موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

أدوات توصيل المعلومات

 

 


وإذ قد ذكرنا من أسرار الكلام وأحكامه وصفاته ولوازمه ما قدّر لنا ذكره، فلنذكر ما تبقى من ذلك، ولنبدأ بتعريف أدوات توصيل ما في النفس إلى المخاطب، فنقول : أدوات توصيل ما في النفس من معنى الكلام المقصود تعريف المخاطب به ثلاثة أقسام :

أوّلها : الحركة المعنويّة النفسانية المنبعثة لإبراز ما في النفس من المعاني المجرّدة المدركة بالتصوّر البسيط.

ويلي ذلك استحضار صور المعاني والكلمات في الذهن، وهذه الحركة المشار إليها هي حكم الإرادة المتعلّقة بالمراد طلبا لإبرازه.

والثالث : الحروف والكلمات الظاهرة باللفظ والكتابة، أو ما يقوم مقامها من النقرات والإشارة بالأعضاء بواسطة آلات وبدونها.

والمراتب التي تمرّ عليها هذه الأحكام الثلاثة هي مراتب التصوّرات المذكورة، وهذا من حكم التربيع التابع للتثليث، وسيأتيك خبره.

وإذ قد وضح هذا، فاعلم أنّ الحقّ قد جعل الكلام في بعض المراتب والأحيان في حقّ من شاء من عباده طريقا موصلا إلى العلم، كغيره من الأسباب المعقولة والمشهودة، نحو التراكيب والتشكيلات والصفات والمظاهر المعيّنة للحقائق الغيبيّة في الشهادة والمعرفة لها، كما جعل الحروف والكلمات عند انضمام بعضها إلى بعض بحدوث النسبة التركيبيّة والحكم الجمعي طريقا إلى معرفة معنى الكلام المجرّد الوحداني، وكلّ ما تدلّ عليه تلك الكلمات، كما جعل الحواسّ والمحسوسات وغيرها طريقا إلى نيل العلم ؛ إذ لحصول العلم

طرق كثيرة عند المستفيدين من الوسائط والأسباب.

ومن الأمور ما سبق العلم الإلهي أنّها لا تنال إلّا من طريق الحواسّ مثلا أو غيرها من الطرق، لكن إذا شاء الحقّ أن يعلمها أحد من عباده ـ المكرّمين، المحقّقين، المتحقّقين بمعرفته ـ دون واسطة ؛ لعلمه سبحانه أنّ هممهم قد خرقت حجب الكون وأنفت الأخذ عن سواه، تجلّى لهم في مرتبة ذلك الطريق الحسّي أو ما كان، ثم أفادهم ما أحبّ تعليمه إيّاهم، فاستفادوا ذلك العلم منه سبحانه دون واسطة، مع بقاء الخاصّيّة التي حكم بها العلم السابق على حالها ؛ إذ ما سبق به العلم لا يقبل التبديل.

ومن عباد الله من يحصل لنفسه في بعض الأحيان عند هبوب النفحات الجوديّة الإلهيّة أحوال توجب لها الإعراض عمّا سوى الحقّ، والإقبال بوجوه قلوبها ـ بعد التفريغ التامّ ـ على حضرة الغيب الإلهي المطلق، في أسرع من لمح البصر، فتدرك من الأسرار الإلهيّة والكونيّة ما شاء الحقّ.

وقد تعرف تلك النفس هذه المراتب والتفاصيل أو بعضها، وقد لا تعرف مع تحقّقها بما حصل لها من العلم.

ولمّا كان كلّ متعيّن من الأسماء والصفات وغيرهما حجابا على أصله الذي لا يتعيّن ولا يتميّز إلّا بمعيّن، وكان الكلام من جملة الصفات، فهو حجاب على المتكلّم من حيث نسبة علمه الذاتي، فالكلام المنسوب إلى الحقّ هو التجلّي الإلهي من غيبه وحضرة علمه في العماء الذي هو النفس الرحماني، ومنزل تعيّن سائر المراتب والحقائق، فيتعيّن حكم هذا التجلّي بالتوجّه الإرادي للإيجاد أو للخطاب من حيث مظهر المرتبة والاسم الذي يقتضي أن ينسب إليه النفس والقول الإيجادي، فيظهر نسبة الاسم «المتكلّم» ثم يسري الحكم المذكور من المقام النفسي الرحماني المشار إليه الذي هو حضرة الأسماء إلى المخاطب بالتخصيص الإرادي والقبول الاستعدادي الكوني، فيظهر سرّ ذلك التجلّي الكلامي في كلّ مدرك له وسامع حيث ما اقتضاه حكم الإرادة مع انصباغه بحكم حال من ورد عليه، وما مرّ به من المراتب والأحكام الوقتيّة والموطنيّة وغيرهما ممّا تقرّر من قبل ،

هذا إن اقتضى الأمر الإلهي مروره على سلسلة الترتيب وما فيه من الحضرات، وإذا وصل من الوجه الخاصّ الذي لا واسطة فيه، فلا ينصبغ إلّا بحكم حال من ورد عليه ووقته وموطنه ومقامه لا غير.

والكلام في كلّ مرتبة لا يكون إلّا بتوسّط حجاب بين المخاطب والمخاطب، كما أخبر سبحانه في كتابه العزيز، ولذلك الحجاب مرتبة الرسالة بالنسبة إلى من هو محلّ ذلك الحجاب، والحجب والوسائط تقلّ وتكثر، وأقلّها أن يبقى حجاب واحد وهو نسبة المخاطبة بين المخاطبين، فالحروف والكلمات المنظومة الظاهرة رسل وحجب للكلمات والحروف الذهنيّة، والذهنيّة رسل وحجب للحروف المعقولة، والحروف المعقولة تتضمّن رسالة معنى الكلام الوحداني، ثم الكلام الوحداني يتضمّن رسالة المتكلّم به من حيث نسبة ما تكلّم به، ثم المفهوم من المتكلّم به يتضمن مراد المتكلّم من حيث الأمر الخاصّ المفهوم من كلامه، ثم الاطّلاع على ذلك الأمر الخاصّ يفيد معرفة الباعث على صدور ذلك الكلام من المخاطب، إلى المخاطب، وهذا هو سرّ الإرادة الذي تنتشي منه صفة الكلام من كونه كلاما، وفوقه مرتبة العلم الذاتي المحيط. وبالغايات وأحكامها يعرف سرّ أوّليات البواعث والمقاصد وعللها وأسرارها ؛ لأنّ الخواتم عين السوابق خفيت بين طرفي البداية والغاية للمزج وتداخل الأحكام وغير ذلك ممّا لا يقتضي الحال ذكره هنا، وتظهر الغلبة في آخر الأمر للأوّل وسنومئ في آخر الكتاب في فصل «خواتم الفواتح» إلى بعض أسرار هذا المقام إن شاء الله تعالى.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!