موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


1. تقديم

إن الكتابة في التصوف اليوم، تتطلب رجوعا جذريا إلى منابع نصوصه نفسها، بعيدا عن المؤلفات التي طالعنا بها العصر الحديث، بعد الأربعينات..

مؤلفات أخذت في ظاهرها منهجية علمية، أرادتها موضوعية فجاءت استشراق بعيدا عن الفهم لهذه التجربة الاسلامية. ولم تكتف بذلك بل توالدت، تنقل عن بعضه البعض. فلا نكاد نحصل - الّا نادرا - على كتاب حول تاريخ التصوف ورجاله الخ. . إل أن يكون مبوبا تبويبا أضحى تقليديا، لا يكلف المؤلف نفسه عناء تمحيصه الموضوعي، فجاء واحدا يشمل: نشأة التصوف، سبب التسمية، مصادر التصّوف الاسلامي. وهكذا..

وبرع دارسو التصوف في كل علم، فانطلقوا من هذا العلم في قراءة ايديولوجية للنصوص الصوفية، وهم يتوهمون موضوعية، سقطت امام أحدية الجانب الذي ينظرون منه إلى هذه النصوص.

فالبحث الصوفي اليوم، حتى يكون صوفيا، عليه أن يرجع إلى الجذور، رجوع يحقّق فصلا معينا بين الباحث والمتصوف في علاقة من داخل، تفتّح أمامه:

رؤية إسلامية تجريبية. تضم إلى أبعادها الكونية - الإلهية، بعدا باطني إنسانيا.

وتطرح هذه العودة أمام الباحثين “ شركا “ سقط فيه الكثير منهم، فلم يميزوا بين التجربة الصوفية وبين التعبير عنها.

فطابقوا بينهما، مطابقة هي المسؤولة في إرجاعهم التصوف الاسلامي إلى أصول تارة يونانية، وهندية، وأخرى فارسية..

الخ..

فالتجربة الصوفية، حيث تقف “ ذات “ المتصوف في مواجهة موضوع حبها أو معرفتها. هي تجربة جوانية تتحرك في اطار ذاتية معيشة، بعيدا عن الحروف، والكلمات. . بعيدا عن “ الآخرين “. وهي تجربة قرب وعرفان مجالها الحيوي:

القرآن والسنة. تجربة اسلامية من نمط قرآني خاص :” وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ “[ 2 / 282 ] ““ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ “1 [ 3 / 191 ].

أما التعبير عن هذه التجربة، فهو خروج من الذاتية والجوانية إلى “ الآخرين “، هي عودة الصوفي من رحلته في “ الأعماق “ إلى “ الآفاق “.

وهنا تأخذ هذه الجوانية اشكالا لدى التعبير عنها: تأخذ لغة “ الآخرين “.

وهذا منسجم تماما مع السنّة، “ أمرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم “، فالخطاب تنزّل من عوالم “ الذات “ في اطلاقها إلى حدود الحرف. . إلى افهام الآخرين. . إلى “ قدر العقول “.

وهنا على مستوى التعبير، تدخل العبارات والاصطلاحات والمفاهيم السائدة في زمن الخطاب، فيتناولها “ الصوفي “ ليعبر بها عن تجربته، في محاولة تواصل مع “ الآخرين “. فتظهر بالتالي مفردات نجد جذورها في فلسفات شرقية ويونانية، تظهر على مستوى “ التعبير “، وهي المرحلة التي تلي صفاء ونقاء التجربة.

ولكن هل عبّر المتصوفة عن تجربتهم بلغة الآخرين ؟

- وهنا تنتفي إمكانية معجم صوفي. وتظل دراستهم محصورة بالنظريات - أم خلقوا من تجربتهم لغة جديدة ؟

..........................................................................................

( 1 ) ان القرآن يدفع الانسان إلى التفكر في كل شيء، في كل قضية ما عد الذات الإلهية، يدفعه من كونه عاقلا وليس مؤمنا فقط، فظهر فعل التعقل في القرآن مخالفا للعقل اليوناني أو الأوروبي - الكانتي، فهو فعل يقوم به الانسان بجملته، انه نتاج الانسان ككل يمتزج فيه المعقول باللامعقول من حيث كونه واقعا. . حادثا.

