موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


2.إبراهيم

في اللغة:

“ قال الجواليقي هو اسم قديم ليس بعربي 1 وقد تكلمت به العرب على وجوه اشهرها: إبراهيم وقالوا ابراهام وقرىء به في السبع وابراهم بحذف الياء وابرهم 2 وهو اسم سرياني 3 معناه: أب رحيم وقيل مشتق من البرهمة وهي شدة النظر حكاه الكرماني في عجائبه. .. “ ( الاتقان في علوم القرآن. السيوطي ج 2 ص 138 )

“ البرهمة: إدامة النظر وسكون الطرف “ ( لسان العرب مادة “ برهم “ )

في القرآن:

..........................................................................................

( ) يمثل إبراهيم في القرآن الفكر الانساني في تطلعه إلى الحقيقة المطلقة عبر مراحل نضجه، فنراه يبحث عن معبوده في المحسوسات أولا ثم يترقى من خلال صفة الثبوت، إلى التجريد فتتجلى له الحقيقة. .. بعض المتكلمين يرجعون في طريقة برهانهم على وجود خالق، إلى طريقة استنتاج إبراهيم ان الآفلات ليست بآلهة وذلك في النص القرآني المشهور .” فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ.. .فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ. فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ ي قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ “( الانعام من آية 76 - 79 )

( ب ) أشار القرآن إلى مراتب الكمال التي تحقق بها إبراهيم عليه السلام 4، فهو:

صديق، نبي، رسول، مام، وخليل الحق 5.

( 1 )” وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا “( 19 / 41 )

( 2 )” وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ “( 57 / 26 )

( 3 ) وكما نص القرآن على خلافة داود فقد نص على امامة إبراهيم .” قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً “( 2 / 124 )

( 4 ) اما عن الصفة التي أضحت لقبا له فنقول: “ ان كلا من الأنبياء العظام يوصف بوصف خاص وينسب إلى اللّه تعالى بلقب مخصوص، فآدم ( ع ) صفيّه، ونوح ( ع ) نجيّه. .. وكان موسى ( ع ) كليمه. .. وكان عيسى ( ع ) كلمته وروحه. .. وام إبراهيم ( ع ) فقد جعله اللّه تعالى لنفسه خليلا. .. “ 6” وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا “( 4 / 135 ).

( ج ) يتميز إبراهيم عليه السلام عن بقية أنبياء القرآن بذاك النسب الذي يربط الاسلام به، بل بالأحرى نسبين: نسب جسدي ونسب معنوي.

النسب الجسدي يتلخص في أنه عليه السلام هو جد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم 7. والنسب المعنوي ورد في التنزيل :” ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّ وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً 8مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ “ ( 3 / 67 )

” مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ “( 22 / 78 )

عند الشيخ ابن العربي:

* إبراهيم رمز لحقيقة الانسان الكامل التي من ناحية تجمع في كونها جميع الحقائق الإلهية، ومن ناحية ثانية المحل والمجلى والمظهر الكامل للحق 9. يعتمد الشيخ ابن العربي في بيان هذه المرتبة على كلمة “ الخليل 10 “: فالحق يتخلل صورة إبراهيم، وإبراهيم يتخلل جميع ما اتصفت به الذات الإلهية، فهناك تبادل في فعل التخلل والدليل عليه تبادل ظهور كل من الحق والخلق بصفات الاخر، وليس المتخلّل والمتخلّل سوى الظاهر والباطن 11 ،

يقول:

“. .. انما سمي الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية

قال الشاعر 12:

قد تخللت مسلك الروح مني * وبه سمي الخليل خليلا

كما يتخلل اللون المتلون. .. أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. .. الا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات. .. لا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق. .. فالمتخلّل محجوب بالمتخلّل. .. فاسم المفعول هو الظاهر، واسم الفاعل هو الباطن المستور “. ( فصوص ج 1 ص ص 80 - 81 ).

وهذا التبادل في الظهور بين الحق والخلق يؤدي في الواقع إلى مقامي قرب النوافل وقرب الفرائض، فعند ما يتخلل الحق الخلق يظهر حكم مقام قرب النوافل. وعندما يتخلل الخلق الحق يظهر حكم مقام قرب الفرائض 13.

يقول:

“ فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه، فيكون الخلق جميع أسماء الحق:

سمعه وبصره ( - مقام قرب الفرائض ).

