موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الأجوبة العربية في شرح النصائح اليوسفية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم: شرح روحية الشيخ على الكردى

 

 


لا تلتفت إلى صفاء باطنك مع الله تعالى إلى استرسال ظاهرك مع الناس فيما أُبيح لهم

واعلم أن الآداب جماع الخير، والشرع ما شرع الله، ففي الشرع جماع الخير، فإن الطريق إليه لا يُعرف؛ إلا منه، فإنه ليس لمخلوق أن يحكم فيما يقرب إلى الله؛ إل روائح مكارم الأخلاق، فإن الصورة الإلهية تعطي ذلك، ولهذا يجني ثمرتها المؤمن صاحب الجنة، والمخلد في النار لابد من ذلك، ولما كان الأمر كما قلنا، لذلك أمرك بالآداب الشرعية لتكون بها في الدار المسمى جنة، وأما صورة الوزن بين الحكم المشروع وبين أفعال المكلفين، فالعلم بذلك موقوف على العلم بالشرع، والشرع على قسمين: شرع ثابت يناقده شرع ثابت، وهو ما وقع فيه الاختلاف بين المجتهدين، وشرع جامع، وهو ما أجمعو عليه، فالإنسان الحازم يحتاط ولا يزال أبدًا يميل إلى ما وقع فيه الاجماع، كالقصر في الصلاة للمسافر، والفطر للمسافر في رمضان، ودخول مكة لمن لا هَدي له بعمرة دون الحج، وترك نكاح الربيبة التي ليست في الحجر، وترك شرب النبيذ، وأمثال ذلك، وهذا هو طريق العزائم، فأمرك ألا تجنح إلى تأويل مع قدرتك على مثل هذا، أي: لا تكون في عمل مشروع ينقده عليك شرع آخر، والشارع واحد، وأكثر من هذه النصيحة من هذا الرجل في مثل هذا الأمر لا يكون والله أعلم.

ثم قال: (لا تلتفت إلى صفاء باطنك مع الله تعالى إلى استرسال ظاهرك مع الناس فيما أُبيح لهم) لابد من ذلك أعني هذ التقييد، فإن هذا الشيخ ما قيده اتكالاً منه على عناية الله بمن هذه حالته في إصلاح ظاهره وباطنه، وغفل هذا الشيخ عن قوله تعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 182]، وغفل عن كون الحق مع الشخص على قدر ما هو الشخص عليه مع الله تعالى، أي: على قدر م يكون علمه بالله، فإنه ما أعطى الله فإنه يعطي على قدر الله عنده، ولهذا خرج أبو بكر رضي الله عنه عن كل ما يملكه، وما ترك لأهله؛ إلا الله ورسوله، أي: السمع لرسوله فيما يأمره به، فلو رد عليه جميع ماله قبله مع كونه خرج عنه [لله]، فلهذا قرن الرسول مع الله فيما تركه لأهله، لأنه ﷺ أعرف بالمصالح، وكذلك الوارث الذي هو الشيخ، فأي مريد خبأ عن الشيخ شيئًا من ماله نقصه من الشيخ على قدر ما خبأ من ذلك، لأنه اعتمد على ما خبأه واستند إليه فوكله الله إلى ذلك، وحرمه خيرًا كثيرًا، ولهذا فَضُل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على غيره من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - وإن كانوا [الصادقين].

ثم قال: (وكن ذاكرًا لله تعالى، ومثنيًا عليه، واطلب منه ما تثني به عليه، فإنه كريم، وتصلي على رسول الله ﷺ) أما قوله: (وتطلب منه ما تثني به عليه) مع أن القرآن قد علمنا فيه ما نثني به عليه، فإنه حرضه على تعلق الهمة بالله تعالى، في أن يكشف له عن الحضرة التي منها أخذ الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ما جاءت به في حق الحق من الثناء عليه في الكتب والصحف، فيكون له الأمر ذوقًا لا نقلاً، حتى يمتاز عن أبناء جنسه، ويتعين في أصحاب الوحي المنزل باتباع ما شرع له الرسول عليه الصلاة والسلام، لا بشرع جديد بزيادة حكم أو نسخ حكم، ولهذا قيد فقال: (بما يثني به عليه) ما قال بما تحكم به في نفسك وفيمن اتبعك، فإن ذلك لا يكون إذا كان وحي التشريع قد انقطع، فأراد أن تذوق مذاق الأنبياء فيما بقى لنا الذوق فيه، فمالنا ل نرفع الهمة في تحصيل ذلك من الله، والذي بقي من ذلك ما يرجع إليه من الأسماء التي يثني بها عليه، والإخبار بحوادث الأكوان وبما ثم، أو بما قرره من الأحكام على لسان الشرع، حتى تكون علي بصيرة من أمر في الدعاء إليه.

