موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

قاعدة كلّيّة

 

 


تتضمّن سرّ الأسماء وأسماء الأسماء ومراتبها وكمالاتها والطلب المنسوب إليها المتعلّق بتحصيل ما فيه كمالها، وفائدة التسمية، والأسماء وما بينهما من التفاوت، وغير ذلك من الأسرار التي ستعرفها حين التأمّل، ـ إن شاء الله تعالى

اعلم، أنّ الأسماء والحقائق ـ كما بيّنّا ـ بعضها أصلي متبوع، وبعضها تابع تفصيلي، كالأجزاء والفروع والصفات واللوازم، وإن لم تكن في حضرة الأسماء تجزئة ولا انقسام.

فالمتبوعة كأسماء الأعلام في العموم، نحو قولك : شمس، ونور، وكأسماء الصفات للصفات، مثل لفظ العلم لمعنى العلم، دون إضافته إلى الموصوف به المسمّى عالما.

والتابعة كالصفات والأفعال، فالصفات كالأحمر للمصوف بالحمرة، والحيّ للموصوف بالحياة ونحو ذلك. وأسماء الأفعال كالباعث والغافر ونحوهما.

ولمّا كان الفعل يدلّ على الفاعل، والنسبة والإضافة على الأمرين اللذين بهما ظهر عين تلك النسبة والإضافة، لذلك انقسمت الأسماء من وجه إلى هذه الثلاثة الأقسام، وقد سبق لنا فيها تنبيهات يكتفي بها اللبيب، أحدها عند الكلام على التراكيب الستّة، وقبل ذلك أيضا، وآخرها عند الكلام على النفس الرحماني والحروف في القاعدة المتقدّمة على هذه القاعدة، وسنزيد في بيان أسرارها ما ييسّر الحقّ ذكره ـ إن شاء الله تعالى ـ.

ثم نقول : فصار لكلّ قسم من هذه الأقسام الثلاثة دلالة على الحقّ من حيث إنّ الدالّ على الدالّ على الشيء دالّ عليه، وصارت الدلالة على نوعين : دلالة بوسط ودلالة بغير

وسط، فالتي بالوسط دلالة التزام وتبعيّة، والتي بغير وسط دلالة مطابقة، والاستدلال يحصل بالأسماء التابعة التي قدّمنا أنّها كالصفات والأجزاء على الحقائق الأصليّة المتبوعة، بنحو ما نبّهت عليه في سرّ الشكل والتشكّل والمتشكّل.

وبتلك الأسماء الأصليّة ومنها تظهر أعيان التوابع التفصيليّة، وللتابعة حكمان : الدلالة، والتعريف بنفسها وأصلها ومراتبها، وتختصّ المتبوعة بكونها أصلا في وجود التوابع وفي إظهار سرّ كونها دلالة ومعرفة كما مرّ.

فكلّ تميّز وتعدّد يعقل ـ بحيث يعلم منه حقيقة الأمر المتميّز بذلك التميّز من حيث ذلك التميّز، ولزوم التعدّد له، وكونه شرطا في معرفة الأصل الذي هو منشأ التعدّد ومنبع التميّز، وأنّ ذلك الأصل له التقدّم بالمرتبة على التعدّد والتميّز فهو اسم ؛ لأنّه علامة على الأصل الذي لا يمكن تعيّنه بدون المميّز والتميّز، والتعدّد والتميّز حكمان لازمان للاسم، واللفظ الدالّ على المعنى المميّز الدالّ على الأصل هو اسم الاسم.

وأمّا سبب تنوّعات الاسم فهو الكثرة الناشئة بسبب اختلاف الصفات والخواصّ والعوارض واللوازم والوجوه والاعتبارات الناتجة من تنوّعات الاجتماعات الواقعة في المراتب المختلفة للحقائق بحكم الكيفيّات والتراكيب الظاهرة بالاستعدادات المتفاوتة، وسرّ الأمر الأحدي المختصّ بحضرة الجمع والوجود.

فكلّ ما ظهر في الوجود وامتاز من الغيب ـ على اختلاف أنواع الظهور والامتياز ـ فهو اسم، وفائدته ـ من كونه تابعا لما تقدّمه بالمرتبة والوجود جمعا وفرادى ـ الدلالة والتعريف كما بيّنّا وكلّ ما بطن فله مرتبة الأصالة والشرطيّة بالنسبة إلى ما هو تابع له وفرع من فروعه، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.

ولمّا ظهر التعدّد والكثرة في الممتاز الأوّل من الغيب المطلق، المنعوت بالوحدة، السابق كلّ تعيّن وكثرة المميّزات لما قلنا، ظهر بسرّ الجمع والتركيب والشروط والأسباب الجزئيّة والكيفيّات اللازمة لكلّ حقيقة معنى ينفرد به دون مشارك، وأفاد كلّ أمر مميّز

ومعيّن من الأسماء في الغيب الإلهي حكما لم يشاركه فيه مميّز آخر، مع اشتراك جميع الأشياء المميّزة في الدلالة والتعريف.

وحصل بكلّ اسم فائدتان :

إحداهما : ما اشترك فيه مع باقي الأسماء وهو الدلالة على أصله، ومن هذا الوجه يكون الاسم عين المسمّى، فتذكّر.

