موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ولمَّا كمُل التفصيلُ بالسبعِ اقتضت حكمةُ الزوجيةِ جمعَ ما اشتملت عليه السبعُ منِ الأزواجِ وهما رتبةُ الباءِ، وَرتبةُ الدالِ، فوقع بالتضعيفِ في الرتبةِ الثامنةِ، وكان فيه جِمَاعُ كلِّ سببٍ، وظاهرُ كلِّ وجودٍ تامٍ ثابتٍ دائمٍ، فكان فيباطنِ السبعِ حدُّ ما في كليَّةِ زوجِ السبعِ منِ الصورِ الثابتاتِ بأسبابهِا المقيماتِ، وهي محلُّ الكرسيِّ واللوحِ المحفوظِ، ووسْعِ ما حوته السمواتُ السبعُ بأرضِها، كمٍا قال تعالى: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ [البقرة: 255]، وكلُّ صورة في السبعيْن إمَّا في السبعِ السموات، فما في فلك البروجِ الذي هو ثامنُ فلكٍ منِ السماءِ الدنيا، فهو في رتبةِ نسبةِ الكرسيِّ، ومحلِّ الحاءِ منِ السمواتِ السبعِ، وإمَّا منِ السبعِ الأرضين؛ فما أحاطَ به وجهُ الأرضِ منِ الصُّوَرِ في المواليدِ الأربعةِ: المعدنيةُ والنباتيةُ والحيوانيةُ والإنسانيةُ، وما يكون منها كلُّ ذَلكَ على محلِّ ذاتٍ منِ مثلِ ما وسِعَهُ الكرسيُّ، فالباءُ والدالُ ضمن الحاءِ، وما في الفلكِ الثامنِ منِ الصُّوَرِ والهيئاتِ مثل ما في الكرسيِّ، وما في الأرضِ آياتٌ مثل ما في الفلكِ الثامنِ الذي هو حاءُ الأفلاكِ، ولتمامِ التفصيلِ بالسبعِ كان كعَقْدٍ لإظهارِ آيةِ الزوجِ في الحكمةِ، وكان جمعُ أزواجِ السبعِ منِ نظامِ الآحادِ.

* * *