المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
مشرع الخصوص إلى معاني النصوص
للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي
وهو شرح لكتاب النصوص للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
النص الثامن عشر
قال رضي اللّه عنه : [ نص شريف ] : لما ذكر في النص السابق أن الكل في الحق موجود ، مع أن القديم لا يكون محل الحوادث ، وذكر فيما قبله أن الحق سار في الكل مع أن القديم أجل من أن يحل في الحوادث ، رفع ذلك الوهم وشرفه لما فيه من بيان قدم الحادث من وجه ، وحدوث القديم من وجه آخر ، ولم يجعله حدّا لما ذكر من قبل ، إن لكل مطلق وجها إلى التقييد وبالعكس .
قال رضي اللّه عنه : [ كينونة كل شيء في شيء إنما تكون بحسب المحل ، وسواء كان المحل معنويّا أو صوريّا ؛ ولهذا وصفت المعلومات الممكنة من حيث ثبوت تعينها في علم الحق وارتسامها فيه بالقدم ، كما أن كل متعين في علم الحق من وجه آخر لا يخلو عن حكم الحدوث ، بأن وجود العالم وعلوم أهله حادثان منفعلان ، بخلاف وجود الحق وعلمه ، فاعلم ذلك ترشد إن شاء اللّه تعالى ] .
أي : ثبوت كل حال في محل إنما يكون في الحدوث والقدم بحسب المحل - وإن كان في نفسه ليس كذلك - وسواء في هذا الحكم ، كان المحل معنويّا كعلم الباري والعقول ، أو صوريّا كالعنصريات .
وبهذا القول المعلومات الممكنة التي هي حوادث بالذات ، توصف بالقدم من حيث تعينها في علم الحق ؛ لأن العلم الإلهي قديم ، فما يثبت فيه من حيث أنه مرتسم فيه أيضا قديم ، والأحدث الارتسام فيه مع أنه ليس محلا للحوادث ، وهذا الذي حكم عليه بالقدم من حيث أنه متعين في علم الحق ومرتسم فيه ، محكوم عليه بالحدوث من حيث أنه موجود في الخارج ؛ لأن وجود العالم وعلوم أهله مع تعينها في علم الحق حادثان بحسب الخارج ، لانفعالهما عن وجود الحق وعلمه ،
وهذا بخلاف وجود الحق وعلمه ، فإنه من حيث هو قديم ، فإذا ظهرت الحوادث فهو حادث بحسب الظهور لا بحسب نفسه ، فإن الظاهر هو الوجود القديم والعلم القديم أضيفا إلى الأشياء ، فصارت مثلها بحسب الإضافة لا بحسب نفس الأمر . فاعلم ذلك ترشد في الجمع بين الشريعة والحقيقة إلى ما أصله التوحيد الصرف إن شاء اللّه تعالى .