المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
شرح الأسماء الحسنى
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
القدّوس
القدّوس هو المطهّر المنزّه عن كلّ ما وصف به، الّذي قدّس نفوس الأبرار عن أدناس المعاصي، وأخذ الأشرار بالأقدام والنّواصيّ، وكلا الأمرين من آثار أحكام قدسه ونزاهته لمن تدبّر الأمر وفهم .
اعلم أنّ الطّهارة والنّزاهة متردّدة بين مرتبتين الإطلاق والتّقييد، حاكمة على كلّ عين من الأعيان، ظاهرة في مظاهرها، يشهد أرباب الشّهود آثارها بحسب درجاتهم في الكشف، فإنّ من أهل اللّه من يشاهد هويّة الحقّ في
مظاهر الممكنات، فيشهد التّقديس لها بوجود الحقّ وظهوره في أعيانها، وتقديسها به عمّا كان يختصّ بها وينسب إليها من الإحتمالات الإمكانيّة والتّغيّرات الحدوثيّة والظّلمات التّقييديّة، ويرى الأمر واحدا بتجلّيّه في الأعيان القابلة الكثيرة على أنّ كلا من أعيانها في أحديّتها لا يتغيّر عينه الوجوديّة، وإنّما يظهر بعضها لبعض ويخفى بعضها عن بعض بحسب قابليّتها وخصوصيّتها، فكلّ عين في خصوصيته وقابليّته لشؤون التجلّيات مقدّس عن خصوصيّة عين آخر [أخرى ] .
ومن أهل الكشف من يشهد الحقّ عين المظهر، ويرى أحكام أعيان الممكنات ظاهرة في مرآة وجود الحقّ، فيعود التّقديس في هذا الشّهود إلى ذات الحقّ عمّا ظهر من تغيير أحكام الممكنات في عين الحقّ، فيشهد الحقّ مقدّسا قدّوسا عن التّغيير في ذاته بتغيّر هذه الأحكام، كتنزّه نور الشّمس عن الإنصباغ عند وقوعه على الزّجاجات المختلفة الألوان مع شهود الحسّ النّور متلوّنا ، وكذلك ظهور الملك تارة في صورة البشر، وتارة الذّر ، وتارة بحيث يسدّ الأفق، لتنوّع الصّور عليه بحسب ما يقتضي حال المدرك، وهو في ذاته الملكيّة منزّه عن التّغيير .