موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

النفحات الإلهية

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

نفحة الهية تحوى على اسرار علية من جملتها بيان كيفية تلقّى امداد الحق

 

 


و باىّ صفة يقبلها كل موجود من الموجودات البسيطة و المركبة و سرّ البقاء و الفناء و الدوام و التناهي و غير ذلك من الاسرار اعلم انه ما من حقيقة من الحقائق البسيطة و المعاني المجردة الا و لها قوة و حكم او قوى و احكام تخصها دون غيرها، فمتى قدّر الحق اجتماع جملة ما منها ذات قوى مختلفة في مرتبة من مراتب الوجود و اجتمعت، فان الصورة المتحصلة من اجتماع تلك الحقائق لا بد و ان تكون الغلبة فيها حكما و وصفا و قوة لإحدى تلك الأمور المجتمعة المختلفة القوى، كما هو الامر في صور الامزجة الناتجة من اجتماعات الاجزاء الطبيعية، فان السلطنة و الغلبة في كل مزاج لإحدى الطبائع التي تألف منها ذلك المزاج، و بذلك الامر الغالب يسمى و اليه يعزى .

و موجب ذلك: ان الاعتدال المحض المتعقل فيه تكافؤ القوى، لا يحصل منه تكوين، إذ لا بد في التكوين من حصول غلبة و مغلوبية بفعل و انفعال، و ينتهى الغلبة في ذلك الامر لإحدى تلك الأمور التي انتشأت منها تلك الصورة المزاجية، و هذا الحكم مطرد في جميع ضروب الاجتماعات الواقعة في المرتبة الروحانية و المرتبة المثالية المتوسطة بين الروحانية و الحسية ثم ان الحسية تنقسم الى قسمين: قسم يختص بعالم العلوي و قسم يختص بعالم العناصر و مراتب اجتماعاتها، و هي عند علماء الطبيعة ثلاثة: مرتبة المعدن ثم مرتبة النبات ثم مرتبة الحيوان، و هي عندنا خمسة مراتب هي آخر مراتب الاجتماعات الكلية أظهرها الحق نظائر للأسماء الذاتية الاوّل التي هي مفاتيح الغيب و سبب تعين كل ما تعين في الوجود العلمي و الوجود العيني، و هي المراتب الثلاثة المذكورة عند علماء الطبيعة .

و يليها مرتبة الأناس الحيوانيّين الذين ليس لهم من الحقيقة الانسانية الا الصورة الظاهرة ثم مرتبة الكمل الظاهرين بأحكام الحقيقة الانسانية تماما ، الجامعين بين احكام الوجوب و احكام الجمعية التامّة الاحاطية، المتحققين بالثبات في برزخ البرازخ الجامع بين حضرة الحق و بين حضرة الكون، و هم مظاهر الذات التي هي صاحبة تلك الأسماء. فاعلم ذلك .

المقدمة الاخرى التي يجب تصديرها لتقرير ما يذكر من بعد، انما تصح معرفتها للمتأمل إذا رقى ببصر بصيرته صعدا و ان لم يكن من اهل الكشف التام فيرى ان الحق لا يصل منه امر الى العالم الا من حيث حضرة الجمع و الوجود، و لا ينفذ الامر من هذه الحضرة في شي ء الا بسرّ الاحدية، و لا يؤثر شي ء فيما ينافيه و يضادّه من الوجه المضاد و المنافى، لأنه لا يتأتى لشي ء قبول الامر الإلهي و الأثر من الحضرة الوحدانية

الجمعية الا بصفة وحدة يتصف بها، بها يتم استعداده لقبول امر الحق و اثره، و بها تثبت له مناسبة ما بينه و بين الامر و الحضرة .

و لما كان العالم ظاهرا بصورة الكثرة و منصبغا بحكمها من اكثر الوجوه، جعل الحق سبحانه الغالب على كل شي ء منه في كل آن و ان كان مركبا و متكثرا في ظاهره و باطنه حكم احدى الأشياء التي منها تركبت كثرته، و ما سوى ذلك الشي ء الغالب من أجزاء الشي ء المركب و المتكثر ان كان كذلك ، او قواه المعنوية ان كان بسيطا، يكون تابعا إذ ذاك لذلك الامر الواحد الغالب، و جعل ذلك الامر الواحد محلا لنفوذ اقتداره و امره و مظهرا لحكم حضرة جمعه الاحدى المنبه عليه، ثم يسرى الامر من ذلك القابل الى سائر ما يشتمل عليه ذاته من الحقائق و الاجزاء .

و لما ذكرنا في الإنسان شاهدان: ظاهر و باطن ، فاما من حيث الظاهر فغلبة احدى الصفات و الكيفيات، و حكمها على باقى ما منه تركبت نشأته، كالصفراء بالنسبة الى ذى المزاج الصفراوي، و السوداء بالنسبة الى السوداوي، و البرودة بالنسبة الى الشي ء البارد و المبرود المزاج .