فالواقع يتخطى المعقول بامتزاجه بطاقات خفية يسعى الانسان للتوصل إليها، حتى العلم الحديث نفسه يتجه إلى الطاقات الخفية في الانسان، والعلم الانساني إلى اليوم محدود، حتى العلم بأقرب الأشياء الينا وهو جسدنا نحن إلى اليوم نجهل عنه الكثير، فكيف بأرواحنا وأنفسنا ؟ وما إلى ذلك من كونياتنا المغيبة عن بصرنا، الحاضرة في واقعنا.

لماذا هناك لغة جديدة ؟

لغة التصوف قبل الشيخ ابن العربي يكاد يجمعها أساس واحد، وهو انها لغة تعرب عن تأمل وتجربة متلازمين. ولهذا انحصرت مشكلة متصوفي تلك الفترة في التعبير، واشتركوا في الشكوى من حدود الحرف وعدم طاقته الاستيعابية لابعاد تجربة مطلقة.

إذ ان الكلمة لا تستطيع ان تعبر بتطابق كلي عن الحال المعيشة، فنرى المفردات تتعدد بتسلسل متدرج في محاولة يائسة ساعية نحو التطابق مع التجربة، ويظهر الحرف والكلمة في كتاباتهم “ غيرا “ و “ سوى “ و “ ثانيا “ إلى جانب المراد منه، ويتضح عجزه عن التعبير عن ذات التجربة، بل حتى عن اتحاده الحقيقي بمضمونه.

وربما رجع سبب هذا العجز إلى أنهم حاولوا التعبير عن تجربة خاصة، ذات طبيعة فردية بلغة عامة لم تخلقها تجربتهم.

والأهم من ذلك ان محاولة التعبير هذه، كانت من داخل التجربة نفسها، يدل على ذلك ظهور عبارات قيلت تحت وطأة الشطح، والسكر، والفناء والبهللة. . إلى آخر أنواع الغيبات السلوكية.

لغة “ تنظير “ لتجربة من خلال مقدرة فذة على التعبير عن هذه التجربة:

كان الشيخ ابن العربي من أوائل من انفصل من المتصوفة عن تجربته الصوفية ليحللها، وينتقل بها من ميدان المواجيد والأحوال، إلى منطق العلم والنظريات.

ولذلك يأخذ بعض عليه “ برودته الصوفية “، ويرى بعض آخر فضله في ادخال الغرباء عن عالم التصوف، إلى محراب هذا العالم، وذلك بتؤدة العلماء، دون ان تزلزلهم صيحات الوجد ولا تغرقهم بحار الغيبة.

وقد كان يتحلى، إلى جانب تجربته الواسعة الغنية، بملكة التعبير عنها إذ انه يمتلك أسلوب التعبير الصحيح بالوسائل “ الكلاسيكية “ جميعها، فنراه يعبّر عن فكرته الواحدة بفنون من القول، كما أن الكلمة لدنه تتحد بمضمونها لا لتعبّر عنه بل لتكونه، وتنتقل الكلمة من كونها “ سوى “ يثنّى المضمون إلى واحد هو عين المضمون، ولا نجد عند شيخنا الأكبر تلك الشكوى، من حدود الحرف وعجزه وتقصيره، بل العكس يتحول الحرف إلى ذات مضمونه.

وبالتالي لا تتعدد لديه

المترادفات، بل كل مفرد هو غير الآخر، لأنه وان كان يرمز إلى الحقيقة الواحدة، الا ان نسبته إليها من وجه خاص، لا يشترك فيه مع غيره. اذن انفردت الكلمة بمضمون وحيد، لأنها استطاعت عند الشيخ ابن العربي أن تكون المراد منها، فلم يحتج إلى التعداد.

وان أردنا التعبير بلغة الشيخ الأكبر، نقول: ان التجربة الصوفية هي:

الظاهر، والتعبير هو: المظهر.

فلا “ تظهر “ التجربة الا في “ مظهرها “، متحققة في كلمات.

وهذا التطابق بين التجربة واللغة لا يتحقق الا عند بلوغ التجربة مرحلة الاكتمال - فيتحول نشاطها إلى الخارج للتعبير عن نفسها. وهذا ما نلمسه عند الشيخ ابن العربي.

