موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الأنهار التي تجري من السماء عددها ثمانية

و أسماؤها: النيل، والفرات، ودجلة، ومهران، وسيحون، وجيحون، والسلسبيل، و الكوثر. فستة منها في الدنيا، واثنان في الجنة، وهما السلسبيل والكوثر.

روينا من حديث مسلم أربعة أنهار: اثنان للجنة، واثنان في الدنيا، وذكر النيل والفرات.

ومنهم من قال: أراها في السماء السادسة. ومن قال: أراها في السدرة.

وروين من حديث غيره عنه: سيحان، وجيحان.

وروين موقوفا عن ابن عباس، من حديث إسحاق بن بشر، حديث دجلة ومهران قاسم السلسبيل و الكوثر. غير أن دجلة يغلب على ظني أني رويت فيه خبرا عن النبي صلى الله عليه و سلم، لا أذكره الآن. أما نهر مهران فيظهر ما بين أرض الروم من وراء أرض البصرة، حتى يقع بأرض السند. وأما جيحون فيظهر بأرض الروم على جبل من وراء أرض أرمينية، و هو نهر بلخ، واصل النيل من تحت الصخرة، وظهوره من جبل القمر، وهو نهر مصر. و أما دجلة والفرات فقريب من رأسه، وهو بأرض الروم. وسيحون فظاهر بالأرض. ومرجع هذه

الأنهار كلها إلى الجنة، إلى عين التسنيم، يرفعها جبريل إليه في طست من الذهب يوم القيامة.

وأم الرياح الأربعة فهي: الجنوب وتسمى عند الله الأزيب، والشمال. والجنوب تخرج من الجنة فتمرّ على النار، وأما الشمال فتخرج من النار فتمرّ بالجنة، فبردها منها.

وأم الزمهرير والحرور فمن تنفّس جهنم والصبا، والدبور. ومبعث هذه الرياح كلها من تحت العرش، ومستقرها تحت الأرض، وهي التي تسمى: العرقر.

روينا من حديث الهاشمي، يبلّغ به النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيها الناس، ل تشغلنكم دنياكم عن أخراكم، ولا تؤثروا هواكم عن طاعة ربكم، ولا تجعلوا إيمانكم ذريعة إلى معاصيكم، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومهّدوا لها قبل أن تعذّبوا، و تزوّدوا للرحيل قبل أن تعجزوا، فإنما هو موقف عدل، واقتضاء حق، وسؤال عن واجب. و لقد أبلغ الأعذار، من تقدم في الإنذار» .

ومن وقائع بعض الفقراء إلى الله تعالى، ما حدثنا به عبد الله ابن الأستاذ المروزي، قال: قال بعض الصالحين: رأيت في الواقعة أبا مدين، وأبا حامد، وأبا يزيد، و جماعة من الرجال، فقالوا لأبي مدين: عد علينا من كلامك في التوحيد، فقال: التوحيد وطن العارفين، وبه تاهوا، وليس لهم مستقر إلا هو، هو حياة أسرارهم، ومادة القلوب، وكل كليتهم، وغيب الغيوب، هو السيد المتبوع، وما عدا تبع، والقائم بنفسه، وقوام من صنع، هو مجرى لأسرارهم، وأسرارهم جداوله، وموضع نظر العارف فيما يأتيه ويحاوله، علت همته فسما، فمن سقط عن هذه المرتبة فهو مغمى عليه و أعمى، وللعارف من معروفه دلائل وروائح، يظهر طيب نسيمها الغادي والرائح، يشم فيها أنوار التنزيه، ويكشف له عن غيبه فيجده فيه، فتلاشت أحواله وسماته، ونفيت رسومه وصفاته، فلا قول ولا قائل، إذ كل ما سواه عدم وزائل، هو أصل كل شيء و مادّته، وبه حياة كل حي وحركته، هو الرفيق الجليل، وقدرته عمّت الكثير و القليل، فلذّة العارف من معروفه في التحلي، وصفاته ظاهرة بالتبرّي والتخلي يقري عن الكونين أدناها وأعلاها، ولم يرض بشيء منها دون من سواها، فسرّه من الغيب مطهّر والمعلوم مكاشف ومظهر، قلبه في حضرة مالكه يسري، وفكرته في ميادين المعارف تجري، فتوحاته منه إليه دائمة، وحقيقته عما سواه صائمة، غذاؤه من التوحيد الدقيق، و شرابه من الصافي الرقيق، قد خامر سرّه فأمعن فيه، فظلّ عند ربه يطعمه ويسقيه.

