المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
كتاب آخر الى بعض الاخوان
نحمد اللّه و نصلي على المصطفين من عباده و خصوصا على سيدنا محمد و آله و الكمل من إخوانه خلفاء الحق في عوالمه و بلاده، و نخدم جناب المولى السيد و الامام الأمجد العالم العارف مشارك اهل المطالع و المشاهد و المواقف، لا زال مرتقيا بالحق الى ذرى فوق ما فوق مقعد الصدق و لا برح مجتليا تفصيل نسخته لما اشتملت عليه جملته و صابغا أجزاء ما يقبل التجزئة منه بما انطوت عليه كليته ليعود كل شي ء منه ككله، و كل فرع من فروعه ظاهرا بصورة أصله، آمين، و على اللّه قصد السبيل .
الشوق اليه شديد و وده في اللّه ثابت و يزيد، و من السنة الربانية بين كل متحابين في اللّه فصاعدا انه متى صحت نسبتهم النفسانية و غلبت أحكامها على الاحكام الطبيعية الجسمانية ان لا يؤثر فيها البعد الظاهر أثرا تاما بحيث يستولى على المعنى بالكلية ، و هذا من المسائل التي هي عند اهل التحقيق جلية و اليه أشار بعض الأكابر بقوله : و لا ضير للاشباح تنأى عن اللقا إذا كانت الأرواح في الغيب تلتقي و المنفردون في مثل هذه اشد مطالبة لتفرغهم لما هم بصدده، فان المتمسك بحكم مقام الجمع الظاهر بصفة ما حاذاه قد ينغمر محله بما انطبع فيه حال المحاذاة و ان خلا بالذات عن كل شي ء لكن المنفرد لا عذر له و لا عائق عن ذكر من غاب من إخوانه عنه و سيما من كانت غيبته بامر ربانى لنشر حكم رحمانى حتى يبلغ الكتاب اجله، و ينال كل آمل كان هذا شرطا في حصول غرضه أمله و يحرر كل عامل هناك بحسب مرتبة عمله، فان إهماله و نسيانه ليس من شيم من حال المحققين ذوقه و شأنه .
وهب انه غاب غيبة ممتحن و غفل عن اهله الحقيقي و سكن أ يحسن باخوانه من اولى المروءات ان يتركوه لقى بين رامة الأكوان و النقا، كيف لا يذكره عند ربهم بما يعلمون انه نافعة و لم لا يتوجهون الى تشخص الامر الذي هو جاذبه عما هو فيه و جامعه، بل اقتصروا بخيرهم عليهم و لم يعدوه عما لديهم ما كذا المعهود من اهل اللّه و المخلصين من درن الأغراض و الاشتباه، ان ركنت النفس الى نسبة مثل هذا المذكور، فليس ذلك من عزم الأمور، لان الأحوال مختلفة و ان كانت النفوس مؤتلفة، و نعد ان الامر كما يظن فأين رعاية الاولى من كل صورة في كل حال، و ما العذر في ترك الأرجح من كل امرين مع العثور عليه؟ و ندب الكمل من اهل الهداية و الإرشاد اليه .
و ان استند احد ايضا الى الاستغناء من حيث المستدعى و يحمل يقول استدعائه على امر آخر فليتذكر حال الامام الأكمل و الأستاذ الأعلم الأعدل حيث يقول لعمر رضى اللّه عنه بعد ان منح السيادة على العالمين لما أراد الحج: لا تنسنا يا اخى من دعائك
الصالح، و تعلمه من آخر تسبيح الشجرة التي رآها ساجدة في النوم، فإذا لم يستغن مثله بعد التحقق بالاكملية عن المزيد و الدعاء و الذكر فما الظن بالسوى و اين الشمس من السهى؟ لا و اللّه بل نستمد و نسأل و على اللّه المعول .
و نذكر ايضا إخواننا و من شاء اللّه إذا حضرنا او ذكرنا ، و ان توفر حظنا من ربنا في كل وقت و منحنا، ذََلِكَ هُدَى اللََّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ ( 88الانعام) .