غير أن هذا التطابق لا ينفي وجود العالمين: عالم الذات في نقاوته أو جوانية التجربة، وعالم الآخرين المتمثل في: المشاكل الفكرية المطروحة - في زمن التعبير عن التجربة - من جهة، واللغة الحية آنذاك من جهة أخرى.

ولقد ظهرت مع الشيخ ابن العربي في أفق التصوف لغة جديدة، هي لا شك وليدة نمط فكري جديد، وتجربة اسلامية اكتملت خلال قرون ستة، ونظرة شمولية إلى الكون. . نظرة عبقري من النمط الفريد على المستوى العالمي وليس على المستوى الاسلامي فقط.

لقد استطاع الشيخ ابن العربي ان يكون نهاية مرحلة، بكل ما تحويه هذه الفكرة من ابعاد، فكما اختتم “ أرسطو “ مرحلة في الفكر اليوناني، و “ كانت “ وضع نهاية مرحلة في الفكر الانساني، هكذا يجب ان ننظر إلى الشيخ ابن العربي الذي استوعبت كتبه التجربة الصوفية السابقة، فاختصر قرون ستة سابقة وقضى على قرون ستة لاحقة.

على مستوى هذه العبقريات الكبرى يجب ان ننظر إلى الشيخ ابن العربي، الذي اعطى الديانة الاسلامية وافق أفكارها وسعا عالميا كونيا، وان لم يلمس العالم الغربي عن قرب هذه العبقرية [ باستثناء طبعا المهتمين بالاسلاميات والتصوف الاسلامي كماسينيون، وهنري كوربان ].

فذلك انه لم يترجم، علّ عذره هو ضخامة نتاج الشيخ ابن العربي وغموضه.

ومن هنا أهمية الشيخ ابن العربي في كل عمل موسوعي يتناول التصوف. فهو من جهة يمثل قمة تفتح امكانات التجربة الصوفية عبر تطورها التاريخي.

كما أنه من جهة ثانية، يتمتع بطاقة غريبة على خلق المفردات، لكأني به يشعر بامتلاكه الشيء عند تسميته.

فهو عندما يحاول ان يشرح للقارئ مثلا: حالا من الأحوال، أو عالما من العوالم، أو مرتبة من المراتب الكونية، أو حكما من الأحكام. . يوضح مظاهره، والأهم من ذلك كله يعطيه: اسما. وهذه الرغبة الملحة لديه في تسمية الأشياء لامتلاكها.

خلقت لغة جديدة. لغة استطاعت، ان تضع امام كل أفكار التصوف السابقة وجزئياته: أسماء و “ مفردات “.

كل ذلك يبرر ظهور “ معجم صوفي “ من جهة، ويحتم نسبته إلى الشيخ الأكبر من جهة ثانية. فهو “ قطب “ اللغة الصوفية ومفرداتها. وكل “ مفرد “ يطالعنا في نصوص أرباب الصوفية: اما انه يتجه إلى التكامل عنده، أو عالة عليه.

ولكن هل تحققت هذه اللغة الجديدة باصطلاح فيه بعض من ثبوت أعطاها اسم اللغة ؟

نجيب عمليا عن هذا السؤال، بنقاط نستخلصها من منهج الشيخ ابن العربي في نظرته إلى المفردات.

 - افراغ الكلمة من إشارة مضمونه الذاتية:

لقد نقل الشيخ ابن العربي مضمون بعض المفردات ( كالتوكل والاستقامة. . ) من وجود منطقي إلى وجود واقعي.

فالتوكل مثلا في التصوف الكلاسيكي له إشارة ذاتية تميز صاحبها بصفة خاصة لا يتمتع بها غير المتوكل.

على حين ان الشيخ ابن العربي، بعد بيانه معنى التوكل عند السابقين، ينقلنا إلى نظرته الخاصة فهو لم يميز المتوكل عن غيره، فعلى صعيد الواقعRealiteكل انسان هو متوكل شاء أم أبى 1، لأن الفاعل الحقيقي لكل شيء وفي كل شيء هو اللّه.

..........................................................................................

