موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(69) المكتوب التاسع والستون إلى محمد مراد البدخشي في بيان تعديل أركان الصلاة والطمأنينة وتسوية الصفوف ولزوم تصحيح النية عند الذهاب إلى محاربة الكفار والأمر بصلاة التهجد والإحتياط في اللقمة وما يتعلق به

 

 


(٦٩) المكتوب التّاسع والسّتّون إلى محمّد مراد البدخشيّ في بيان تعديل أركان الصّلاة والطّمأنينة وتسوية الصّفوف ولزوم تصحيح النّيّة عند الذّهاب إلى محاربة الكفّار والأمر بصلاة التّهجّد والإحتياط في اللّقمة وما يتعلّق به

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وصلت الصّحيفة الشّريفة الّتي أرسلتموها ولمّا كانت متضمّنة لثبات الاصحاب واستقامتهم أورثت فرحا وافرا زادكم الله سبحانه ثباتا واستقامة واندرج فيها انّ الامر الذي كنّا مأمورين به نداوم عليه مع جمع من الاصحاب الذين دخلوا في الطّريقة ونؤدّي الصّلوات الخمس بجماعة مشتملة على خمسين أو ستّين نفرا حمدا لله سبحانه على ذلك يا لها من نعمة عظيمة إذا كان الباطن معمورا بالذّكر الإلهيّ جلّ شأنه والظّاهر متحلّي بالأحكام الشّرعيّة ولمّا كان أكثر النّاس في هذه الايّام يتساهلون في أداء الصّلاة ولا يتقيّدون بالطّمأنينة وتعديل الاركان أردت أن أكتب في هذا الباب بالتّأكيد والمبالغة بالضّرورة فينبغي الإستماع والإصغاء قال المخبر الصّادق عليه الصّلاة والسّلام: «أسوأ النّاس سرقة الذي يسرق من صلاته قالوا يا رسول الله: وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتمّ ركوعها ولا سجودها» (١) وقال عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام أيضا “ لا ينظر الله إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبه بين خشوعها وسجودها» (٢). ورأى النّبيّ عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام رجلا يصلّي ولا يتمّ ركوعه ولا سجوده فقال: أما تخاف لو متّ على ذلك لمتّ على غير دين محمّد (٣) ” وأيضا قال عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام: «لا تتمّ صلاة أحدكم حتّى يقوم بعد ركوعها بالتّمام ويثبت صلبه ويستقرّ كلّ عضو منه في محلّه». وكذلك قال عليه الصّلاة والسّلام: «ما لم يقعد بين السّجدتين ولم يقم صلبه ويثبت لا يتمّ صلاته “ ” ومرّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بواحد من المصلّين فرآه لا يتمّ أحكام الصّلاة وأركانها والقومة والجلسة فقال لو متّ على ذلك لا يقال لك من أمّتي يوم القيامة "

__________

(١) صحيح: أحمد في المسند: مسند أبي سعيد الخدري. سنن الدارمي: ك: الصلاة. ب: في الذي لا يتم الركوع والسجود ح ١٢٩٤. والطبراني في المعجم الكبير: باب الحاء: الحارث بن ربعي. وصححه السيوطي في الجامع الصغير ح ١٠٤٠. وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد. ك: الصلاة: ب: ما جاء في الركوع والسجود ح ٢٧١٩) وفي ح ٢٧٢٠ قال: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وفيه علي بن زيد وهو مختلف في الاحتجاج به وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي حديث ٢٧٢١ قال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين وثقه أحمد وأبو حاتم وابن حبان وضعفه دحيم وقال النسائي: ليس بالقوي. وبقية رجاله ثقات.

(٢) صحيح: أخرجه أبو داود في السنن: ك: الصلاة. ب: صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود ح ٨٤٠ ابن ماجه: ك: إقامة الصلاة: ب: الركوع في الصلاة ح ٨٧٠ ٨٧١ وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. (كنز العمال للمتقي الهندي ح ١٩٧٥٩.) مسند أحمد: أول مسند المدنيين: حديث طلق بن علي. الطبراني في الكبير: عبد الله بن يزيد الخطمي.

