موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

المكتوبات - وهي ضمن كتاب النفحات الإلهية

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

نفحة تتضمن سرّ مرتبة التصديق التابع للتصور

 

 


اعلم ان الحكم من كل حاكم على كل محكوم عليه هو بحسب حال الحاكم حين الحكم و بحسب إدراكه، إذ ذاك للمحكوم عليه كان ما كان، و اعلى درجات مرتبة الحاكم من كونه حاكما لا مطلقا ان يصير حكمه على الشي ء تابعا لما هو المحكوم عليه من الأحوال بحيث يتنوع حكمه بتنوع أحواله، لكن ليس هذا مطلقا، بل بشرط ان يكون المحكوم عليه من مقتضى ذاته التنوع، اما ان اقتضت ذاته الثبات على امر واحد، تعلق علمه به بحسب ما هو عليه و تعين حكمه فيه بموجب علمه، هذا هو شأن الحق و الكمل في علمه و علمهم بالحق و بأنفسهم و بالأشياء و حكمهم عليها كانت ما كانت، سواء اعتبروا الأشياء خارجة عنه سبحانه و عنهم من وجه باعتبار، او اعتبروا فيها حكما أخر .

[ 1] المتصور ط و تتضمن التنبيه ايضا على سر الحكم على ادلات ضروبه بحسب تفاوت مدارك كل الحكام قاطبة، و يتضمن التلويح بسر القدر المحلة في الخلائق و سر سبق العلم و سر الخروج عن الأسماء و الصفات، و التحرز من قيود الأحوال و المقامات و سر الأعيان و الشئون الإلهية و الكونية و الحقيقة و المجاز و الإقامة و الاسفار على اختلاف طبقاتها و غير ذلك من الاسرار «الحاشية ».

[ 2] اعلم ان المراد من ذكر هذه النكتة في هذه النفحة و ان لم يكن ورودها بتعمل و تدبر هو ان الحكم بالوجوب و الإمكان و الاحالة على شي ء واحد او أشياء ليس الا بالنسبة و الإضافة، فاما بحسب الازمنة و الامكنة او المواطن او المراتب

فإذا تقرر هذا فاعلم ان حكم الناس و سيما الذوق، الذين هم بصدد التلبس بالأحوال الغريبة المختلفة على الأشياء بالوجوب و الإمكان و الاحاطة و الضيق و السعة

و الأحوال او بحسب علم الحاكم حال الحكم، و سواء في ذلك (تلك) اجتماع الشروط المذكورة او انفراد كل منهم دون غيره.

و مثال ذلك ان الأشياء المقدر وجودها في حضرة علم الحق تعالى تعينات ازلية هي المعبر عنها بصور المعلومات و لكل منها من (المعلومات و لها اى للأشياء من) حضرة العلم سير (سر عينى) الى عالم المعاني الكونية ثم الى عالم الأرواح ثم الى عالم المثال ثم الى عالم الشهادة الذي هو منتهى سير الموجودات، و ليس بعده الا العود الى ما مر عليه اولا.

لكن ينبغي لك ان تعلم ان من الأشياء ما سبق العلم بعدم تجاوزها عن عالم المعاني الكونية فيحكم علم المشاهد بسر القدر باستحالة وجودها في عالم الأرواح، و منها ما سبق العلم بتجاوزها عن عالم (العالم) المعاني الى عالم الأرواح فحسب دون التجاوز و منها ما يتجاوز عالم الأرواح الى عالم المثال، ثم ينقسم هناك الى قسمين:

قسم موقت المكث و قسم غير موقت المكث، فالموقت المكث يحكم المحجوب بامكان تجاوزه من هناك الى عالم الشهادة و يحكم (بحكمه) على غير الموقت باستحالة تجاوزه عن عالم المثال، هذا ان عرفت شهد القدر و لم تكشفه، و هكذا الامر و الحكم فيما فوق عالم المثال وجوبا و إمكانا و استحالة. فإذا علمت هذا عرفت ان الحكم بالإمكان هو مع بقاء الحجاب، فاما مع رفع الحجاب و كمال العلم فليس الا وجوب محض (ألف )، فاما واجب الوقوع او واجب الامتناع، فافهم، و اللّه المرشد.

قال بعض المحققين: اعلم ان الطاعة و المعصية حالتان للعبد، فمن رجع الى اللّه عن حالة المعصية التي هي صفته، فهو تائب و تواب، و من رجع الى اللّه بالجد و الشكر و النظر اليه و رؤيته ذلك منه دون رؤية قصد و النظر إليها و إثباتها، فهو آئب و اواب، و الموصوف بالمعصية مأمور بقوله: استغفر اللّه، و الموصوف بالطاعة مأمور بقوله: الحمد للََّه فان من اقام على المعصية فهو مصر، و الإصرار مقام من مقامات اهل النار، و المقيم على الطاعة اما مراء او معجب، و المعجب شر من الذنب، و اللّه تعالى بفضل رحمته و سعة مغفرته مستخرج بحكمته، امر الملائكة بسجود آدم حالة المعصية من آدم و حالة الطاعة من الملائكة، حتى صار آدم تائبا و توابا و أدركته محبة اللّه بذلك بقوله تعالى: يُحِبُّ التَّوََّابِينَ ، و صارت الملائكة آئبين و اوابين و أدركتهم ثناء اللّه تعالى بقوله: إِنََّا وَجَدْنََاهُ صََابِراً ، و الأواب معرف بخروج النسبة المتوسطة عليه، و الآئب مكرم بخروج النسبة الأدنى عليه، و النسبتان من النفس المنفوخة المشتركة بين خليفة اللّه و ملائكته عليهم الصلاة و السلام.