وان كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه، فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه ( - مقام قرب النوافل ). .. “ ( فصوص 1 / 81 ).

وهكذا تتخلل المحب الهيمان 14 صفات محبوبه، وتوجد علاقة 15 منشؤها حبي وصورتها: تبادل الظهور بين المحب والمحبوب، وهما هنا الحق والخلق.

وقد اشاح الحاتمي في تعبيره عن هذه العلاقة الحقية الخلقية عن كل المفردات الموحية بالحلول، واكتفى بإشارات تمثيلية على ايحاءاتها المادية: التخلل - التغذية 16. والتغذية تصور فعل تخلل الظاهر الباطن، والباطن الظاهر.

فعندما يتخلل الظاهر الباطن يغذيه بالاحكام 17 وعندما يتخلل الباطن الظاهر يغذيه بالوجود 18 ولا يجب ان نؤخذ بمادية تشبيه الشيخ ابن العربي فنظن اثنينية بين المتخلّل والمتخلّل أو المتغذّى والمتغذّى، بل هي مجرد صور تشبيهية يحاول بها ان يشير إلى نوعية معينة من العلاقة بين وجهي الحقيقة: الحق والخلق.

يقول:

“ فأنت غذاؤه بالاحكام، وهو غذاؤك بالوجود. . .لذاك الحق اوجدني * فأعلمه فأوجده. ..

ولما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمى خليلا لذلك سنّ القرى 19 وجعله ابن مسرّة مع ميكائيل للارزاق. .. فان الغذاء يسرى في جميع اجزاء المغتذى كلها وما هنالك اجزاء. فلا بد ان يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنه بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا. .. “ ( فصوص 1 ص 83 / 84 ).

* ان إبراهيم هو الأب الثاني للمسلمين 20.

..........................................................................................

( 1 ) قوله ليس بعربي يريد ان اللفظ ليس من اللغة التي كان يتكلم به عرب الجاهلية، ولكن هذا الاسم سامي عربي قديم معناه أبو الخصب أو أبو الرهم، لان الراء والهاء والميم أصل يدل على خصب، كما جاء في معجم مقاييس اللغة.

( 2 ) الفيروزآبادي في قاموسه يذكر لغة أخرى وهي ابراهوم وعلى الأرجح انها لهجات في اللغة العربية القديمة.

( 3 ) تباينت الآراء في منشأ كلمة “ إبراهيم “ فأرجعها البعض إلى أصل سرياني ( السيوطي ) أو أعجمي ( لسان العرب. الأصل “ برهم “ )، وترجعها القواميس الانكليزية على وجه العموم إلى أصل عبري(Webester “ Abraham“ )والأرجح انه سامي عربي قديم كما تقدم الكلام عليه.

( 4 ) من مراتب الكمال هذه ما هو عام بين جميع الأنبياء: كالنبوة، ومنها ما هو خاص: كالإمامة والخلة. راجع “ امامة “ “ خلة “ في هذا المعجم.

( 5 ) يراجع فيما يتعلق بإبراهيم كشخصية تاريخية ودينية:

- دائرة المعارف الاسلامية، النسخة العربية مادة إبراهيم.

- الثعلبي قصص الأنبياء ط. القاهرة 1312 ه. ص: 43، 47، 59، 60

- الكسائي قصص الأنبياء ص 128، 145، 153.

- الطبري ج 1 ص: 220، 225.

- ابن الأثير ج 1 ص 67، 98.

اجتلت المراجع المتقدمة صورة النبي إبراهيم ببعديها الديني والتاريخي من القرآن الكريم، فبرز من خلالها حنيفا مسلما وابا للمسلمين.

مما يغري بالمقارنة مع صورته في الموسوعات الأجنبية والكتابات المسيحية.

راجع:

- - - - -

..........................................................................................

( 6 ) تواريخ الأنبياء: تأليف حسن اللواساني ط. أولى بيروت 1964 ص 65.

( 7 ) تواريخ الأنبياء ص 65.

( 8 ) لقد أورد المرجع السابق ان الحنيفية ملة إبراهيم وهي السنن العشر التي امره اللّه تعالى وأمته باتباعها. فليراجع ص 66.

( 9 ) ان إبراهيم أتم مجلى من حيث إنه الانسان الكامل في زمنه، والانسان الكامل يترقى في مراتب الخلافة، فلا يلزم من كمال الانسان كمال خلافته.

