موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

الرسالة المفصحة

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

وهي ضمن مراسلاته مع الشيخ نصير الدين الطوسي

[ مراتب الايمان ]

 

 


وبعد : فإنّ الحق سبحانه كما أنه أظهر في الوجود أشياء وأخبر أيضا على لسان الكمّل من صفوته بأمور عجزت عقول أولي الألباب عن معرفة أسرارها وفهم جليّة الأمر فيها على ما هي عليه في نفسها وعلى نحو ما يعلمه الحق سبحانه ، فكذلك قد أبان أيضا عن أمور استجلتها عقول الألبّاء وعرفت جلية الأمر فيها بأوّل وهلة تارة وبتأمل وتدبّر أخرى . فكان من جملة ما أبان وأخبر مما استقلت العقول بإدراكه أنّ للإيمان به ثلاث مراتب : أولى ووسطى وعليا . وكذلك الأمر في الهداية والتقوى والإحسان ، الذي أخبرنا أنه كناية عن مقام الحضور والمعاينة الصحيحة . وهكذا فعل في تعريف غير ما ذكرنا من الصفات . فمن جملة تنبيهاته على ذلك في كتابه العزيز قوله : ليس على الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتّقوا وّ آمنوا وعملوا الصّالحات ثمّ اتّقوا وآمنوا ثمّ اتّقوا وّ أحسنوا واللّه يحبّ المحسنين [ سورة 5 ، آية : 93 ] . وقال في موضع آخر : وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثمّ اهتدى [ سورة 20 ، آية : 82 ] ، ولا يتوب أحد ويقبل على جناب الحق ويتجلى بالأعمال الصالحة إلا بعد الاهتداء . فدلّ بما أخبر أنّ هذه الهداية ليست هي الأولى ومن هذا الباب قوله تعالى : وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [ سورة 64 ، آية : 11 ] ، وقوله : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [ سورة 2 ، آية : 282 ] ، وقوله في أهل الكهف : إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ [ سورة 18 ، آية : 13 ] .

وهذه كلها مما تدرك العقول بأيسر تأمل صحّتها ، فإنّ العقول تعرف أنّ لكل وصف جميل كمالا أول هو أقلّ حظّه منه ورتبة ثانية متوسطة ورتبة ثالثة هي غايته الكلية . وليس بعد الغاية إلا درجات متعقّلة في الأكملية . وكما جعل لما ذكرنا من الصفات مما ذكره الحق سبحانه ثلاث مراتب تنبيها لنا على أنّ الأمر هو كذلك في جميع الصفات ، فكذلك جعل للعلم الذي هو أشرف الصفات درجات ثلاث في مرتبة كماله ، بعضها أعلى وأتم من البعض ، سمّى إحداها علم اليقين والثانية عين اليقين والثالثة حقّ اليقين . وجعل لكل مرتبة من هذه الثلاثة قوما تلك المرتبة غايتهم ومنتهى ترقيهم في رتب العلم . فجدير بمن أعرب لسان حاله أنه من أصحاب النفوس الشريفة المستعدّة للتحقق بالكمال الحقيقي لا النسبي وأبان عن همة عالية تناسب نفسه الشريفة أن يطلب الترقي في درجات أوصاف الكمال حتى ينتهي إلى أعلى مراتبها ، وسيّما في درجات الكمال العلمي الذي نيطت به السعادة باتّفاق من العقول والشرائع على كل حال ، سيّما العلم المتعلّق باللّه ثم بأشرف لوازم ذاته وما أشرنا إليه آنفا . هذا إن سلّم له ذلك وكان محقّا في زعمه أنه بلغ أوّل درجات الكمال العلمي أن يتشوف الانتقال من درجة علمه اليقيني إلى عينه ثم إلى حقه . وكذلك يجب على الفائز بمقام عين اليقين بعد تعدّي درجة علم اليقين أن يروم الانتهاء إلى حق اليقين الذي من جملة أحكامه طلب الجمع بين ما ينتجه البرهان وبين ما يثمره العيان . وهذا أحد الموجبات لإنفاذ هذا الإبرام وترجح الإقدام عليه بعد الإحجام رجاء للفوز بهذا المرام والسلام .



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!