمر عباده أن يدعوه، قال جلّت عظمته: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فما أمرهم بالدّعاء إلّا لإرادته بإجابته لهم، فما أثّر فيه إلّا إرادته، وحظّ كلّ شي ء من هذه الحضرة خصوصيته الّتي بها يتميّز عن شي ء آخر، فالتّميّز المانع أن يكون غير ذلك الشّي ء عينه هو حماه، المسمّى بعزّ .