يقول الشيخ ابن العربي: “ ان معنى الانسانية هو الخلافة عن اللّه وان الخلافة عن اللّه مرتبة تشمل: الولاية والنبوة والرسالة والإمامة والامر والملك. .. وجمع [ اللّه ] لإبراهيم الولاية والنبوة والرسالة وابتدأ الإمامة. .. “ ( بلغة الغواص ق 54 )

انظر “ خليفة “ “ خلافة “.

( 10 ) يقول أبو العلا عفيفي في تعليقه على اشتقاق كلمة خليل: “ والخليل إذا أخذت لا على أنها من الخلة اي الصداقة، بل على أنها من التخلل وهو السريان - وهذا بالضبط ما يفعله المؤلف - فهمنا لم اعتبر إبراهيم مثالا أعلى من أمثلة الانسان الكامل. .. “ ( فصوص 2 / 57 )

على أن الملاحظ ان الشيخ ابن العربي لا يحيد عن الخلة إلى التخلل. فالخلة والتخلل أصل واحد وهذا مما تؤيده اللغة العربية يقول أحمد بن فارس: “ خل: الخاء واللام أصل واحد يتقارب فروعه. .. فاما الخليل الذي يخالك، فمن هذا أيض كأنكما قد تخاللتما. .. “ ( معجم مقاييس اللغة )

كما تؤيده تفاسير القرآن للآية الكريمة “ واتخذ اللّه إبراهيم خليلا “ يقول البيضاوي في شرحها: "والخلة من الخلال فإنه ود تخلل النفس وخالطها “( أنوار التنزيل ج 1 ص 103 ) ( المرجع نفسه ج 1 ص 56 تفسير الخلة ).

ويتضح موقف الشيخ ابن العربي في الخلة والتخلل من جملته في الفتوحات:

وقال: “ ما ثمّ الا أسماؤه وليست سواه وما هي دلائل عليه بل هي عينه، وقد تخللها المتخلق الكامل فهو الخليل. .. وقد نال محمد صلى اللّه عليه وسلم الخلة والوسيلة بدعاء أمته. .. “ ( ج 4 ص 404 ) راجع معنى “ خلة “ عند الشيخ ابن العربي.

( 11 ) ان إبراهيم يمثل كمال التخلل الإلهي للصورة الانسانية، وهذا ل يعني انه انفرد بالتخلل الإلهي. فان الحق يتخلل كل صور الموجودات ويظهر في كل فرد من الممكنات، الا ان كمال ظهوره وتجليه وتخلله في صورة إبراهيم عليه السلام.

راجع “ ظاهر - باطن “.

( 12 ) الشاعر هو بشار:

“ وقال: ثعلب: انما سمي الخليل خليلا لان محبته تتخلل القلب فلا تدع فيه خللا الا ملأته وأنشد الرياشي قول بشار:

قد تخللت مسلك. .. “ ( أدب الدنيا والدين الماوردي مطبعة السعادة 1921 ص: 21 )

..........................................................................................

( 13 ) راجع “ مقام مقرب الفرائض “ و “ مقام قرب النوافل “.

( 14 ) ان الخلة والتخلل صفة المحب المفرط في محبته “ ولذلك جعل شيخن الأكبر عنوان الفص الإبراهيمي: “ فص حكمة مهيمية في كلمة ابراهيمية “.

كما يراجع :-Corbin Limagination creaticep. 231( 15 ) يرى كركيغارد في كتابه”Crainte et tremblement“انه في بعض اللحظات يحدث اتصال بين البطل وبين اللّه، وفي هذه الأحيان تبطل القواعد الخلقية. وفي ضوء هذا الفكر تكلم في مسألة إبراهيم وذبح ابنه. على حين نجد الشيخ ابن العربي يستعين بنظريته في “ عالم الخيال “ ورموزه وأوهامه التي تحتاج إلى تعبير. يقول: “. .. قال [ إبراهيم ( ع ) ] لابنه “ اني أرى في المنام اني أذبحك “ [ 37 / 2. ] والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها. .. فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد اللّه تعالى بتلك الصورة “ ( فصوص 1 / 85 )

( 16 ) انظر بخصوص التغذية وعلاقتها بالحب والخلة :-Corbin: LImagination p 99 et suiv.( 17 ) من حيث إن عين الممكن هي التي تجعل الحق بمألوهيتها الها.

( 18 ) لا يقوم الممكن الا بالحق. فالوجود الحقيقي للّه فقط، راجع “ خلق جديد “ و “ وجود “.

