موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

خاتمة وهداية جامعة

 

 


اعلم، أنّ الاستقامة والاعوجاج في الطرق هما بحسب الغايات المقصودة، والغايات أعلام المبالغ والكمالات النسبيّة المسمّاة مقامات أو منازل ودرجات. وهي ـ أعني الغايات ـ تتعيّن بالبدايات، وبين البدايات والغايات تتعيّن الطرق التي هي في التحقيق أحكام مرتبة البداية التي منها يقع الشروع في السير الذي هو عبارة عن تلبّس السائر بتلك الأحكام والأحوال المختصّة بالبداية والغاية، جذبا ودفعا، وأخذا وتركا، فانصباغه بحكم بعد حكم، وانتقاله من حالة إلى حالة ـ مع توحّد عزيمته وجمع همّه على مطلوبه الذي هو قبلة توجّهه وغاية مبتغاه، واتّصال حكم قصده وطلبه بوجهته دون فترة ولا انقطاع ـ هو سلوكه ومشيّة هكذا، حتى يتلبس بكلّ ما يناسبه من الأحوال والأحكام، ويستوفيها، فإذا انتهى إلى الغاية هي وجهة مقصده، فقد استوفى تلك الأحوال والأحكام من حيث تلبّسه بها وتكيّفه بحسبها، ثم يستأنف أمرا آخر هكذا، حتى ينتهي إلى الكمال الحقيقي الذي أهلّ له ذلك السائر كائنا من كان.

ثم نقول : البدايات تتعيّن بأوّليّات التوجّهات، والتوجّهات تعيّنها البواعث المحرّكة للطلب والسلوك في الطرق، والطرق إلى معرفة كلّ شيء بحسب وجوه التعرّف المثيرة للبواعث، والبواعث تتعيّن بحسب حكم إرادة المنبعث ؛ فإنّ بواعث كلّ أحد أحكام إرادته، وشأن الإرادة إظهار التخصيص السابق تعيّن صورته ومرتبته في العلم، والعلم في نفس الأمر هو نور الحقّ الذاتي. وعلم الكمّل بالنسبة إلى الكمّل ومن شاء الله من الأفراد حصّة

من علمه سبحانه ؛ فإنّ من عرف الأشياء بالله وحده، فله نصيب من علم الله ؛ لأنّه علم الأشياء ـ التي شاء الحقّ أن يعلمها ـ بما علمها به الله. والتنبيه على ذلك في الكتاب العزيز قوله : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) وفي الحديث «فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يعقل» فافهم واستحضر ما نبّهنا عليه منذ قريب في سرّ الاهتداء، وتذكّره كلّيّا أوّليّا إليّا أزليّا، والحظ مبدئيّة الأشياء من الحقّ باعتبار تعيّنها في علمه، ثم بروزها بالإرادة، وقوله آخرا : (وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)، وارق وانظر وتنزّه ولا تنطق، وأمعن التأمّل في قوله : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تعلم ما نريد ـ إن شاء الله تعالى

ثم نرجع إلى إتمام هذه القاعدة الكلّيّة الدوريّة. فنقول :

والبواعث وإن كانت تتعيّن بالعلم إلى منتهى الدائرة كما بيّنّا فقد تتعيّن أيضا بالنسبة إلى البعض بحسب فهمه أو شعوره أو تذكّره أو حضوره عن استحضار أو دون استحضار.

والحضور كيفما كان عبارة عن استجلاء المعلوم الذي هو عبارة عن صور تعقّلات العالم نفسه في علمه، بحسب كلّ حالة من أحواله الذاتيّة، واستجلائه ذاته من حيث هي، أعني من حيث أحواله.

والتذكّر والشعور والحضور والفهم سبب للانجذاب إلى ما دعت إليه ألسن الدعاة، ومحدث صفة الإجابة، وقوّة الجذب، وأثر الدعاء بحسب ما من الداعي في المدعوّ والجاذب من المجذوب، وبالعكس أيضا.

والإجابة والانجذاب ممّن هما صفتاه بحسب قوّة المناسبة والشعور، وغلبة حكم ما به الاتّحاد والاشتراك على ما به الامتياز.

وحاصل جميع ذلك تكميل كلّ بجزء، وإلحاق فرع بأصل، ليظهر ويتحقّق كلّ فرد من أفراد مجموع الأمر كلّه بصورة الجمع وحكمه ووصفه، والمنتهى ـ بعد صيرورة الفروع

أصولا بالتفسير المذكور، وظهور الواحد في تنوّعات أحوال ذاته أشخاصا وأنواعا وأجناسا وفصولا ـ زوال عين الأغيار، مع بقاء التمييز والاختلاف على الدوام والاستمرار، وهذا سرّ لا إله إلّا الله المشروع، فافهم وأظنّ أنّك لا تكاد تفهم.

ثم أقول : والحضور المذكور المعرّف المعيّن بالعلم صور البواعث، وحكمه استجلاء المعلوم لا يتأخّر عنه الاستجلاء، سواء تعلّق العلم بالمعلوم حال الاستحضار أو كان معلوما من قبل، لكن منع من دوام ملاحظته غفلة أو ذهول عنه بغيره ؛ لإنّ حكم كلّ واحد من الحضور والغيبة لا يعمّ، بل لا بدّ للإنسان في كلّ حال من حضور مع كذا، أو غفلة عن كذا، ولا يظهر حكمهما إلّا بالنسبة والإضافة وهكذا الأمر في المبادئ والغايات إنّما تتعيّنان ـ كما قلنا ـ بحسب قصد القاصدين، وأوّليّات بواعث السائرين، وإلّا فكلّ غاية بداية لغاية أخرى هذه بدايتها، فأقوم الصراطات بالنسبة إلى كلّ قاصد غاية مّا يتوخّاها ويقصد التوجه إليها هو الصراط الأسدّ، الأسلم من الشواغب والآفات، الأقرب إلى تلك الغاية المقصودة له، أيّة غاية كانت، وكلّ صراط لا يكون كذلك، فهو عنده بالإضافة إلى الصراط المذكور معوّج غير مستقيم.

فظهر أنّ الاستقامة والاعوجاج أيضا، يتعيّنان بالمقاصد، فالأمر فيهما ـ كما في سواهما ـ راجع إلى النسب والإضافات فافهم، فقد أبنت لك الحقائق الأصليّة، والأسرار العليّة الإلهيّة منتظمة محصورة في أوجز عبارة، وألطف إيماء وإشارة، والله المرشد.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!