( 1 ) كذلك كل مخلوق، مستقيم، لأنه يؤدي الدور الذي خلق من اجله.

راجع “ استقامة “ في هذا المعجم.

فقد أفرغ الشيخ ابن العربي كلمة “ توكل “ وأمثالها من مقامات التصوف الكلاسيكي ومنازله، من مضامينها الخاصة.

ولكن جدليته لا تنتهي عند هذا النفي، بل تعطي إثباتا بديلا، يتميز المتوكل به عن المسمى في العادة غير متوكل، بالوعي(prise de conscience) فالمتوكل هو من وعي هذا الواقع التوكلي الحادث.

وهكذا تخطى الشيخ الأكبر كل المقامات الكلاسيكية التي تفترض إرادتين ووجودين، إلى وحدة هي غنى مثقل بالمفاهيم والنسب والإضافات، استوعب الثنائية الكلاسيكية كحدي تحقق جدلي.

 - نقل مضمون الكلمة من مستوى إلى مستوى:

نقل الشيخ ابن العربي معظم المفردات، ذات الدلالات النفسانية والعرفانية والاجتماعية والخلقية إلى مستوى وجودي تنفصل فيه عن قيم الخير والجمال، لتعبر عن وجود كياني. مثلا: الكمال لم يعد يومئ إلى تصور خلقي متعارف بل يفيد جمع صفاتيا في كينونة. فالانسان يعتبر كاملا، أو يقترب من الكمال، كلما جمع في كونه صفات مرتبته بغض النظر عن تقويمها عقلا وشرعا وعرفا.

كذلك “ الفناء والبقاء “ نظر اليهما التصوف الكلاسيكي، على أنهما حالان نفسيتان روحيتان معينتان.

نقلهما الشيخ الأكبر في مرحلة ثانية، إلى صعيد الوجود.

فأضحى الفناء والبقاء برأيه هما فناء الوجود وزواله ثم عودة الوجود ل بذاته بل بمثله ( انظر كلمة “ خلق جديد “ ).

وهكذا انتقلت هاتان الكلمتان من ميدان الشعور والاحساس إلى ميدان الوجود العيني.

 - تغير مضمون الكلمة في التعريف والتنكير تغيرا كليا:

يستعمل الشيخ ابن العربي بعض المفردات معرّفة ونكرة، وقد نشعر من استعماله لها بتضارب تناقضي، ان لم ننتبه لاستنباط الأساس الذي اعتمده في انتقاله بين التعريف والتنكير، فالمصطلح معرفا هو ذات محددة بشخص معين، ومنكرا هو صفة ومرتبة تطلق على كل من حصّلها. ونضرب لذلك مثلا:

القلم ( معرفة ) - القلم الأعلى - أول مخلوق في عالم التدوين والتسطير.

( القلم هنا واحد )

القلم ( نكرة ) - مرتبة الفعل أو الذكورة في مقابل مرتبة الانفعال أو الأنوثة

( - لوح ) ( القلم هنا لا يحصى عدده ) [ راجع “ قلم “ ]

وقد لا يقدّر القارئ البعيد عن أجواء الشيخ الأكبر هذه الاستنباطات الخاصة متأثرا ببساطة العرض، ولكن العارف المطلّع على أسلوبه في تشتيت نظرياته وايرادها بشكل متشابك متبعثر، يقوّم وصولنا إلى لمس حركية فكره على اتساع مؤلفاته وانتثار مفرداته.

فقد يقول في نص ورد في أول فتوحاته مثلا: إن أول مخلوق هو القلم الأعلى ثم لا يلبث بعد ان يملي مئات الصفحات في مواضيع مختلفة، ان يقول عن أول مخلوق إنه لوح. هل يتناقض ؟ كلا. ففي الجملة الأولى استعمل القلم معرّفا، فعبّر به عن ذات واحدة متميزة. فالقلم الأعلى هو بمثابة “ اسم علم “، على حين انه في الجملة الثانية استعمل لفظة “ لوح “ نكرة. وبالتالي لا تعبر عن ذات مميزة واحدة هي: ثاني مخلوق، بل هي هنا: مرتبة الانفعال، اذن القلم الأعلى الذي هو أول مخلوق: منفعل عن الألوهية، ومن هذه الناحية هو: لوح.