( 19 ) الضيافة. راجع كتاب “ تواريخ الأنبياء “ السنن العشر التي سنه إبراهيم ( ع ) ص 65.

( 20 ) راجع “ الأب الثاني “ المعنى “ الرابع “.

 – الأب

في اللغة:

“ الهمزة والباء والواو تدل على التربية والغذو. .. وبذلك سمي الأب أبا. .. قال الخليل: الأب معروف والجمع آباء وأبوه. .. “

( معجم مقاييس اللغة مادة “ أبو “ )

في القرآن:

لقد وردت كلمة أب في القرآن مضافة إلى الانسان فقط “ أباكم “ “ ابانا “ “ أباه “ “ أبت “ “ أبوهم “. .. وفي جميع اضافاتها لم تخرج عن معنى الوالد.

عند الشيخ ابن العربي:

* الأب هو الأول 1، فيكون أول شخص من كل نوع “ أبا “ لجميع افراده مثلا: آدم أول البشر يكنى بأبي البشر. يقول الشيخ ابن العربي:

“ كما كانت كنية آدم أبو 2 البشر، فالأول. .. أب. .. كآدم لسائر البشر. .. “ ( ف 4 / 298 ).

* * * *

الأب هو الوالد مطلقا، وهو صفة ونسبة تلحق الشخص من وجه ولا تستغرقه، بحيث ان يكون الشخص نفسه والدا لولد هو ابن له من وجه آخر ونسبة أخرى. يقول:

“. .. فكل من له عليك ولادة من اي نوع وفي اي صورة كان، فهو أبوك، وكل من لك عليه ولادة من اي نوع كان وفي اي صورة كان. .. فهو ابنك، فقد يكون ابنك. .. عين أبيك، فيكون له عليك ولادة ولك عليه ولادة. .. “ ( ف 4 / 156 )

“. .. ان الأبوة والبنوة من الإضافات والنسب، فالأب ابن لأب هو ابن له، والابن أب لابن هو أب له. .. “ ( ف 1 / 143 ).

****

الأب هو المؤثر والمحيل في مقابل المؤثر فيه والمستحيل ( أمّ )، والصفة العالمة في مقابل الصفة العاملة ( امّ )، والفاعل بالنسبة للقابل ( امّ ) 3.

يقول الشيخ الأكبر:

“ فكل مؤثر أب. .. “ ( ف 1 / 138 ).

“ فالمحيل أب والمستحيل أمّ، والاستحالة نكاح، والذي استحال إليها ابن “ ( ف 1 / 139 ).

“ فالصفة العلامة [ العالمة ] أب فإنها المؤثرة فيها. .. “ ( ف 1 / 140 ).

* * * *

الأب هو الأصل العقلي الروحي الذي ينتسب اليه الولد في مقابل الأصل الجسمي الطبيعي ( أمّ ) 4.

كل اثر أو “ ولد “ هو نتيجة، ولا يكون الا عن مقدمتين، هما الأصلان المشار

اليهما أعلاه.

“ فلا يكون أمر الا عن امرين ولا نتيجة الا عن مقدمتين “

( الفتوحات السفر الأول فق 3 ).

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ولهذا كان العالم على صورة الحق، فمن غلب عليه طبعه كان شبهه بأمه أقوى من شبهه بأبيه، ومن غلب عليه عقله كان شبهه بأبيه أقوى من شبهه بأمه. .. “ ( ف 4 / 151 ).

“ فهذا كله من حقوق الام التي هي طبيعة الانسان، وأبوه هو الروح الإلهي. .. “ ( ف 3 / 320 ).

****

الأب هو المّمد للولد 5 ولكن امداده لا يستغرق الولد ككل، لذلك نجد الولد ينسب جزئيا اليه من الوجه المناسب للامداد، فيكون شخص مثلا ابا لشخص آخر بالعلم أو بالمال أو. .. يقول:

“ فرق بين ولد الطين وولد الدين في الميراث، الدين للعلم والطين للمال. ..

أبوك من انفق عليك، فان أنفقت على أبيك فأنت أبوه. .. “

( كتاب التراجم ص 35 ).

..........................................................................................

( 1 ) راجع “ أول “

( 2 ) ينبغي ان يكون اللفظ ابا البشر ( اي خبر كان ) ولكن لما وردت على هذا الشكل يمكن اعتبار اسم كان مضمرا اي القضية أو القصة أو الرواية وهو وارد مثله في الأدب.