كتبت هذه الرسالة لا بل هذا الكتاب الجامع محيطا لاسرار و خزينة نقود كمالات اولى الأيدي و الأبصار في ايام قليلة جدا، و لست آمن من حفظى عليه لتشتت بالى و توجه كل وجه من وجوه قلبى الى جانب من المجالى و عدم انسداد مسامعي عن الالتذاذ بقول اصحابى سلمهم اللّه و أرشدهم اللّه سلامة على اسلام و رشدا الى ايمان و استرسالى عنان القلم الى حيث تريد، و الحال ان المنتج ايضا كما كان.

و كان مسرتي في هذه الكتابة و مقصدى الانتساب الى الائمة الصالحين، اى نحو كان ما لا يدرك كله لا يترك كله هذا بالنظر الى الاختيار و تابعه و متبوعه و لوازمه، و اما بالنظر الى قول العاملين بالتوحيد: فالعذر معذور. «الحاشية ».

و الحسن و القبح و الثبات و التغيير و الجلاء و الخفاء و القيد و الإطلاق و التناسب و التنافر و القرب و البعد و التناهي و عدم التناهي و الخطاء و الصواب و غير ذلك من الاحكام المختلفة و المتناقضة، هو بحسب ما يقتضيه الوصف الغالب على الحاكم حال الحكم .

فان من عرف هذا المقصود المنبه عليه عرف اسرارا عظيمة من جملتها: ان حكم حاكم ما او جماعة كثيرة من الحكام بحسن العدل و قبح الجور و التعدي و استحسان وصف الأصل بالقدم و الوحدة و كمال العلم المفهوم و القدرة و نحو ذلك، و وصف الغير مطلقا بالحدوث و الفقر و التغير لا يخرج عما ذكرنا و لا ينقض ما اصلنا ، لأنه لو فرضنا تبدل حال الحاكم بهذه الأمور و تلبسه بضد الحال المتقدم و كذلك الأوصاف التي يتفرع عنها الأحوال، انعكست أحكامه المذكورة بأضدادها .

فحكم و حكموا اعنى جماعة الحكام المفروضة تبدل أحوالهم و صفاتهم بضد ما حكموا اولا، و ان كانت الهيئة الاجتماعية المتجددة، المتحصلة من الأحوال و الصفات، مخالفة للهيئة المتقدمة لا مضادة لها ، كان الحكم مخالفا غير مضاد، بمعنى انه مباين للحكم الأول من وجه و من وجه لا و نسبة الأحوال الى المدرك بالقوى و الآلات التي من حيث هي ينسب اليه التقلب في الأحوال المتنوعة، نسبة الألوان المختلفة الى اللون المطلق .

و كما ان بعض الألوان اقرب نسبة الى الإطلاق من غيره من أمثاله كالبياض ثم الصفرة، كذلك بعض الأحوال اوسع دائرة من بعضها، فالأقرب الى السعة أكبر بسطا و أتم استيعابا في الحكم، و الا بعد نسبة من السعة و قبول التنقل في الأحوال بالعكس

و اما نسبة حال الكمل الذي يستقر من وجه أمرهم عليه من حيث

تعلق علمهم بالحق او العالم علما و وصفا، وجوديا باطنا او ظاهرا، هو كنسبة مطلق اللوان الى الألوان المختلفة، و ان فهمت فكنسبة الجسم الذي يظهر فيه جنس اللون من حيث أنواعه، و ان رقى فهمك فكالوجود القابل للظهور بالصور و صفات الصور محسوسها و متمثلها و معقولها التي هي وراء متوهماتها بل و كالهيئة الاجتماعية المتحصلة من غيب الذات و امهات حقائقها المعبر عنها في حضرة مرتبتها المتعلقة عند المحجوبين بالأسماء و الصفات .

و من برقت له من هذا الموقف الأعلى بارقة و اتسع إدراكه و انبسط لما ذكرناه ، ضعف عنده حكم الإمكان و الاحالة، بل ربما علا عن ان يستبعد شيئا او ينكر وقوعه .

