موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

شرح الأسماء الحسنى

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

الوالي المتعالي

 

 


الوالي الحاكم الّذي حكم فعدل، وأعطى فأفضل، قدّم من شاء بفضله، وأخّر من شاء بعدله، المتعالي على من أراد علوّا في الأرض وادّعى ما ليس له، فالمتعالي من العليّ كالمتكبّر من الكبير .

اعلم أنّ الوالي هو الإمام الحاكم المنصوب للولاية، ولهذا المنصب مراتب غير متناهية :

فأعلاها الإمامة الكبرى والولاية العظمى لمن : بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ ءٍ .

وأدناها ولاية العبد على رعايا جوارحه وقواه .

وبينهما درجات غير محصورة، فملك كلّ وال يتّسع ويضيق بحسب ما يقتضي حاله، والسّعيد المسدّد من الأئمة والولاة من راقب أحوال مملكته مع الأنفاس، وعرف قدر ما ولّاه اللّه عليه، وسارع لأداء حقوق الرّعايا بالعدل والإحسان، فإن شغله عن ذلك التّمتّع باللّذات ونيل الشّهوات فقد عزل نفسه بفعله، وحرّمه الحقّ عن مرتبة الولاية والسّيادة، ونزل به الخيبة والعذاب والحسرة والنّدامة حيث لم ينفعه، فما من إنسان إلّا وله مرتبة المملوكيّة من وجه ومرتبة المالكيّة من وجه: وَ رَفَعْنَ ا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَ اتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا .

والولاية المطلقة المحيطة للحقّ عزّ شأنه الرّفيع الدّرجات، وأكمل مراتب الولاية في هذا النّوع الإنسانيّ من والى بين الأسماء الإلهيّة بالتّخلّق والاتّصاف على طريقة أهل الحقّ، بمحافظة الحدود والآداب عند شهود أحكامها ووجود آثارها، بتزكية النّفس وتصفية القلب وتجلية الرّوح في تصاريف شؤونها، وظهور نتائجها، وبروز كمالاتها .

وشأن الوالي لا يكون أبدا إلّا في الخير، وإن كان الأمر في صورة البلاء والشّرّ، لكونه عقوبة ونكالا إلّا في إقامة الحدود، فإنّ ذلك خير من حيث أنّه تطهير ، ولذلك كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول : « الخير كلّه بيديك والشّرّ ليس إليك» ، ولمّا كان العلوّ والتّكبّر والزّهو والفخر من لوازم هذه المرتبة، وهذه الصّفات هي الدّاء العضال، أنزل الحقّ لهذا الدّاء دواء شافيا وهو أمره بالسّجود للكعبة، فمن دوام منهم شرب هذا الدّواء مع الإحتماء برئ من علّته، وعلم أنّ زمام أمره بيد الوالي الحكيم الّذي يفعل ما يريد [ه ] المحسن، فهو البرّ بإحسانه ونعمه وآلائه الّتي أنعم بها على خلقه، لافتقارهم إلى ذلك، ومن عموم برّه وإحسانه وشمول رحمة امتنانه أخرج الممكنات من ظلمة العدم، وأكساهم خلع الوجود، ثمّ سرى في أعيان مراتب الكون، ولو لا ذلك ما شقي ولد والد بولده ، وأكثر الخلق رحمة أقربهم إلى الرّحمان، وإنّ اللّه تعالى يسرع بالبرّ والرّحمة إلى الرّحماء من عباده بخلقه، فبرحمتهم خلق اللّه رحمهم اللّه، لأنّ أعمالهم تردّ عليهم، والإحسان أيضا هو الحضور مع الحقّ، وهو أبرّ البرّ لقوله عليه السّلام: «الإحسان أن تعبد اللّه كأنّك تراه »، وهو الحضور، فإنّ العبد إذ جعل في نفسه أنّه يرى ربّه أو يراه ربّه في أعمال له انفتحت بصيرته بنور المشاهدة، فيرى العامل هويّة الحقّ لا هويّته، والعبد محلّ لظهور ذلك

العمل، فالإحسان روح الأعمال، ولا حياة للعمل إلّا بالحضور، ولها دوام البقاء إذا أكساها صاحبها حلّة الحضور، فلم يزل يستغفر لصاحبها وإن كان العمل معصية، فما من مؤمن يعصى إلّا ويجد نفسه ذلك ذلّ المعصية، لعلمه بأنّها معصية، وأيّ حضور أشرف من الحضور العلميّ، ولا بدّ أن يبدّل هذا الرّوح العلميّ سيّئة المعصية حسنة، وإن لم ينفخ العبد روح الحضور في عمله فلا يضيّعه الحقّ، لأنّه خلق من خلقه ولا بدّ أن ينفخ فيها روحا إلهيّا يسبح بحمده، وإذا كان النّفخ من العبد يسبّح بحمده ويستغفر للعبد ، وبهذا تميّز العملين .

واعلم أنّ صورة الحضور الإحسانيّة تتنوّع بتنوّع المواطن والإعتقادات والأحوال من المواطن، فلكلّ عبد حال، ولكلّ حال موطن بحسب حاله، يقول في الحقّ ما يجده في عقله، وبحسب ذلك الحال يتجلّى له الحقّ في صورة اعتقاده، والحقّ وراء ذلك، فينكر تارة، ويعرف تارة، ولا يتخلّص من حجاب الأفكار إلّا المحسن الكامل الّذي عمّ شهوده في المشاهد، ودام حضوره في المواقف والمظاهر .



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!