ولا تروِ عن رجل غير معصوم من الوهم والخطأ والكذب، إذ في الرواية عن الرسل من ذلك كثير، ولهذا ورد الضعف في الحديث بأنواع ضروب الضعف ورد منه كثير، فإذا أخذته من المعدن الذي أخذته الرسل كنت على بصيرة، ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول في هذا المقام ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾[يوسف: 108]، يقول: من اتبعني فيما شرعت كشف الله سبحانه وتعالى له حتى يرى صدق ما جئت به كم رأيت، فيخبر عن عين اليقين، وقد ورد خبر صححه الكشف وإن كان غير ثابت من طريق النقل، وتُكُلِم فيه أن رسول الله ﷺ قال: «لولا تمريج في قلوبكم، وتزيد في حديثكم، لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع»، يشير إلى أن ندرك الأمور ذوقًا كم أدركتها الرسل، الذين أُمرنا بالإقتداء بهم ليكون الناس مع الحق ما كان لهم فيم يجوز لنا أن نكون فيه، مما أبقاه علينا من ذلك واستثناه لقوله تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ﴾ [ق: 5]، فهذا هو التمريج الذي ذكر وأمثاله، وأما التزيد في الحديث فهو: أن الإنسان مجبول على الإفشاء، ولذلك كان في الكشف دون الحيوان لما قام بهم من الخرس، وقام به من التمكن في التوصيل لما يراه وإذاعته، ولما عُرف منه أنه ينم ستر عنه ما أراد الحق ألا يظهره؛ إلا لأهل الكتمان من عباده، إما بالحال كالبهائم، ومن لا يعط آلة الإفصاح أوفى لمن تحقق بالأمانة، ولا شك أن من نقل أمرًا رآه أو سمعه؛ فإن نقله على المعنى، فقد يزيد فيه أو ينقص منه، فالنقص من الشيء زيادة في الخبر ما لم يكن فيه، وإن نقل عن لفظ سمعه بلغته سواء فهم معناه أو لم يفهم؛ فذلك هو الُمبرأ من الزيادة في الحديث وهو قليل، وهذ القليل هو الذي يكشف له ما كشف للرسل فدعا إلى الله علي بصيرة؛ إلا أنه من أمانته لا يقول: أوحى إلّي، ولكن يقول: وقع في سري، أو رأيت في الواقعة، أو خاطبني الحق في قلبي بكذا وكذا، فما يشهد له أصول الشرع قبله. وهؤلاء السادة يرون ما رأته الرسل، ويسمعون ما سمعت الرسل، ويكونون في ذلك مع الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام فيما شرع له، وما تعبد به من شرع من كان قبله، فيكون قد ورث الرسول في هذه الحقيقة، فمثل هذا يثني على الله بم يُعلمه الله من أسمائه، إذ لا يثني عليه تعالى إلا بأسمائه، وقد  أشار إلى ذلك رسول الله ﷺ في إجماله فقال: «اللهم أسألك بأسمائك التي استأثرت بها في علم غيبك، أو علمته أحدًا من خلقك»، فنكر ولم يخص صنفً بعينه، لعلمه عليه الصلاة والسلام بأن الله تعالى قد يختص من شاء من عباده باسم من أسمائه - جعلنا الله ممن أخذ أسماءه منه حالاً - فتكون صفته لا نقلاً، فلا يكون عنده منها؛ إلا ما هو على لسانه، والإنسان متى أثنى على الله بما أثنى به عليه من أسمائه فقد ذكره، والله تعالى يقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: 152]، فإن الله تعالى يذكره بتلك الأسماء عينه فيعود عليه ذلك الثناء فيسميه بما سمى به نفسه، وهو صادق فيم يذكر به عبده فل يثني عليه بإعادة ذلك الثناء عليه، حتى يتحقق العبد من الله بتلك الأسماء في نفسه، فيكون عينها إذا كان مسمى بها، فيصدق الله في ذكره إياه بها، فإن قيل: نعم ذكر أنه يذكر من ذكره، فمَن قال أنه يذكره بما ذكره؟.

قلنا: الجواب من وجهين على هذا الوجه يسلم لنا، فإنه دعوى وهو أن تقول: كذا وجدنا الأمر في الكشف وسمعناه، والجواب الثاني: أن نقول ثبت قوله: «إنما هي أعمالكم ترد عليكم»، فرد علينا نفس عملنا، وما كان عملنا إل الثناء عليه بهذه  الأسماء المعينة، فإذا ردها علينا هو عين ثنائه علينا بها.

وأما وصيته بالصلاة على نبيه ﷺ، فإنه ثبت أنه من صلى على رسول الله ﷺ مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرً، فإنه أتى حسنة فله عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، بحسب المقام الذي منه صلى عليه، فمن دعا للنبي ﷺ بأمر فإن الله تعالى يعطيه أضعاف ذلك الأمر.


 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!