المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
تفصيل لمجمل قوله
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
الشرح بلسان المرتبة الذوقيّة المعربة بآثارها عن كنهها.
اعلم، أنّ التعيّن الأوّل الاسمي الأحدي الذي سبقت الإشارة إليه هو أوّل ممتاز من الغيب الإلهي المطلق، وهو مفتاح حضرة الأسماء، والحدّ المذكور، ونظيره من عالم الحروف في النفس الإنساني : الهمزة، والألف هو مظهر صورة العماء الذي هو النفس الرحماني الوحدانيّ النعت، الذي به وفيه بدت وتعيّنت صور سائر الموجودات التي هي الحروف والكلمات الإلهيّة، والأسماء وأسماء الأسماء، كما تتعيّن الحروف والكلمات الإنسانية بنفس الإنسان، فلا يظهر لشيء من الحروف عين إلّا بالألف الذي هو مظهر الواحد كما مرّ، ولا يظهر للألف على سبيل الاستقلال التامّ عين في مرتبة الكلام ؛ لأنّ مقامه الوحدة
والواحد في مرتبة وحدته التي لا يظهر فيها لغيره عين لا يدركه سواه ؛ إذ لو أدركه الغير، لما صحّ كونه واحدا ؛ فإنّ نسبة معقوليّة إدراك غيره له أمر زائد على حقيقته، ولا يمكن أن يتّصل به أيضا حكم من خارج ؛ لأنّه ليس ثمّة ما يخرج عنه، فلم يدرك إلّا بنفسه، أو بما ظهر منه وامتاز عنه ؛ لعدم مغايرته إيّاه من أكثر الوجوه.
ولمّا كان مبدأ انبعاث النفس الإنساني ـ الذي انفتحت فيه صور الحروف ـ هو باطن القلب، وله الغيب الإضافي نظير الغيب المطلق، الذي له النفس الرحماني، وهو مستند الأحديّة والتعيّن الأوّل المشار إليه وكان الشفتان آخر مراتب النفس الإنساني والكلام، ولهما الشهادة والتثنية الظاهرة، في مقابلة التثنية الأولى المتعيّنة من الوحدة وبها، وكان الواحد من شأنه أن لا يتعيّن في مرتبة من المراتب بنفسه، بل يعيّن ولا يتعيّن، والألف ـ كما بيّنّا ـ مظهره وكان أقرب الحروف نسبة إلى الألف هو الباء، كما أنّ أقرب المراتب نسبة إلى الوحدة هي التثنية الأولى المذكورة لمجاورة آخر نقطة الدائرة أوّلها، ولما علمت من حال الكثرة ـ التي هي في مقابلة الوحدة ـ من أنّها تنتهي عند التحليل إلى الوحدة التي انتشت منها.
nbkuhZJSGVI