 - “ معراج “ الكلمة: “ معراج المصطلح “

أنّى نجد معنى محددا مصطلحا في نظام فكري كل ما فيه يتحرك، يعرج.

فالكلمة لا ترتاح عنده في تحديد واحد وانما تتعدد في تيار يلونه بألوان متعددة، كل لون هو مرحلة من مراحل التجربة.

نشبه حركة الكلمة عنده بالمعراج، انسجاما مع دراستنا الصوفية، وان كان الأجدر ان نقول “ جدلية “ الكلمة.

فالكلمة “ تعرج “ من مضمون أدنى إلى مضمون ارقى، ثم إلى مضمون أعلى..

لا تستقر في مضمون بل تتركه دوما إلى مضمون أعلى دون ان تصل ابدا..

كل ذلك بديناميكية جدلية خاصة، تلتقط في كل مضمون ما يحمله في حناياه، من بذور إلغائه.

وهكذا إلى ما لا نهاية لأنه: “ ليس للترقي انتهاء “.

ويشير الشيخ ابن العربي إلى موقفه هذا بأنه يتكلم: “ بلسان أعلى من لسان “.

ونورد لذلك مثلا بسيطا، نلمس فيه ديناميكية الكلمة في ترقيها بالمضامين، ونختار كلمة لم تبتدعها عبقرية الشيخ ابن العربي.

وان كانت لغته قد دمغتها: الغربة.

حيث نلاحظ انها:

في معناها الأول تقارب المفهوم العادي لطائفة المتصوفة ،

اما في معناها الثاني فقد لبست خلعة مقام ارقى.

وفي المعنى الثالث تطوعت لتلائم تفكير الشيخ ابن العربي في وحدة الوجود.

المعنى الأول: “ مفارقة الوطن في طلب المقصود “ ( ف 2 / 527 )

“ يطلبون بالغربة وجود قلوبهم مع اللّه “ ( ف 2 / 528 )

المعنى الثاني: “ واما غربة العارفين. .. فهي مفارقتهم لإمكانهم، فان الممكن وطنه: الإمكان “ ( ف 2 / 528 ).

“ موطن الممكن: العدم أولا، وهو وطنه الحقيقي، فإذا اتصف بالوجود فقد اغترب عن وطنه “ ( ف 2 / 529 ).

المعنى الثالث: “ اما العارفون المكملون فليس عندهم غربة أصلا، وانهم أعيان ثابتة في أماكنهم لم يبرحوا عن وطنهم [ الامكان ] ،

ولما كان الحق مرآة لهم، ظهرت صورهم فيه، ظهور الصور في المرآة. ..

هم [ العارفون المكملون ] أهل شهود في وجود. ..

فمرتبة الغربة ليست من منازل الرجال. .. والغربة عند العلماء بالحقائق. ..

غير موجودة ولا واقعة. .. “ ( ف 2 / 529 ).

 - خلق مصطلحات لينتقدها:

نجد لدى الشيخ ابن العربي بعض مفردات لم تخلقها تجربته الشخصية بل كان فيها ناقدا، مثلا عبارات: إله المعتقدات الإله المجعول، الإله المخلوق. .. لم تكن وليدة موقفه، بل عملية “ تسمية “ فقط.

فقد لاحظ ان كل متعبد للّه، لا بد من صورة يخلقها بفكره النظري طالب الحق فيها وراجعا فيها اليه.

فيقرر انه: “ ما ثمة إلا عابد وثنا “. .. انظر “ اله المعتقدات “.

والمهم في الأمر هنا:

أن الشيخ الأكبر لا ينبه إلى موقفه الناقد بل يسرد بلغة شخصية يظن منه القارئ انه يقرر حقيقة يتبناها، وهو في الواقع يعرضها ليرفضها.

وهكذا لا بد للباحث في الشيخ ابن العربي من أن يتتبع مختلف اللهجات، ويتفرغ بتفتح كلي لالتقاط تدرج لغته.

“ التنظير “ عند الشيخ ابن العربي أساسه ديناميكية داخلية:

للإحاطة بنظريات الشيخ الأكبر لا تكفي آلاف الصفحات، ولكن نستطيع بشكل مبسط علمي ان نختصر هذه الآلاف من الصفحات، بوضع الأسس الديناميكية التي تتفاعل بشكل معين حيّ، لخلق التركيب النظري الذي يضعه بين أيدينا من خلال مؤلفاته.

