موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

جامعُ معنى اسمِ هذين الحرفين منِ مطلقِ كليَّةِ آيةٍ باديةٍ أو غائبةٍ تنتهي إلى نورِ كمالٍ بحكمِ إقامةِ الياءِ، منتهٍ ذلك الظهورُ إلى علوٍّ بإقامةِ الواوِ في اسمِ النونِ متعلقٍ في ترقِّيه بسواءٍ بإقامةِ الألفِ، فاعتلاقُ حكمُ العينِ ينتهي في ترقِّيها إلى سواءِ الألفِ كما كانت حِكمةُ الصادِ، وتتنزَّلُ في اعتلاقهِا إلى إحاطةِ تمامِ الظاهرِ بإقامةِ الياءِ، فالعينُ والصادُ إذا اتصلا وسَّعا سلسلةَ الحكمةِ ترقيًّا وتنزلًا، وكان ظاهرُ قوامِ الصادِ ألفًا، ثُمَّ تنتهي تتمَّةُ اسمِه إلى الياءِ وظاهرُ قوامِ [العينِ ياءً] تنتهي تتمَّةُ اسمِه إلى الألفِ، فكان الياءُ قوامَ الحكمةِ محيطةً فيهما منِ بين ظاهرٍ وباطنٍ في انتهائها راجعة في إحاطتهِا إلى الألفِ بين باطنٍ وظاهرٍ، فوفَّى انتظامُها بـ«الياء» التي هي قوامُ أدنى الدنوِّ إحاطةً، وبـ«الهاء» التي هي إحاطةُ غيبِ كلِّ ظاهرٍ بإظهارِ الظاهرِ المكملِ الكافي الذي هو الكافُ، فالحروفُ التي تكتفي بها الحكمةُ العليَّةُ في خمستهِا المنتظمةِ منِ مفتتحِ سورةِ ﴿ كٓهيعٓصٓ ﴾ [مريم: 1]، فالهاءُ والياءُ إحاطةُ غيبٍ، والكافُ كمالُ ظهورٍ، والعينُ والصادُ مظهرا ثلاثتها الأكملان في حسَّي السمعِ بمقتضى الصادِ، والعينُ بمقتضى حرفِ العينِ، ولا يوضعُ هذا الاسمُ العليُّ على شيءٍ إلّا وَفَّي فيه بمقتضى اليُمنِ والقوةِ، وكذلك إذا ألقي لفِظُه على أصابعِ اليدِ اليمنى، ثُمَّ وُضع على هائجةِ أمرٍ سكنتَْ ببركةِ حكمةِ الله العليَّةِ فيها القيمةُ على ما أولاه منِ تفصيلِ حكمتهِ الجامعةِ مَن أتاه منها حظٌ منِ خَلقِه، وللياءِ في إقامةِ هذا الحرفِ اعتمادٌ على روحٍ منِ الألفِ لموقعِ فتحِ الحرفين اللذين هما حرفا الاسمِ وأوُّلهِ.

* * *