سمعت بعض أصحابنا يقول: قال بعض الصالحين: كتبت إلى رجل من إخواني وأنا

أقول له: يا أخي، ربما دعوت لك في وقت الإجابة، فعرّفني بمرادك. قال: فكتب إليّ: يا أخي، شهوتي ومرادي في قلب منوّر، ووجه مصفر، وثوب مشمّر، وقوت مقتّر.

ومن باب السماع، ما ذكره ابن الرميلة في إيضاح مصون الصوفية، قال: كان بعض الفقراء يمشي في الأسواق، فسمع بعض الباعة يصيح: الجلبان، فغشي عليه، فاجتمع عليه الناس، فلما أفاق قال: حبيبي كيف قلت: جلّ بذاته، فما يحسّ ولا يرى، وبان عن مخلوقاته، فلا يشبهه شيء من الورى؟ وسمع رجل آخر، وهو بائع موز، وهو ينادي: انفتل واستوى، فغشي عليه، فلما أفاق، قال: حبيبي، كيف قلت: انفتل ولي الله عن معصية الله، واستوى على طاعة الله؟ قلت: وماشيت عبد الله ابن الأستاذ، وكان من السادة عند باب الفتح من باب إشبيلية، فسمع بائع خسّ من العامة وهو ينادي عليه: الخاص رطب أبيض، فتأوّه وأخذته حالة من ذلك، وكان قويا، فقال لي: يا أخي، أما تسمع ما يقول هذ البائع؟ الخاص من عباد الله لسانه رطب من ذكر الله، وقلبه أبيض من نور الله.

وماشيت بعضهم أيضا بقرطبة عند باب بياضة حيث دار السلطان، فإذا جماعة من الأجناد خرجوا من دار السلطان، يقول بعضهم لبعض: جاءت الرسل من قلعة رباح، فاهتزّ الفقير، وقال: ي أخي، أما تسمع لهؤلاء الأجناد ما يقولون؟ قلت: وما قالوا؟ قال:

جاءت الرسل عليهم السلام، يقولون: من قلع عن معصيته، ربح ما عند الله.

حدثن محمد بن قاسم، قال: كان إلى جانبي شاب مسرف على نفسه، فلزم بيته، وأظهر توبته، و كان ممن لا يطمع في خلاصة، فقمت له مهنئا له بسلامته، فرأيته في حالة حسدته عليها: دمع يستبق، وفؤاد يحترق، وقد تجرّد من قدرته، وتعرّى من زلّته، والتحف برداء فقره وذلّته، فسلّمت عليه، وقلت له: كيف قدمت من سفر زلّتك؟ وكيف تخلصت من سجن غفلتك وصرت إلى حرم قربتك؟ فقال لي: يا شيخ، قمت يوما على عادتي عن بعض ما كنت عليه من المخالفة، فدخلت الحمام، فاغتسلت، ثم خرجت، فمررت بمسجد، فقلت: أنا على طهارة لو دخلت وصلّيت، وجعلت أمشي مشية المحسن المذكر، فقام إليّ شيخ عليه سيماء الصالحين، فقال لي: من كان على ما كنت عليه من سوء المعاملة مع الله لم تكن هذه مشيته في بيته، أما علمت يا بني أن الأرض تعلنك من تحت قدميك؟ قال الشاب: فسقطت من كلامه وهيبته على وجهي، وغلب عليّ الحياء من ذكره، فعقدت التوبة فيما بيني و بين الله تعالى. فهذا يا سيدي كان سبب توبتي.

وأنشدني أبو عبد الله الكتاني لبعضهم:

ذكرت إساءتي فازددت حزنا ومثلي من تذكّر ثم ناح

قطعت العمر عصيانا وجهلا وجانبت المروءة والصلاحا

سيبدي العرض مني يوم حشري لأهل الجمع أحوالا قباح


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!