المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
الرسالة المفصحة
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
وهي ضمن مراسلاته مع الشيخ نصير الدين الطوسي
[ اختلاف أهل العقل النظري ووجهه ]
ثم نرجع ونقول : فاختلف للموجبات المذكورة أهل العقل النظري في موجبات عقولهم ومقتضيات أفكارهم وفي نتائجها ، واضطربت آراؤهم . فما هو صواب عند شخص هو عند غيره خطأ ، وما هو دليل عند البعض هو عند الآخرين شبهة . فلم يتفقوا في الحكم على شيء بأمر واحد . فالحقّ بالنسبة إلى كل ناظر هو ما استصوبه ورجّحه واطمأن به . وليس تطرّق الإشكال ظاهرا في دليل يوجب الجزم بفساده وعدم صحة ما قصد إثباته بذلك الدليل في نفس الأمر ، لأنا نجد أمورا كثيرة لا تتأتى لنا إقامة برهان على صحتها مع أنه لا شك في حقيقتها عندنا وعند كثير من المتمسّكين بالأدلة النظرية وغيرهم . ورأينا أيضا أمورا كثيرة قررت بالبراهين قد جزم بصحتها قوم بعد عجزهم وعجز من حضرهم من أهل زمانهم عن العثور على ما في مقدمات تلك البراهين من الخلل والفساد ولم * يجدوا شكّا يقدح فيها . فظنوها براهين جلية وعلوما يقينية . ثم بعد مدّة من الزمان تفطّنوا هم أو من أتى بعدهم لإدراك خلل في بعض تلك المقدّمات أو كلّها ، وأظهروا وجه الغلط فيها والفساد وانقدح لهم من الإشكالات ما يوهن تلك البراهين ويزيّفها .
ثم إنّ الكلام في الإشكالات القادحة ، هل هي شبهة أو أمور صحيحة كالكلام في تلك البراهين . والحال في القادحين كالحال في المثبتين السابقين . فإنّ قوى الناظرين في تلك البراهين والواقفين عليها متفاوتة ، كما بيّنا ولما ذكرنا . والحكم يحدث أو يتوقع من بعض الناظرين في تلك الأدلة بما يزيّفها بعد الزمان الطويل مع خفاء العيب على المتأمّلين لها والمتمسّكين بها قبل ذلك المدّة المديدة . وإذا جاز الغلط على بعض الناس من هذا الوجه ، جاز على الكل مثله . ولولا الغلط والعثور عليه واطمئنان البعض بما لا يخلو عن الغلط وبما لا يؤمن الغلط فيه ، وإن تأخّر إدراكه ، لم يقع بين العالم خلاف في الأديان والمذاهب وغيرهما .
فهذا من جملة الأسباب المشار إليها .