موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

ويتوسل إلى ذلك الشيخ المتوهم أيضًا بشيخه الخارج، كذا ذكر، فإن هذا الشيخ المتوهم الذي هو ظل الشيخ الخارج من هذا الشيخ الخارج، تكون له المادة، ولكن ل يـراه المريد إلامن هذا الشيخ المتوهم على  ذلك المريد، أو لم يعلمه، ثم يتوسل أيضًا لذلك الشيخ الذي عنده بالصالح من عباد الله، يعني بالصالح المقام، الذي سألت الأنبياء أن تلحق بأهله بقوله: ﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ [النمل: 19]، وشهد الله به لبعض أنبيائه كعيسى بن مريم وغيره، كما ذكر في القرآن.

ثم قال هذا الموصي رضي الله عنه بعد هذا التوسل بهؤلاء المذكورين: (انظر في نفسك، فإن وجدت عندك شوقًا إلى الشيخ) يعني بذلك الشيخ الخارج تشتاق إليه، ولا يكون ذلك مع مشاهدته في باطنه؛ إلا بمن علم أن ذلك الذي في باطنه منه أنه مثاله وظله لا عينه، فاشتاق إلى الشيخ من خارج حتى يكون هذ المريد للشيخ بمنزلة ظله منه الذي هو الشيخ المتوهم، فإنه أقرب سندًا، فإنه إذا أخذ عن الشيخ المتوهم يقول: حدثني ظل شيخي عن شيخي، فإذا أخذ عن الشيخ من خارج عند المقابلة، إما بالفهم عنه في نظره إياه، وإما أن يشافهه الشيخ بالخطاب فيقول: حدثني شيخي.

ثم قال بعد ذلك: (وإن وجد باعثًا للوقوف بين يديه) والباعث هنا الذي يبعثه هو من ذلك الشيخ المتوهم، وهو بمنزلة داعي الحق الذي في قلب كل مؤمن، إذ أراد أن يتوب يسمعه الله في ذلك الداعي، فإن الداعي لا يزال أبدًا داعيًا إلى التوبة، ولكن في الآذان وقر، فمتى ما زال ذلك الوقر من أُذن المدعو، سمع فأجاب، وبادر إلى ما دعي إليه، كذلك يبادر هذا المريد إذا وجد الباعث، فإن ذلك خاطر الشيخ من خارج، والشيخ المتوهم ترجمان، والباعث لسان الترجمان، فاعلم ذلك، ولذلك قال: (فبادر إلى ذلك) واعلم أن خاطر الشيخ أزعجك فلا تقف.

 ثم قال: (وإن قال لك قائل: أن الشيخ يطلبك، أو ذكرك، ولم تجد ذلك الباعث متأكدًا عندك، فلا تسعَ إلى الشيخ) بناءً على ذلك من غير أن يكون ذلك في قلبك، هذا يحرضك على استدامة الحضور أبدًا مع الشيخ في قلبك، حتى يصير لك الحضور عادة، فتجد ذلك مع الله إذ فقدت الشيخ، أو استقللت بنفسك دونه، وإن كان لابد أن يبقى في المتقدم المقتدي به بقية عند المتأخر المقتدي، لابد من ذلك، وهو مثل قوله تعالى لم ذكر الأنبياء لسيدن محمد ﷺ قال له: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: 90]، وإن كان هو السيد على الجماعة، ولو كانوا بالحياة لاتبعوه، ولكن لم تقدموا بالزمان، والطريق واحدة، كان المتأخر مقتديًا بالمتقدم بلا شك، قال الله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾، وهو ما يختص به دون الجماعة، ﴿وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُو الدِّينَوَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾[الشورى: 13]، فوقعت الوصية بإقامة الدين، وترك النزاع والاجتماع عليه، فلابد أن يكون المتأخر مقتديً بالمتقدم بالزمان، فيما يقع فيه الاشتراك، ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾هو ما يختص به أيضًا الشيخ الوارث، أو المريد إذا استقل وخرج عن تأثير الشيخ فيه، وساواه أو زاد عليه، فلينظر المريد فيما يقال له من خارج ما يجد في قلبه، فإن له كالمصحف يتلو الحق فيه عليه م يريده منه، فلا معول للمريد إلا على ما يجد في قلبه، لا على ما يسمعه بأذنه، وقد ورد في الخبر ما يؤيد هذا، وهو خبر صحيح من طريق الكشف، «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَإِنْ أَفْتَاكَ الّمُفْتُونَ»، وقال في الصحيح من الطريقين في هذا المعنى، في باب الورع، »دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَ يَرِيبُكَ»، كل ذلك إشارة من الشارع إلى المكلف أن يتفقد قلبه في كل مسألة، حتى يرى فيه آثار ربه تعالى.