(٣) ++لم أقف عليه.

وقال في محلّ آخر: «لو متّ على ذلك متّ على غير دين محمّد “ قال أبو هريرة رضي الله عنه: «يكون شخص يصلّي ستّين سنة ولا تقبل واحدة من صلواتها وهو شخص لا يتمّ ركوعها ولا سجوده ” “ قيل رأى زيد بن وهب رجلا يصلّي ولا يتمّ الرّكوع والسّجود فدعاه وقال: منذ كم سنة تصلّي هكذا قال منذ أربعين سنة قال: ما صلّيت في هذه الاربعين سنة لو متّ لمتّ على غير سنّة محمّد ” “ نقل أنّه إذا صلّى المؤمن وأحسن صلاته وأتمّ ركوعه وسجوده يكون لصلاته بشاشة ونور فتعرج بها الملائكة إلى السّماء وتدعو الصّلاة للمصلّي وتقول: حفظك الله كما حفظتني فإن لم يحسن أداء الصّلاة تكون تلك الصّلاة ظلمانيّة فتكرهها الملائكة ولا يعرجون بها إلى السّماء فتدعو الصّلاة على المصلّي دعاء الشّرّ وتقول ضيّعك الله تعالى كما ضيّعتني ” فينبغي إتمام أداء الصّلاة وتعديل الاركان ورعاية القومة والجلسة وينبغي دلالة الآخرين أيضا على إتمام الصّلاة بالطّمأنينة وتعديل الاركان وأكثر النّاس محرومون من هذه الدولة وهذا العمل صار متروكا بالكلّيّة وإحياؤه من أهمّ مهمّات الإسلام قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “ من أحيا سنّتي بعد أن أميتت فله ثواب مائة شهيد» (١) (واعلم) أيضا أنّه ينبغي تسوية الصّفوف في صلاة الجماعة من غير أن يتقدّم أحد من المصلّين ولا يتأخّر بل ينبغي السّعي في تسوية الكلّ ” كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أوّلا يسوّي الصّفوف ثمّ يشرع في الصّلاة " وقال صلّى الله عليه وسلّم: «تسوية الصّفوف من إقامة الصّلاة» (٢). ربّنا آتنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ (٣) (أيّها السّعيد) العمل إنّما يصحّ بالنّيّة وحيث ذهبتم إلى الجهاد من كفّار دار الحرب ينبغي أوّلا تصحيح النيّة حتّى يترتّب عليه النّتيجة ينبغي أن يكون المقصود من هذا الحرب والجدال إعلاء كلمة الله وتوهين أعداء الدين وتخريبهم فإنّا مأمورون بذلك المقصود من جميع الجهاد هو هذا فلا تبطلوا نيّاتكم بأمور أخر وعلوفة الغزاة مقرّرة ومتعيّنة من بيت المال ليست بمنافية للجهاد في سبيل الله ولا توجب النّقصان في أجرة الغزاة وإنّما يبطل العمل النّيّات الفاسدة فينبغي تصحيح النّيّة وأخذ العلوفة من بيت المال والجهاد مع الكفّار وتوقّع أجر

__________

(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ وهو عند الترمذي بلفظ: «من أحيا سنتي قد أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه من آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا». وقال: حديث حسن. سنن الترمذي: أبواب العلمعن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ب: الأخذ بالسنة واجتناب البدعة. ح: ٢٨١٨. وقال الشعراني: وروى البيهقي مرفوعا: من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد. (العهود المحمدية للشعراني: قسم المأمورات). وقال الفتني في تذكرة الموضوعات: في حديث حسن " من أحيى سنة وأمات بدعة كان له أجر مائة شهيد». (تذكرة الموضوعات للفتني: ك: العلم. ب: التطوع. الفصل الرابع في رجب والرغائب.

(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في صحيحه: ك: الجماعة والإمامة. ب: إقامة الف من تمام الصلاة ح ٦٩٠. ومسلم: ك: الصلاة. ب: تسوية الصفوف ح ٤٣٣.

