موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

رد المتشابه إلى المحكم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وهو على الأغلب من تأليف الشيخ محمد بن أبى العباس الشاذلى، الملقب بابن اللبان (المتوفى سنة 749 هجرية)

فصل المعية

 

 


في الحديث : “ كان اللّه ولم يكن معه شيء غيره ، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء “ أخرجه البخاري من حديث عمران بن حصين .

وقد كثر ذكر معية اللّه لعبده في مواضع من الكتاب والسنة ، وهو من المتشابه ، ورجوعه إلى المحكم بأن يعلم بأن اللّه سبحانه في الموجودات قد ضرب لنفسه مثلا بالواحد في الأعداء .

ومن المعلوم : ان ما من عدد إلّا وهو في الحقيقة يرجع إلى الواحد ، فالاثنان من شهود الواحد مرة مرة ، والثلاثة من شهوده مرة ومرة ومرة ، وهكذا جميع الأعداد ، فلو طلبت لعدد من الأعداد حقيقة مجردة عن الواحد ، لم تجدها ، ولسبب ذلك كانت الأعداد لا تتناهى ، لأن تجليات الواحد لا تتناهى ، ولولا معية الواحد للواحد ما ثبتت الشفعية ، ولولا إحاطته بالشفعية ما ثبتت الوترية ، وهو الأول والآخر ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ الآية ، فمن أشهده اللّه آخرية معيته له فقد شفعه ، فإن أشهده مع ذلك أولية معيته فقد أوتره ، “ أن اللّه وتر يحب الوتر “ ومن أشهده سر وحدانيته في نفسه ورجوع الأعداد إليه ، فقد وحده “ ما وحد الواحد إلّا الواحد “ وبهذا يفهم السر في قوله :

“ من عرف نفسه فقد عرف ربه “ .

تنبيه : اعلم أنه تعالى ، كما أنه واحد في ذاته ، فهو واحد في صفاته ، وذاته سبحانه منزهة عن المعية ، فليست مع شيء ، ولا معها شيء ، ولكنه مع كل شيء بصفاته .

وكذلك العبد الذي وحده ، وأشهده سر الوحدانية في ذاته ، بتجلي ذاته المقدسة على سره .

فقد ظهر لك بهذا : أن المعية من أحكام الصفات ، فرب عبد يشهده اللّه معيته له بصفة وصفتين ، كقوله تعالى : إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى ورب عبد يشهده معيته له مطلقا كقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ( رضي اللّه عنه ) : “ لا تحزن إن اللّه معنا “ .

ومعية الصفات عامة لجميع المخلوقات ، وإنما اختصاص الأنبياء والأولياء بالشهود ، والتأييد بالروح منها ، كما حكي عن أحد أصحاب الشيخ أبي النجا ( رحمه اللّه ) ، أنه كان يقول : قال لي وقلت له ، ويكثر من ذلك .

فقيل له : من هو الذي يقول لك وتقول له ؟ .

قال : للّه .

قالوا : اللّه يقول لك ؟ .

قال : نعم . ويأخذ بيدي كلما قمت وقعدت .

قالوا : لك هذا خاصة ؟ .

قال : لا ، بل للناس عامة ، ولكني أنا أشهد ، وهم لا يشهدون .

تبصرة : رب عبد يخص بشهود المعية ، ولا يتعدى ذلك منه إلى اتباعه ، كقول موسى ( عليه السلام ) لبني إسرائيل : إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ورب عبد يتعدى منه نوره إلى أتباعه ، فيشهدون به سر المعية ، كقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : “ إن اللّه معنا “ ولم يقل : معي ، لأنه أمد أبا بكر بنوره ، فشهد سر المعية .

ومن هنا : يفهم سر إنزال السكينة على أبي بكر ( رضي اللّه عنه ) ، وإلّا لم يثبت تحت أعباء هذا التجلي والشهود ، وأين معية الربوبية في قصة موسى ( عليه السلام ) من معية الإلهية في قصة نبينا صلى الله عليه وسلم .

تربية : إذا أردت شهود نور المعية ، فعليك بتزكية النفس ، قال تعالى :

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وفي حديث رواه أبو عبد اللّه الترمذي الحكيم في “ نوادر الأصول “ بسنده إلى عبد اللّه بن معاوية الغاضري ( رضي اللّه عنهم ) ، قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : “ ثلاث من فعلهن طعم طعم الإيمان ، من عبد اللّه وحده بأنه لا إله إلّا هو ، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه ، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ، ولا المريضة ، ولكن من أوسط أموالكم ، وزكا نفسه “ .

فقال رجل : وما تزكية نفسه ، قال : أن يعلم أن اللّه معه حيث ما كان “ .

فانظر كيف نبه على أن تزكية النفس : تثمر العلم بمعية اللّه .

فإن قلت : بماذا تكون تزكية النفس ؟ .

قلت : بلزوم الذكر ، قال اللّه تعالى في الحديث :

“ أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معين حين يذكرني “ “ * “ .

فعلى حسب الذكر : يكون تطهير النفس وتزكيتها .

وقال تعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى وعلى حسب التزكية يكون شهود المعية .

( * ) رواه الإمام أحمد ، والبيهقي ، والترمذي ، وابن ماجة ، عن أبي هريرة ، ورواه الإمام مسلم عنه أيضا وعن سيدنا أنس ( رضي اللّه عنهما وأرضاهما ) ، مع اختلاف في بعض اللفظ .



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!