المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
الواجد
لما طلب، مشتقّ من الوجد، ومعناه الغنيّ الّذي استغنى عن الكلّ، ولا يستغني عنه الكلّ، فلا يفوته هارب، ولا يلحقه طالب .
اعلم أنّ ظهور آثار هذا الإسم يغلب في الخصوص، وذلك أنّه تعالى كما يجد نفوذ أمره وبلوغ حكمه في كلّ شي ء، كذلك العارفون يجدونه ويرونه في كلّ شي ء مع أحديّة عين الوجود بلا تميّز، كما يشاهد أحديّة عين زيد، فيقدّر أنّه لو لم يكن في الوجود إلّا هو لم يتميّز عن شي ء، لأنّه ما ثمّ شي ء غيره، لكنّ مراتب أجزائه وأعضائه متميّزة عن صدره، وأذنه عن عينه، وكذا كلّ قوّة من قواه الباطنة مختصّة بحكم ليس للأخرى ذلك الحكم، فتميّزت الصّور في عين وحدة لا يتميّز فيها، فكذلك مراتب أعيان الممكنات للوجود المطلق كالأعضاء للواحد من الممكنات: لَوْ كَ انَ فِيهِمَ ا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّ هُ لَفَسَدَتَ ا ، وليس عين من أعيان النسب الّذي عبّر عنه الشّارع بالأسماء إلّا وله معنى ليس للآخر، وذلك المعنى منسوب إلى ذات الحقّ، وهو المسمّى صفة عند أهل الكلام، ونسبة عند المحقّقين من أهل التّصوّف، والنّسب متميّزة بعضها عن بعض، فأين الرّحيم من القهّار، وأين الكلام من الحياة، والنّسب حقائق معقولة غير وجوديّة ، والذّات واحدة العين لا يتكثّر بها ، فإنّ الشّي ء لا يتكثّر إلّا بالأعيان الوجوديّة، لا بأحكام الإضافات والنّسب، والحقّ تعالى كبريائه في أحديّة ذاته المقدّسة متنزّه عن التّغيّر والتّكثّر مع وجدان كثرة أحكام الأسماء والصّفات، ومن المحال أن يطلب الواجد أمرا ما ولم يحصل، وما يتوهّم أهل الحجاب من خطابة الكفّار بالإيمان ممّن لا يؤمن، فعند المحقّق أنّ المانع من إيمانهم إنّما كان منه تعالى، إذ لم يعطهم التّوفيق، فلو قال للإيمان كن في محالّهم لكان الإيمان في محلّ المأمور به، ولكنّ ما تعلّقت إرادة الواجد إلّا بمجرّد الأمر بتكوين الإيمان في عين الكافر، وقد وجد المراد .