موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب المبادئ والغايات فيما تحوي عليه حروف المعجم من المعاني والآيات

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو للشيخ فخر الدين عبد اللّه أبى الحسن على بن أحمد ابن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن محمد التجيبى الحرّالى

رتبة «الراء»

 

 


ولمَّا كانت الباءُ بدءَ التسبيبِ لأنَّه ثاني الهمزةِ، وكان الكافُ مظهرَ الكونِ لأنَّه ثاني الباءِ، كانت الراءُ قوامَ التطويرِ والتصويرِ في الخَلقِ الظاهرةِ المترتبِ ظهور أوَّلهِا على الكونِ المرتبِ على التسبُّبِ المستندِ كليَّة ذلك إلى غيبِ الألفِ وإحاطتهِ، فاختصَّ الراءُ بهذه الرتبةِ لمقتضى معناه وترتيبِ رتبتهِ على رتبةِ الكافِ بعد رتبةِ الباءِ، فظهرَ في ذاتهِا تكرارٌ لمقتضى تنبيهِ التكوينِ بالتصييرِ والتدريجِ، وهو تخلُّقُ ما استوى لفظُه في حرفِ اللامِ، فلذلك صار الراءُ ظاهرَ اللامِ في نسقِ فواتحِ الراءِ، ولذلك اشتدَّت الوطأةُ فيها حتى كنَّ بنورِها المفصَّلِ فيها مقتضاها مسبباتٍ للعالمِ لموقعِ مجراها [في أمَّتهِ]، ولو لم يكن إلاَّ الأدبُ اللازمُ وقعه في الترتيبِ الجاري في ذلك مجرى التخلقِ في التطويرِ، وكذلك ظهر هذا الحرفُ في النارِ التي عوَّل عليها الخلقُ في تطويرِ الأشياءِ وإظهارِ الصوَرِ، كما جُعلت الوسيلةُ في كشفِ غواشي الفطرةِ منِ لدنِ الاحتراقِ بها في الدنيا ظاهرًا كالحمى ونحوها منِ حرارةِ القبضِ، وباطناً كالعشقِ والشوقِ ونحوه منِ حرارةِ الصدورِ، وبالجملةِ فالراءُ منِ رتبةِ المئين ونسبتُها التي في الياءِ منِ رتبةِ الآحادِ متى وجدا في كلمةٍ واحدةٍ كانت أصلًا لتسبيبٍ وتطويرٍ كما في البَرِّ والبرِ، ونحو ذلك رتبةُ ما يجتمعُ بتصييرِ الراءِ وتدريجِه، وهو حرفُ الوفاءِ برُتبِ الوجودِ الثلاثِ في طرفي معناه، وهو السينُ أو الشينُ، وكما كان اللامُ جامعَ أمرِ الكافِ، والجيمُ جامعَ أمرِ الباء، فحيثُ يكونُ غالبُ أمرِ التربيةِ والتصييرِ مما يُسمعُ ويُنقلُ تكونُ هذه الرتبةُ لطرفِ الإسماعِ الذي حرفُه السينِ، كما هو في جُمَّلِ أهلِ المغربِ، وحيثُ يكونُ غالبُ أمرِ التربيةِ على ما يظهرُ للأعيانِ منِ الأشياءِ دون المسموعِ تكونُ هذه الرتبةُ لجامعِ الأشياءِ، وهو الشينُ كما في جُمَّلِ المصريين، وذلك لأنَّ معايناتِ أهلِ المغربِ مستورةٌ مغيبةٌ فهم ذووا دعوةٍ فيهم إلى الحقِّ في رِبايتهِم، ومعايناتُ أهلِ مصر ظاهرةٌ مشهورةٌ فهم ذووا إظهارٍ لآيةِ الحقيقةِ في ربايتهم، فكانت الحقيقةُ في موطنِ الحقِّ سرًا، وكان الحقُّ في موطنِ الحقيقةِ شرًا.

واعلم أنَّه لمَّا أُجريت المقايسةُ فيما بين أهلِ المغرب ومصر لمقابلةِ ظهورِ حدِّ الحقِّ لظهورِ سعةِ الحقيقةِ فيهما ولن يفي بالغايتين غيرُهما منِ الأرضِ.

وأمَّا مكةُ شرَّفها اللهُ تعالى فامتكت كليَّةَ الحكمةِ، ومدنٌ بالمدينةِ الطيَّبةِ كليَّةَ الكلمةِ والحكمةِ، وأحديَّةُ أمرِهما، وبالباءِ بركةُ ظاهرِ بيتِ المقدسِ منِ الأرضِ، فهنَّ متفاوتاتٌ لا متقابلات، فلذلك جرى النظرُ في التقابلِ، وبين موطنيَ الحدَّةِ والسعةِ في آيةِ ما هو الحقُّ والحقيقةُ.

* * *


hXPh3Gy1sKg

 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!