( 3 ) راجع المعنى الثالث لكلمة “ أمّ “

( 4 ) راجع المعنى الرابع لكلمة “ أمّ “

( 5 ) راجع “ أبو الورثة “

***

 – اباؤنا

عندما يتكلم الشيخ ابن العربي على الآباء وينسبها إلى الضمير المتصل، يقصد جملة المسلمين المؤمنين، وبخاصة الأولياء اخوانه:

( ) فأول أب لهذا الولي المسلم المؤمن هو محمد صلى اللّه عليه وسلم من حيث إنه أبو الأرواح والأصل الروحي الذي صدر عنه هذا الولي.

( ب ) والأب الثاني لهذا الولي هو آدم عليه السلام، من حيث أنه أبو الأجساد والأصل الجسمي الذي صدر عنه هذا الولي.

( ج ) والأب الثالث هو نوح عليه السلام، من حيث إنه أول رسول أرسل، ويستدل شيخنا الأكبر على كون نوح أول رسول وكل من سبقه كان نبيا لا رسولا: ان كل الأنبياء السابقين كانت رسالتهم في، بينما نوح إلى 1 .” وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ. .. “( 7 / 94 )” لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ. .. “( 7 / 59 ).

( د ) الأب الرابع هو إبراهيم عليه السلام، فهو أبو الاسلام، وهو الذي سمانا مسلمين وهو أبونا بنص القرآن [ انظر “ “ الأب الثاني “ المعنى “ الرابع “ ].

والنص التالي للشيخ ابن العربي يثبت ما ذهبنا اليه في آبائنا الأربعة:

“ ان أصل أرواحنا روح محمد صلى اللّه عليه وسلم، فهو أول الآباء روحا، وآدم أول الآباء جسما، ونوح أول رسول أرسل، ومن كان قبله انما كانوا أنبياء كل واحد على شريعة من ربه، فمن شاء دخل في شرعه معه ومن شاء لم يدخل. . .” وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ “( 35 / 24 ) ليس بنص في الرسالة، وانم هو نص في أن في كل أمة عالما باللّه وبأمور الآخرة وذلك هو النبي لا الرسول، ولو كان الرسول لقال إليها ولم يقل فيها 2. .. فأول شخص استفتحت به الرسالة نوح عليه السلام، وأول روح انساني وجد روح محمد صلى اللّه عليه وسلم وأول جسم انساني وجد جسم آدم. .. فهؤلاء الاباء الثلاثة هم آباؤنا فيما ذكرنا، والأب الرابع هو إبراهيم عليه السلام، وهو أبونا في الاسلام وهو الذي سمّانا مسلمين. .. فانظر من كانت هذه مقدماته وهو محمد وآدم ونوح وإبراهيم عليهم السلام ومن كان أبوه هؤلاء المذكورين فلا أسعد منه وهو ارفع الأولياء. .. “ ( ف 3 / 50 )

..........................................................................................

( 1 ) نلاحظ ان التنزيل العزيز لم يتقص ربط النبوة بالحرف “ في “ والرسالة بالحرف “ إلى “:

-” كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا “( 2 / 151 )

منكم - من العرب. تفسير النسفي ج 1 ص 83 ،

-” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ “( 62 / 2 )

في الأميين - في العرب. تفسير ابن عباس ص 470 ،

( 2 ) إشارة إلى الآية” وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ. .. “( 7 / 94 )

........................................

 - الأب الأول

مرادف: أول الآباء.

الأب الأول هو أول أصل يتولد عنه الأثر أو المولود، وهذا المصطلح عند الشيخ ابن العربي لا يعبر عن ذات واحدة مميزة يمكن تسميتها بالأب الأول بل هي مرتبة كونية تطلق على كل من يشغلها: مثلا، إذا أخذنا أجسام اشخاص الجنس البشري نجد ان أول أصل تولدت عنه هو آدم، اذن آدم: الأب الأول لاجسام اشخاص الجنس البشري. . ولكن في الروحانيات نجد ان “ حقيقة محمد “ صلى اللّه عليه وسلم هي الأب الأول وهي أبو آدم وأبو العالم ،

ويمكن حصر مضمون الأب الأول عند الشيخ ابن العربي في شقين رئيسين:

* * * *

الأب الأول هو آدم ( - أبونا، والدنا ) 1

يظهر من خلال ما تقدم ان الأب الأول لاجسام اشخاص الجنس البشري هو آدم، إذ انه أول جسم ظهرت عنه الأجسام.

