وشفاءً لصدره

وأما قوله: (وشفاءً لصدره) فإن الشيخ عين القرآن، ومعنى عين القرآن: أنه جامع لما أمره الله تعالى به من التخلق بالقرآن، كما قالت عائشة - رضي الله عنه وأبيها - عن رسول الله ﷺ حين سُئلت عن أخلاقه؟ فقالت: كانت أخلاقه القرآن، والله يقول في القرآن أنه ﴿شِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ﴾ [يونس: 57]، ﴿وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ﴾ [التوبة: 61]، فإذا صح إيمان المريد بالشيخ كانت رؤيته شفاء لما في صدره، وكان عندنا رجل بفاس يقال له: أبو العباس الخشاب، فجاء إليه إنسان بكتاب في الرقائق، فقال له: يا أبا العباس أريد أن أقرأ عليك هذ الكتاب، وتتكلم لي عليه؟ ثم جعل يقرأ والشيخ ساكت، فقال له: لما لا تتكلم لي عليه؟ فقال له الشيخ: اِقرأني، فقام من عنده، ودخل [إلي] أبي مدين شيخنا، وذكر له ما جرى من الخشاب، فقال له: صدقك، ما كان يتضمن الكتاب؟ فقال: جميع أنواع الطريق، من زهد، ومجاهدة، وورع، ومعرفة وغير ذلك، فقال له أبو مدين: فهل كان [ثم]باب لم يكن حالاً للخشاب؟ فقال: لا، كل ذلك صفة الخشاب، فقال له: فقراءتك إياه بحاله أبلغ من الكتاب، قال: اِقرأني، فإذا لم تنتفع بحاله ونعته، كيف تنتفع بكلامه؟ فهذا من الشفاء لما في صدره.