ولعل القاسم المشترك بين جميع مواقفه هو الوحدة الوجودية، التي ينتهي إليها دائما.

ونستطيع ان نعبر خلالها إلى نظرياته كلها لأنها وحدة غنية، هي في الواقع تركيبSyntheseللطريحةtheseوالنقيضةantitheseبتأليف جدلي حيّ.

ونأخذ عدة وجوه من هذه الوحدة، تبين أسس الفكر الحاتمي الديناميكية.

 - الحق والخلق:

تنشأ بين الحق والخلق في وحدة الشيخ ابن العربي علاقة تعجز عن الوصول إلى فصل مطلق أو إلى وحدة متجانسة، ولكنها تجمعهما في تركيبSyntheseحيّ وتسعى إلى أن تفسر، كيف ان “ الخلق “ قد استطاع ان يتداخل مع “ الحق “. ويكون لحظة من هذا الحق المطلق 1 [ من حيث إنه مجلى ]، دون ان ينتفي عنه اسم الخلق.

وقد كان هذا الموقف السبب الأول في خلق مصطلحات أمثال: حق خلق، حق خالق. .. راجع هذه المصطلحات.

ونرى كيف ان وحدة حكيم مرسية تؤلف الاضداد العينية، في كلّ حيّ يجمعه دون ان يلغي أحدها، وتخلق هنا مفردات وكلمات جديدة، أمثال: حق في خلق، خلق في حق [ راجع هذه المصطلحات ]، تعبر عن الوحدة التي انتهى إليها، والتي هي في الواقع تركيب جدلي حيّ، ورؤية حركية لوحدة عينية ملموسة، نتجت عن حركة جدلية من خلال اثنينية كلاسيكية.

..........................................................................................

( 1 ) هنا تظهر كل لغته الجديدة في التجلي والخلق والظهور والفيض والفتح والمرايا والصور، وما إلى ذلك. فليراجع كل من هذه المفردات في أماكنها.

 - الوحدة والكثرة:

وكما ألّفت ديناميكية تفكيره بين الحق والخلق في كلّ واقع حيّ، نرى انها نفذت إلى الوحدة والكثرة بشكل مماثل.

فقد نظر الشيخ ابن العربي إلى الكون في المرحلة الأولى، نظرة نستطيع ان نصفها بأنها فطرية، لمس فيها كثرته. اذن كثرة مشهودة.

ثم لم يلبث في المرحلة الثانية، ان دقق النظر والفكر في الكون فلمس وحدته المعقولة، خلال كثرته المشهودة. اذن وحدة معقولة.

اما في المرحلة الثالثة، فقد توصل إلى تركيب جدلي حيّ استوعب النتيجتين السابقتين بتفاعل معين، لا يلغي ايا منهما.

وهكذا ظهرت مفردات أمثال: وحدة في كثرة، كثرة في وحدة، الواحد الكثير، والكثير الواحد [ راجع كلا من هذه المصطلحات ].

 - التنزيه والتشبيه:

كل ثنائية كلاسيكية انقسم إليها الفكر قبل الشيخ ابن العربي، نرى انه يتبنّاها حديّ تركيب جدلي.

وانطلاقا من هذه القاعدة - لا نقول إنها عامة كي لا نخالف مبدأ التدقيق العلمي، وان كانت كذلك - يستطيع القارئ ان يتكهن الكثير من نظرياته ومواقفه حتى التي لم يتسنّ له مطالعتها.

وبصدد التشبيه والتنزيه، نظر الشيخ ابن العربي في النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة فرأى، في المرحلة الأولى إشارات إلى تشبيهه تعالى بالمخلوقات. فقبل التشبيه.

ثم في مرحلة ثانية، تدخّل الفكر ليقدس الحق، وينزهه عما لا يليق به تعالى، مما قد يستشف منه تشبيها بالمخلوقات. فقال بالتنزيه.

