موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

لمَّا كانَ الطاءُ جامعَ آحادِ التسعِ وقوامَ الحاءِ وجب أن يكونَ في هذه الرتبةِ لمَا هو جامعُ آحادِ تسعِ العشراتِ، وقوام الفاءِ، فحيث يكونُ حدُّ الفطرةِ منتهيًا إلى جماعِ صِدْقٍ ومطابقةِ حقيقةٍ بلُطفٍ تكون هذه الرتبةُ حرفَ ذلك، وهو الصادُ، كما هو في جُمَّلِ المصريين ومَن تبعَهم، وحيثُ يكونُ حدُّ الفطرةِ منتهيًا إلى حدِّ صدقِ عنفِ ومطابقةِ حقٍّ بمضاءِ أمرٍ تكون هذه الرتبةُ لحرفٍ لذلك، وهو الضادُ قسيمُ الصادِ، كما في جُمَّلِ أهلِ المغربِ،

ولذلك أُثبتِت أمورُهم على إقامةِ الحدودِ والأخذِ بالقوةِ والصدعِ بالحقِّ الضَّار ِفي الحالِ بهوى النفسِ، وأُثبتِت أمورُ أهلِ مصر على الأخذِ بالُّلطفِ والحِيَلِ، والتأني إلى المقاصدِ بالاحتمالِ، وهذه الرتبةُ التاسعةُ مطلقًا رتبةُ العرشِ في آحادٍ كانت أو في عشرات، وهي محلُّ المُلكِ ونفوذُ الأمرِ، وأُظهِرَ ذلك في آحادِها لقيامِ الآحادِ بحدِّ الألفِ التي هي الهمزةُ، ولعشراتهِا حظٌّ منه، وهي في عشراتهِا متسعةٌ لطرفي معنى هذا الحرفِ منِ الصادِ والضادِ.

* * *