و اما الكمل المعتلون ذروة ما ذكرنا فليس عندهم مستحيل و لا ممكن و لا واجب الا بالنسبة و الإضافة و بحسب المدارك و المراتب و المواطن، و المتلبسين باحكامها فقد يكون الشي ء واجب الوجود في بعض مراتب الوجود، كتصور شريك الحق في الذهن فان له فيه وجودا متعقلا، بل لا يوجد تفرقة بين تعينه الذهني و بين تعين الوجود الحق، و كذلك تصور العدم و الاحكام المستحيلة، فان لها صورا وجودية في اللفظ و الكتابة و الذهن، و يستحيل ان يكون لها وجود في عينها في الخارج، و هكذا الامر في باب الإمكان، كإمكان وجود سماوات و عوالم و بحار من الزيبق و شموس كثيرة و جبال من اللؤلؤ و الزمرد و الياقوت فكثير من الأشياء هي عند المحقق واجبة و ممكنة و مستحيلة و كبيرة و صغيرة و ظاهرة و باطنة في وقت واحد بالنسبة الى مراتب مختلفة و اوصاف و امور يقتضي التعدد المختلفة من الحاكم الواحد او الحكام المختلفى المدارك بحسب المواطن و المراتب و الأحوال المختلفة و إذا عرفت هذا عرفت ان ثبوت وجود الشي ء في التعقل او الذهن او في عالم المثال المطلق او المقيد و تعذر وجوده في الحس، هو بمعنى انه ما دامت سلطنة الحق في الحس غالبة على مرتبة الخيال و العقل و المثال، حتى يكون ما سواه من العوالم و المراتب الوجودية تابعا للحس، لا يكون ظهور ذلك المحكوم عليه بالاستحالة في الحس، هذا مع انه ليس لبقاء سلطنة الحس عندي مدة معينة يستحيل انتهاؤها و انخرامها بل قد ثبت في ذوق الكمل: ان كل شي ء فيه كل شي ء، و لا ثبات بالذات لشي ء ما على شي ء معين لا يمكن انتقاله عنه ، بل كل شي ء بصدد التحول عما هو عليه و ان كان في عين المدركين او أذهانهم معتقد ثباته فما ثم حقيقة ثابتة على امر بالحكم على غيرها بالمجاز، بل ان حكمه على شي ء ما بالثبات علما لا عينا 12/ 68فعلى مجموع الأمور الواقعة و المفروضة متعلقة جامعة لاختلافاتها و تنوعاتها، هذا هو حكم مشهد المتمكن في التلون، و هذا هو حال الوجود بأسره، و خفاء ذلك على اكثر المدارك الحاكمة بالثبات لا يقدح في تلونه و تنوعه في نفسه، و لو حكم المتمكن من الرجال بالثبات على شي ء لحكم على الحقائق الكونية المتلبسة بالوجود التي هي اعيان الشئون التي سبقت الإشارة إليها لا على الوجود الصابغ و الموحد لكثرتها و الساري في صور تخالفها و تعددها .

و هذا السريان هو السفر الإلهي من الغيب الأول الباطن الى مستقر الشهادة، المختص بالاسم الاخر، و ما سوى هذا السفر من الاسفار فاسفار الأحوال و الصفات و الأفعال التفصيلية، و لا يذوق هذا السفر و يصل الى محتده الا من انطلقت ذاته، فانحلت قيود الاحكام الامكانية و الأحوال و الصفات و المقامات و النشآت و الأفعال و الاعتقادات و لم ينحصر في شي ء منها، فسرى بذاته في كل شي ء سريان الوجود في حقائق الأشياء التي قلنا انها الشئون الذاتية المسماة بحقائق الممكنات سراية ابدية بأحكام ازلية .

و رأيت في هذا المشهد العظيم لما اشهدنيه الحق سبحانه ان ليس لصاحب هذا المشهد عين ثابتة و لا حقيقة، و هكذا شأن من هو على صورته، و من سوى هذا المشاهد و ربه سبحانه، فذوو اعيان ثابتة متلبسة بالوجود، و سواء قلت: ان الأعيان هي الشئون او غير ذلك، و سواء قلت: ان الوجود هو الحق او اعتقدت غير ذلك .

و إذا شهدت هذا عرفت انك انما تدرك كل شي ء بعين ذلك الشي ء و بشرط انك عين كل شي ء، فإنك إذا صفة كل صفة و كيفية كل ذات، و فعلك من وجه فعل كل فاعل، و كل شي ء هو تفصيل ذاتك و أنت حالتئذ القدر المشترك بين الأشياء و الموحد كثرتها و المكثر لوحدتها بتنوعات ظهورك فيها، فافهم ترشد ان شاء اللّه تعالى . و الحمد له ازلا و ابدا.

تم بحمد اللّه و المنة تصحيح هذا الكتاب الشريف في غرة رجب الأصب من سنة ثلاث عشر و أربع مائة بعد الالف من الهجرة النبوية على هاجرها آلاف و الثناء و التحية، بيد الفقير الى اللّه العلى، العبد المفتقر الولوى محمد بن احمد الخواجوى، عامله اللّه بلطفه الخفي



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!