ثم قال: (فإن الشيخ قد سلطه الله على قلبك ولو أراد إحضارك بين يديه لجذبك إليه). أما قوله في تسليط الشيخ على قلبه، فذلك أن المريد ما يجيء إلى الشيخ ابتداءً، حتى يجعل له سلطانًا على نفسه، مما سلطه على قلبه سواه، بما اعتقد فيه، ولذلك يعاقب إذا خالفه في شيء مما يدعوه إليه الشيخ، أو يتحقق به على شهود من المريد لذلك، فإن في اعتقاد المريد أن الشيخ بهمته، يفعل ما لا يحتاج إلى نطق في ذلك باللسان، بل نطقه بالباطن بلسان الغيب، ولابد من ذلك، وهو توجه الإرادة من الشيخ فيما يريده منه، فذاك حد أمره للمريد بذلك، فلابد من كلام النفس، وهو أمر معقول زائد على الإرادة، فإن توجه الإرادة على [الأمر] حكم زائد على عين الإرادة، يعبر عن ذلك بالقول والأمر، وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَ لِشَيْءٍ إِذَ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [النحل: 40]، فم اكتفى بالإرادة حتى جاء بالقول بجهة الأمر، وإذا كان ذلك في الجناب الإلهي، بل م يعطي الحقائق إل ذلك، فأحرى أن يكون ذلك في المخلوق، وسبب ذلك تعلق همة المريد بالشيخ، فالشيخ أقرب إليه من نفسه عنده، وليس إلا الشيخ الذي في خاطره، وبين المريد، أعني قلب المريد، وبين الشيخ رقيقة ممتدة، وهو حبل أوصله بتلك الرقيقة يجذبه، وبها ينجذب له المريد، وهو مثال حبل الله، الذي أمرنا الله بالاعتصام به.

وأما قوله: (وكن بذلك متيقنًا أنه نبهك أن تكون صادقًا في اعتقادك في الشيخ، أنه قادر على ما ذكر لك، نافذ الهمة فيك) أي: أن الله تعالى جعل له ذلك ولأمثاله، ولذلك قال بعد هذا: (كل ذلك بأمر من الله) أي: أن الله تعالى أمره بذلك، إذ لا يفعل الشيخ شيئًا إلا عن أمر إلهي، كما أن مريد التربية لا يفعل شيئً إلا عن أمر الشيخ، وفيه يتعلم الأخذ عن الله تعالى، وإذا لم يتحرك الشخص إلا عن أمر الله تعالى، على الطريقة الخاصة في سره، والطريقة المشروعة في ظاهره، فإنه تنفذ همته، ويمشي قصده، ويكون ما هَم به ولابد، فإن عقل وتحرك في أمر عن غير أمر إلهي، فقد يصيب ويخطيء، والشيخ لا يتحرك بحمد الله في كل ما يتحرك فيه إلا عن أمر إلهي، بخلاف الرسول - صلوات الله عليه - فقد يحركه الله في أمر من جهة نفسه، فلا يقع م يريد، وقد لا يصيب في أمر من الأمور يأمر به من حيث نظره، وذلك ليس من نقص فيه ﷺ وإنما ذلك كما جعله الله أسوة يقتدي به الضعيف والقوي، فجعل جميع حركاته حجة للفريقين؛ لأنه بعثه الله رحمة لخلقه، فسأل في أبي طالب عمه ليكون من المهتدين، من غير تحقق بهدايته، فلم يجبه الله بما سأل فيه، وعوضه عن سؤاله ما شاء من الخير، ليكون العبد إذا سأل في معين، فلم يحصل له يجد رسول الله ﷺ عزاءً لنفسه في ذلك.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!