و اما من حيث الباطن فتوحد ارادة القلب و متعلقها في كل آن من كل مريد، فان القلب في الوقت الواحد لا يسع الا امرا واحدا، و ان كان في قوته ان يسع كل شي ء لكن لا دفعة و لا على التعيين بل على سبيل التعاقب و بالتدريج ، و لو لا غلبة الوصف الاحدى بالجمعية التامة التي لم يحصل لغير الإنسان على القلب الإنساني و تحققه بحكمه تحققا فطريا آليا اصليا لم يمكن ان يسع الحق، كما أخبر سبحانه على لسان الصادق صلوات اللّه و سلامه عليه و لا ان يكون مستوى و مظهرا لتجليه .

و لما كانت الصور السفلية تابعة في الفعل للصور العلوية بإذن اللّه و انه عبارة عن التمكين من اظهار ذلك الفعل، و علم الحق سبحانه ازلا ان لكل فلك و كوكب

و حضرة من الحضرات العلى السماوية خواص و حركات مختلفة و قوى شتى، و كل حقيقة و صفة و قوة منها تطلب بلسان الافتقار من ربها كما لها و اظهار ما به يتم كمالها، و لن يكون ذلك الا بايجاد الحق، و لن يحصل الإيجاد الا بنفوذ الامر، و لن ينفذ الامر حتى يتعين ما يكون محلا لنفوذ الاقتدار و يستعد للتأثير الإلهي، و لن يحصل الاستعداد لشي ء الا بمواجهته الحق بوصف وحدانى به و من حيث هو يصير محلا لنفوذ الاقتدار لا جرم خلق اللّه العرش المحيط وحدانى النعت و الصورة و الحركة، و أودع فيه امره الاحدى، فصار حركة واحدة على نسق واحد غير مختلف، و جعل من خواصه و اسراره رد الصور الوجودية العلوية و السلفية من صفة الكثرة و الاختلاف الى صفة الوحدة و الائتلاف، فما من نفس من الأنفاس و لا آن من الآنات الا و الامر الواحد المشار اليه بقوله سبحانه: وَ مََا أَمْرُنََا إِلََّا وََاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ( 50القمر) و اصل من الحق الى سائر الموجودات المتصفة بالتركيب و الكثرة و الاختلاف، و الظاهرة بواسطة الحركة العرشية، ليحصل الاستعداد من سائرها لقبول الامر الواحد الوارد من الحق فقسط كل موجود مما أحاط به العرش من كل حركة من حركاته يبقى عليه حكم صفة الوحدة التي تلبس بها من الحركة المتقدمة، هكذا حتى ينتهى الامر متصاعدا الى شيئية ثبوته و وحدته التي بها ثبت له التمييز في علم الحق ازلا و بها قبل الوجود اول بروزه من حضرة العلم الإلهي الغيبى الى الوجود العيني، و تلك هي الوحدة اصلية الظاهرة بالتعينات ظهورا سمى كثرة و كونا .

ثم نقول: و يتضمن ذلك الى هذا الاعداد و الأمداد الحاصل بواسطة الحركة العرشية فوائد جمة منها: دوام التهيؤ بالصفة الوحدانية لقبول الامر الإلهي الواحد، المفيد بقاء الصور الوجودية و وجودها، إذ العالم مفتقر بالذات في كل نفس الى الحق في ان

جواب لما يمده بالوجود الذي به بقاء عينه و الا فالعدم يطلبه في الزمان الثاني من زمان وجوده بحكم النسبة العدمية الامكانية التعينية فلا بد من الحكم الترجيحى الجمعى الاحدى، المقتضى للوجود و البقاء في كل نفس، و الا انعدم الممكنفيقبل كل موجود بهذا الاعداد الامرى الواصل بواسطة الحركة العرشية نور التجلي الإلهي الجمعى الاحدى الوجودي الذي به البقاء الى الاجل المسمى بالنسبة الى بعض الموجودات و لا الى أجل بالنسبة الى البعض و متى قدر الحق فناء شي ء من التعينات ظهرت غلبة حكم الكثرة على الوصف الاحدى المستولى على ذات المركب، بحيث لا يبقى فيه للوحدة حكم يستعد به لقبول الأمداد المبقى على الوجه المذكور فانعدم ذلك الموجود و تفرق تركيبه و تلاشت كثرته لعدم الحافظ الواحد و هذا هو السبب في ان الكافر و ان عمل في الدنيا خيرا كثيرا و معروفا لا يجد ثمرة ذلك في الآخرة، بل غايته ان يجازى به في الدنيا، فان الصور العلمية ظهرت بواسطة التركيب البدني و الكثرة و الاختلاف الطبيعي، فمتى لم يصحبها من العامل روح قصد مستند الى توحيد الحق المعبود، تلاشت تلك الصور، فإنها اعراض و نسب تركيبية مفتقرة الى اصل احدى الهى يحفظها و يمدها بالبقاء .

و للاسم «الحي القيوم» في هذا المقام سلطنة عظيمة. هكذا رأيته في الخلوة. و هنا اسرار جليلة لو أمكن افشائها لظهرت غرائب، و في هذا للبيب المشارك غنية و تذكرة، و الهادي هو اللّه .



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!