المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
وصل من هذا الأصل
اعلم، أنّه لا يظهر من الغيب المطلق إلى الشهادة أمر مّا، سواء كان من الحقائق الأسمائيّة أو الصفاتيّة أو الأعيان الكونيّة المجرّدة إلّا بنسبة الاجتماع التابع لحكم حضرة الجمع المختصّ بالحدّ الفاصل الآتي حديثه. وحكم حضرة الجمع سار بالأحديّة من الغيب في الأشياء كلّها، معقولها ومحسوسها.
ويتعيّن ذلك الاجتماع من حيث العموم بين الإرادة الكلّيّة الإلهيّة أوّلا، ثم الطلب والقبول الاستعدادي من الأعيان الممكنة ثانيا، ومن حيث الخصوص بين نسب الإرادة المطلقة من حيث مرتبة كلّ فرد فرد من أفراد الأسماء والصفات وكلّ عين من الأعيان الممكنة الكامنة قبل ظهور حكم الجمع والتركيب بعضها مع بعض. والظاهرة بواسطتهما بعضها لبعض، فافهم.
والمتعيّن والمراد من حيث بعض الأسماء والصفات والمراتب بكلّ اجتماع واقع بين كلّ اجتماع حقيقتين فصاعدا هو ما حدث ظهوره في الوجود الخارجي من الأمور الجزئيّة والصور والتشكّلات والأحوال الشخصيّة ونحو ذلك.
وهكذا الأمر في الكلام الجزئي المركّب من الحروف الإنسانيّة، لا يحصل الأثر والفائدة إلّا بالمركّب من حرفين فصاعدا، أو الاسمين، أو الاسم مع الفعل، كما سنلوّح لك بسرّه.
وهكذا العمل بالحروف من جهة الروحانيّة والتصريف لا يحصل الأثر إلّا بحرفين
فصاعدا، والحرف الواحد عند العلماء به لا يؤثّر، ومن جوّز تأثير الحرف الواحد كشيخنا وإمامنا رضى عنه الله، فإنّه اعتبر الحرف المشخّص في الذهن مضافا إلى الحرف الظاهر في اللفظ أو الكتابة، هذا قوله لي مشافهة رضى عنه الله، فهما إذا حرفان، فلم يحصل الأثر بالحرف الواحد أصلا باتّفاق المحقّقين.
وأمّا ما ذكره أهل العربيّة في باب الأثر المعهود في «ش» و «ق» و «ع» فأجيب عنه بأنّ الأصل حرفان وحصل الاكتفاء بالحرف الواحد عند سقوط أحدهما بسبب الأمر، رعاية للأصل، وثقة بفهم السامع مراد المتكلّم، فالفهم المعتضد بالقرينة أو المعرّف بالأصل ناب مناب الحرف الساقط، ولو لا ذلك لم يحصل الأثر كما مرّ بيانه.
والكلام ـ كما قلنا ـ هو تأثير من المتكلّم في المخاطب بقوّة تابعة لإرادته المتعلّقة بإيصال ما في نفسه وإبرازه إلى المخاطب.
وهكذا لأمر في إيجاد الحقّ الأعيان الممكنة التي هي كلماته وحروفه وإظهاره لها من نفسه بالحركة الغيبيّة الحبّيّة المعبّر عنها بالتوجّه الإرادي الظاهر حكمه بواسطة جمع الأعيان بالوجود الواحد الشامل لها، وتركيبها ؛ ليعرف سبحانه وليظهر حكم صفاته وأسمائه وكماله، كما ستعلم بيانه عن قريب إن شاء الله تعالى.
nbkuhZJSGVI