ثم في مرحلة ثالثة تفاعلت مقدماته بحركية أضحت معروفة، ومن مميزات تفكيره الديناميكي الحيّ لتؤلف: تنزيها في تشبيه، وتشبيها في تنزيه. ولكن هاتين العبارتين لا تشفان عن كنه رأيه، الذي هو ليس جمعا وتوفيقا أو تلفيقا، بل هو تركيب أصيل يبرز عند تعمق دراسة نظرياته وتفهمها.

وهكذا خلال هذه الأمثلة البسيطة، نستطيع ان نلمس الأسس المحركة لتفكير الشيخ الأكبر، دون ان نخوض في نظرياته بل نعرفه إلى القارئ بايجاز يوضح غموضه، ونضع بين يديه، إلى جانب ما جاء في المعجم من مفردات - الخيط الجامع حبات تفكيره الفذّ.

خطة بحث المفردات

ابتدرت بحث كل كلمة بمعناها اللغوي المستقى من أحد المعجمات، ليتسنى للقارئ ان يلمس مدى اقتراب الشيخ ابن العربي وابتعاده في الوقت نفسه عن المعنى اللغوي للكلمة. فقد جعلت المعنى اللغوي، في بساطته المقصودة مرآة لاصطلاح الشيخ الأكبر.

وتحددت بمعجم واحد تقريبا هو معجم مقاييس اللغة، لاحمد بن فارس لم يتمتع به من مزية منطقية، إذ جمع إلى ايجازه شمول كل الأصول التي يمكن ان تتفرع إليها الكلمة.

ثم ثنّيت المعنى اللغوي بمعنى الكلمة في القرآن. وقد حاولت الا ارجع قدر الامكان إلى كتب التفاسير الكثيرة وذلك على عمد، لان كل من انبرى لمحاولة تفسير القرآن، كان يراه بمرآته هو، ومن خلال تجربته هو، ويفسره بالفن الذي برع به.

فنغرق إذ ذاك في بحث قرآني يخرجنا عن مقصودنا. لذلك بذلت جهدي حتى أورد معاني الكلمة من القرآن ايرادا بسيطا صافيا، لا تشوبه النظريات ولا يفرّع عملي إلى مصطلحات جديدة تثنّي المصطلحات موضوع معجمنا.

وأخيرا في القسم الثالث، حاولت تحديد مضمون الكلمة عند الشيخ ابن العربي ولم يكن ذلك ليحصل دون عناء، لأسباب متعددة منها المادي ومنها الفني. ولعل السبب المادي الأكبر، هو غزارة نتاج متصوف مرسية، إذ بلغ من ضخامة نتاجه ان افراد له عثمان يحي رسالة دكتوراة ظهرت في مجلدين تكلم فيهما على اعماله فقط.

اما الصعوبات الفنية، فاهمها اننا لا نلمس منهجا منطقيا في عرضه لنظرياته، وربما كان هذا المنهج مقصودا لذاته، كما أشار البعض [ أبو العلا عفيفي.

مقدمة الفصوص ] وقد يكون عدم ترابطه صورة عن الواقع الذي نشأ عنه، إذ ان معظم كتبه كانت جوابات عن سؤالات سألها أحد تلاميذه، أو جوابا عن رسالة ارسله اليه أحد أصحابه، فهي اذن، لم تكن مقصودة لذاتها، وربما كان الشيخ ابن العربي لم يدون بعضها. بل كان يمليه على اتباعه باستطراد الأحاديث العادية، التي يتسامر به جماعة في مجلس ما.

وقد تخطينا ما تقدم، بعزل كل النصوص التي يرد فيها المصطلح موضوع البحث على حدة، ثم قارنا بعض هذه النصوص ببعضها، واستخلصنا من ذلك المراحل التي مرت به مضامينها، فقسمنا بالتالي مضمون المصطلح إلى نقاط، تتعدد بتعدد المراحل المذكورة.

وقد ابتدرنا كل نقطة بتعريف مختصر يبين معنى الكلمة، وحرصنا ان يجمع هذا المعجم الكثير من نصوص الشيخ الأكبر، ليستنى للقارئ ان يعيش مفاتن لغته الجديدة وينفذ إلى عمق تعبيره عنها: فألحقنا كل تعريف بشاهد أو عدة شواهد من نصوصه، التي تدعم ما أوردناه مقتصرين في شروحنا لهذه النصوص على الغامض منها.