والثانية : تعريفه بحقيقته، وحقيقته ما امتاز به من الصفات عن غيره، فثبت له السموّ المشار إليه بما قلنا، وبكونه مطلوبا للمرتبة الجامعة للأسماء لأن يظهر به هذا التميّز المختصّ به، الذي لولاه لم يعقل، وذلك بطلب سابق على طلبه الاستعدادي، كما ذكر ويذكر ـ إن شاء الله تعالى

فإذا عرفت سرّ هذا، فاعلم أنّ لكلّ اسم من الأسماء الإلهيّة المتعلّقة بالعالم كمالا يخصّه ويرجع إليه، وإنّما يحصل ذلك ويبدو ويتمّ بظهور أحكامه وآثاره في الأعيان الوجوديّة، التي هي مجاليه ومعيّناته، ومحالّ ظهور سلطنته بحكمه وأثره وذلك بسؤال الاسم بلسان مرتبته من الاسم «الله» الذي هو حضرة الجمع والوجود إمداده لإظهار ما فيه كماله ؛ إذ لكلّ اسم لسان يخصّه من حيث مرتبته، ولسان جمعيّة هذه الأسماء هو القابل للنسب التفصيليّة وأعيان صورها «فأحببت أن أعرف»، (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ونحو ذلك، وكلّ اسم يقول بلسان هذه الجمعيّة للنسبة التفصيليّة التي تحت حيطة مرتبته هذه المقالة المذكورة.

والأسماء طالبة من الاسم «الله» ـ كما قلنا ـ إظهار ما به يتمّ كمالها، ويظهر سلطانها، وذلك إنّما يحصل بسريان حكم كلّ فرد فرد منها في مجموع الأمر كلّه، وعوده إلى الأصل منصبغا بحكم المجموع مع بقائها من حيث الحقيقة في الغيب الإلهي على حالها، كما سبق التنبيه عليه عند الكلام على مراتب التصوّرات.

ولكلّ عين من أعيان الموجودات أيضا كمال لا يحصل لتلك العين إلّا بالوجود المستفاد من الحقّ، فإمّا في بعض المراتب الوجوديّة وبحسب بعض المواطن، أو في جميع المراتب وبحسب جميع المواطن لكن مبدأ هذا السؤال ومنشأه من مرتبة الأسماء ؛ إذ الاسم عند المحقّقين من وجه هو المسمّى، كما نبّهت عليه آنفا وفي سرّ الحروف مع النفس الذي نسبتها إليه نسبة الأسماء إلى المسمّى والحكم هي كالحكم، والمسمّى عالم بذاته ولوازمها أزلا بخلاف أعيان الموجودات ؛ فإنّ وجودها حادث، فلا يصحّ لها في العدم علم ؛ لانتفاء الشروط التي يتوقّف حصول العلم عليها، كالوجود والحياة، فلا يكون لها الأوّليّة إذا في مقام الطلب ؛ إذ طلب المجهول لمن هو عنده مجهول حال جهله به ومن حيث ما يجهله لا يصحّ البتّة.

والمتعيّن بالسؤال الغيبي ـ المشار إليه من حضرة الجمع بالنسبة إلى كلّ اسم ـ هو ما يقتضيه أحكام ذلك الاسم من نسب مرتبة الإمكان المرتبطة ببعض الأعيان الممكنة التي هي محلّ ظهور حكم ذلك الاسم.

والمتعيّن لكلّ جنس وصنف من أجناس العلم وأصنافه وأنواعه ـ من الأسماء التي هي تحت حيطة حضرة الجمع وأحكامها ـ هو ما يستدعيه استعداد ذلك النوع والصنف والجنس وما كان من نسب الحضرة المتعيّنة بسرّ الربوبيّة في مرتبة ذلك النوع أو تلك الحقيقة الكونيّة المستدعية والمعيّنة له، فيظهر بهذا التعيّن والاستدعاء سلطنة الاسم «الله» و «الرّحمن» على الحقيقة الكونيّة بنفوذ الحكم فيها، فيصحّ الربوبيّة لهذين الاسمين جمعا وفرادى من حيث تلك النسبة على تلك الحقيقة، فيظهر بحسب الأثر المشهود في الحقيقة القابلة له اسم يضاف إلى الحقّ من حيث مرتبة أحد الاسمين : الاسم «الله» و «الرّحمن» كما نبّه سبحانه على ذلك بقوله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فافهم هذا السرّ ؛ فإنّه في غاية الشرف والغموض.

فالكلّ للكمال طالب، وما ثمّ عائق من خارج ؛ فإنّه ما ثمّة إلّا حضرة الأسماء

والممكنات المذكور شأنهما ؛ والسرّ الجامع بينهما ـ وهو الإنسان وله حكم ينفرد به ـ سنقصّ عليك من حديثه ما شاء الله تعالى.

والذات من حيث نسبة الغنى وعدم التعلّق والمناسبة فلا كلام فيها، كما قد علمته فيما سلف، والمسمّى معوّقا هو حكم بعض الأعيان في البعض، ظهر بالحقّ على نحو خاصّ فيه كماله أيضا، ككمال غيره في سوى ذلك.

وهكذا الأمر في النقائص والحجب والآلام، فافهم. ونتيجة الكمالين ما ذكرنا، والغاية الكلّيّة ما ينتهي إليه كلّ موجود من الأمر والحال الذي يستقرّ عليه، ويدوم حكمه من الوجه الكلّي في أيّ مرتبة وموطن وصورة كان، لا التفصيليّ ؛ إذ ليس للتفصيل غاية إلّا بالنسبة والفرض، فاعلم ذلك وتدبّر ما تضمّنته هذه القاعدة، فلقد نبّهت فيها على أسرار شتّى من أسرار الأسماء بألسنة مختلفة، بعضها أعلى من بعض، والسرّ الأكبر لا تظفر به إلّا مبثوثا إن عملت بمقتضى ما وصّيت به في أوّل الكتاب والله وليّ الإرشاد.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!