(٣) آل عمران: ٨

الغزاة والشّهداء ونحن نغبط حالكم حيث أنّكم مشغولون في الباطن بالحقّ سبحانه وفي الظّاهر تؤدّون الصّلاة مع جماعة كثيرة ومع ذلك تشرّفتم بالجهاد مع الكفّار فمن سلم فهو غاز ومن هلك فهو شهيد ولكن كلّ ذلك إنّما يتصوّر بعد تصحيح النّيّة فإن لم تتحقّق حقيقة النّيّة ينبغي تحصيلها بالتّكلّف وأن يكون ملتجئا ومتضرّعا إلى الله تعالى لتتيسّر حقيقة النّيّة رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا واِغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) والنّصيحة الاخرى الّتي أنصح بها التزام صلاة التّهجّد فإنّها من ضروريّات الطّريق. وقد قيل لكم في الحضور أيضا: إذا تعسّر عليكم هذا المعنى ولم يتيسّر الإنتباه على خلاف المعتاد ينبغي أن يوكّل لهذا الامر جمعا من المتعلّقين ليوقظوكم وقت التّهجّد طوعا أو كرها ولا يتركوكم على نور الغفلة فإذا فعلتم ذلك أيّاما يرجى أن تتيسّر المداومة على ذلك من غير تكلّف. والنّصيحة الاخرى الإحتياط في اللّقمة لا ينبغي للإنسان أن يأكل كلّ ما التقاه من أيّ محلّ كان من غير ملاحظة الحلّيّة والحرمة الشّرعيّتين فإنّ الإنسان لم يترك سدى حتّى يفعل كلّ ما يريد بل له مولى جلّ شأنه كلّفه بالأمر والنّهي وبيّن مرضاه وغير مرضاه بتوسّط الانبياء عليهم الصّلوات والتّسليمات الذين هم رحمات للعالمين والمحروم من السّعادة من يقتضي خلاف مرضى مولاه ويتصرّف في ملكه وملكه بلا إذنه ينبغي الإستحياء حيث يراعون رضا الصّاحب المجازيّ ولا يريدون فوت دقيقة في هذا الباب ومولاهم الحقيقيّ قد نهاهم عن الامور الغير المرضيّة بالتّأكيد والمبالغة وزجرهم زجرا بليغا وهم لا يلتفتون إليه أصلا فهذا هل هو إسلام أو كفر فليتفكّروا تفكّرا جيّدا وما فاتت الفرصة يمكن أن يتدارك ما سبق " التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له» (٢) بشارة للمقصّرين فلو أصرّ شخص على الذّنب مع وجود ذلك وفرح به فهو منافق لا ترفع

__________

(١) التحريم: ٨

(٢) سنن ابن ماجه: ك: الزهد. ب: ذكر التوبة. ح ٤٢٥٠. الطبراني في المعجم الكبير: باب الظاء ح عبد الله بن مسعود. وقال العجلوني: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رفعهقال في الأصل ورجاله ثقاتبل حسنه شيخنا يعني لشواهد هو إلا فأبو عبيدة بن عبد الله أحد رجاله لم يسمع من أبيه، ومن شواهده ما أخرجه البيهقي وأبن عساكر عن ابن عباس بزيادة والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه ومن آذى مسلما كان عليه من الإثم مثل كذا وكذا وفي لفظ كان عليه من الذنوب مثل منابت النخل وسنده ضعيف بل الحديث موقوف على الراجح. ولأبي نعيم والطبراني في الكبير بسند ضعيف عن أبي سعيد الأنصاري مرفوعا الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، (كشف الخفاء: ح ٩٤٤) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. . (مجمع الزوائد ح ١٧٥٢٦.) وقال الحافظ العراقي: حديث «التائب حبيب الله والتائب من الذنب كمن لا ذنب له» أخرجه ابن ماجه من حديث ابن مسعود بالشطر الثاني دون الأولو أما الشطر الأول فروى ابن أبي الدنيا في التوبة وأبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث أنس بسند ضعيف “ إن الله يحب الشاب التائب ” ولعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبي يعلى بسند ضعيف من حديث علي " إن الله يحب العبد المؤمن المفتن التواب».

* وضعفه السيوطي في الجامع الصغير ح ٩٣١٦.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!