ولعل السبب الأهم في ايرادنا هذه الشواهد في كل نقطة، هو ان الكلمة أو المصطلح بحد ذاته لدى تعريفه يتحول إلى معنى فارغ من كل مدلول بالذات.

وهذا المعنى الفارغ لا يأخذ مدلوله بالذات الا في نص.

لذلك عددنا النصوص معيدين بذلك “ المفرد “ إلى دلالاته، إلى طبيعته التي فقدها عند عزله وتحديده.

استيعاب الكلمات:

والآن نسأل ما نتيجة صبرنا خلال سنوات حاولنا فيها فك طلاسم شيخن الأكبر، وتتبع التجربة الصوفية في سلوكها ومفرداتها ؟

الواقع ان عملا كهذا، لا يعتبر كاملا، وذلك نظرا لضخامة المشروع.

فمعجم صوفي تنتقي مفرداته من قمة تفتح التجربة الصوفية واللغة الصوفية، في اطلالتها على الفلسفة بأنواعها والفلك والجفر و. .. يجعل عملا كهذا في حكم

المشروع الانساني، يضاف إلى ذلك غزارة نتاج الشيخ الأكبر إذ ان فتوحاته تزيد على ثلاثة آلاف صفحة فقط، والوصول إلى مرتبة كمالية في عمل مماثل، يتطلب جهد جماعة من الباحثين لأنه عندئذ قد يستوعب عشرات المجلدات، إذ انه لا يقل في شيء عن القديس توما الاكويني الذي استغرقت مفرداته أربعة وعشرين مجلدا، كل منها في حوالي سبعماية صفحة من القطع الكبيرIndex thomisticus. ولكن هذا المعجم وان لم يكن كاملا، الا انه يعتبر خطوة علمية موضوعية.

وبدء طريق قد نترافق بها، ونكمل الدرب ما اتسع لنا السير فيه.

وأخيرا، نضع صفحاتنا هذه بين يدي القارئ ينبض كل حرف فيها في صراحة، بتقديرنا وحبنا لهذه الشخصية الفذة التي تألقت عبر نضج تجربتها الصوفية باصالة عربية حقيقية، والتي استطاعت بصدق نبراتها ان تسد مسام الثغرة التي تفصلنا عن القرن السادس الهجري، وتمدنا بذاك التواصل الحقيقي مع تراثنا العربي وحضارتن الشرقية.

لا نكاد نجد بين مفكري الاسلام، من تفتح هذا الدين في دمه فكان تجسيد لتعاليمه وتحقيقا لجزئياته كهذا الانسان القادم من مرسية. الذي استحق لقبه “ محي الدين “.

بسيطا في انقياده، راسخا في رؤيته، اعطى القرآن ذاته فانسكب حرفا حرف في كيانه، ساترا بالصفات المحمدية ما كان من صفاته.

فنرى الاسلام في كلماته حيا نابضا يجري في عروق الكون، ونتلمس النبوة كأنها الآن أطلت من الغيب بالتشريع الاسلامي.

فمن كان الاسلام منه في الصدر بهذا الموقع فهو لا يخشى الكلمة [ كثير ما يخشاها المنافق، لأنها تفضح صدق أعماقه ].

لذلك تأتي أحيانا في الاذن الغريبة على عالمه وفكره، البعيدة عن منطلقاته، شاذة الوقع منكرة، يجفل قارئها خوف ملامستها حدود الكفر.

وما بين بساطة أعماقه الراسخة، وخصوصية دلالة مفرداته، توالت التصانيف زاهية بين مدح وذم. وانقسم المشرق الاسلامي فريقين بين مؤيد له ومنكر عليه.

وفي فرصة قريبة، سنعود إلى دراسة هذا التيار الصوفي الفكري الحيّ، ليس في جزئيات مفرداته، بل في كليات نظرياته. ونعلن امام الفكر الانساني اجمع تحدي ابتكار الشيخ الأكبر - على الرغم من القرون التي تفصلنا - لحصيلة ثقافتنا الشرقية والغربية المعاصرة.

الدكتورة بيروت 1981

حرف

.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!