المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
سرّ شريف موضح امر الإرادة و المشيئة و الفرق بينهما
اعلم ان حقيقة الإرادة هو طلب ذاتى من المريد يوجبه استجلائه بعض معلوماته و استحسانه إياه لمناسبة غير معللة، هذا و ان كانت حقيقة المناسبة في نفس الامر معلومة، لكن قد لا يسوغ ذكرها .
ثم نقول: فيثير ذلك الاستجلاء باعثا و قصدا يتعلقان بإبراز المطلوب من مقام كمونه الى عرصة الظهور بقوة معقولة مقرونة بآلة او مقرونة بتوجه جمعى فحسب، و ذلك ليحصل كمال التمكن من استجلاء الامر المراد تماما و كمال التصرف فيه .
هذا ان كان الاستجلاء غير خارج عن ذات المستجلى، فان لم يكن كذلك و كان للشي ء المستجلى صورة ممتازة عن ذات من يستجليها، فان انبعاث القصد الى طلب ذلك المراد و تحصيله موقوف على شعور أوجبه اخبار او شهود له من حيث بعض أوصافه، يحرك الباعث الى طلب الموصوف او تخيل محاك لصورته، سواء كان ذلك التصور الخيالى مطابقا لما عليه الامر المستجلى المستحضر و المطلوب حصوله، او لم يكن .
و على كل حال فلا بد و ان يكون المطلوب من حيث هو مطلوب معدوما عند المريد حال الطلب، سواء كان له وجود خارج عن ذات المريد او كان امرا مدمجا و كامنا فيه يطلب بروزه و استجلائه ممتازا عنه و اما المشيئة فهي ان تعلقت بامر معدوم لكن لا بد و ان يكون سبب تعلقها بالمعدوم امرا موجودا يقبل الاتصاف بذلك الامر المعدوم الذي به تعلقت المشيئة او يقبل انضياف حكم المعدوم اليه سلبا او اثباتا فالأمر الموجود هو المحرك للمشيئة و السبب في تعلقها بالمعدوم، فيشترك المشيئة مع الإرادة في التعلق بالمعدوم و ينفرد المشيئة بمزيد التعلق، و يتوقف تعلقها بالمعدوم على امر موجود من ذلك المعدوم، بمعنى ان يكون الموجود وصفا و المعدوم موصوفا او عكس ذلك، و سواء كان الوصف ثبوتيا يطلب سلبه ام عكس ذلك، بعد معرفة ان الموجود هو سبب تعلق المشيئة بالمعدوم حال التعلق و بالنسبة الى ذى المشيئة لا غير فافهم .