يقول الشيخ ابن العربي:

“. .. فأول موجود ظهر من الأجسام الانسانية كان آدم عليه السلام، وهو الأب الأول من هذا الجنس. .. وهو أول من ظهر بحكم اللّه من هذا الجنس، ان الفضل بيد اللّه، وان ذلك الامر ما اقتضاه الأب الأول لذاته. .. “

( ف 1 / 136).

وفي جملة الشيخ ابن العربي الأخيرة “ ان الفضل. .. لذاته “ تثبت بوضوح كلامنا في أن مصطلح الأب الأول لا يعبر عن ذات واحدة مميزة بل هي مرتبة كونية. يقول “. .. فلنتكلم على سفر [ - يقصد سفر آدم في هبوطه إلى الأرض ] الأب الجسمي [ آدم ] وهو أبو محمد صلى اللّه عليه وسلم وأبو بني آدم كلهم خاصة. .. “

( كتاب الاسفار ص 23 ).

“ آدم أول الآباء جسما. .. “ ( ف 3 / 50 ).

* * *

* الأب الأول هو الروح الكلي 2

مرادف: أول الآباء 3، الأب الأكبر

في الروحانيات نجد ان جميع الأرواح صدرت عن “ روح واحدة “، هذه الروح الواحدة هي ما يعبر عنها أحيانا الشيخ ابن العربي بالروح الكلي وحقيقة محمد صلى اللّه عليه وسلم والعقل الأول والعقل الأكبر. .. وهذه الروح الواحدة بفعل صدور جميع الأرواح عنها كانت “ الأب الأول “

يقول الحاتمي:

“. .. فإنه أول ما خلق اللّه العقل وهو الذي ظهرت منه هذه العقول. ..

فهو أول الآباء، وسمّاه اللّه في كتابه العزيز الروح واضافه اليه. . .” فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي “ *( 29 / 15 - 72 / 38 ) وهو هذا العقل الأكبر. .. “ ( ف 2 / 67 ).

“. .. ذلك ان النفوس خلقت من معدن واحد كما قال تعالى :” خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ “[ 39 / 6 ] وقال بعد استعداد خلق الجسد” وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي “[ 29 / 15 ] فمن روح واحدة صح السر المنفوخ في المنفوخ فيه وهو النفس. .. فلما كان أصل هذه النفوس الجزئية الطهارة من حيث أبيها 4. .. “ ( ف 2 / 272 )

“ الأب الأول في الروحانيات، وهو أبو آدم وأبو العالم، وهو حقيقة محمد صلى اللّه عليه وسلم وروحه 5. .. “ ( كتاب الاسفار ص 23 ).

“ اعلم أيدك اللّه، ان أصل أرواحنا روح محمد صلى اللّه عليه وسلم فهو أول الآباء روحا. .. “ ( ف 3 / 50 )

..........................................................................................

( 1 ) كثيرا ما ترد كلمة “ أبينا “ أو “ والدنا “ عند الشيخ ابن العربي مضافة، دون بيان، إلى ضمير الجمع المتصل ويقصد بهذا الضمير المتصل البشر، فيكون أبونا أو والدنا هو ابا البشر: آدم.

“ بها قد استخلف الرحمن والدنا. .. [ إشارة إلى الآية :إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” 2 / 30 “ ] “ ( ف 4 / 26 ).

“ الاملاك. .. وهم تلامذة أول الاباء. .. فالبنون ما عندهم من العلم الا ما نقل إليهم

الملأ الاعلى مما استفاده من أبيهم [ إشارة إلى الآيتين” وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ “2 / 31” قالَ ي آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ، فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ “2 / 32 ]. ..

فالملأ الاعلى وسائط بيننا وبين أبينا. .. “ ( ف 4 / 361 ).

..........................................................................................

( 2 ) راجع “ أبو الأرواح “

( 3 ) راجع “ أب علوي “ المعنى “ الثاني “.

( 4 ) هكذا في الأصل، ومن المعلوم ان “ حيث “ تضاف إلى الجملة لا إلى اللفظ على أنه مبتدأ وعليه ينبغي ان يكون الاسم الوارد بعدها مرفوعا على أنه مبتد فقد وردت اضافتها نادرا إلى المفرد.

( 5 ) راجع “ الحقيقة المحمدية “


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!