The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد

أبو طالب المكي (المتوفى: 386هـ)

الفصل السادس والأربعون كتاب ذكر دخول الحمام

 

 


الفصل السادس والأربعون كتاب ذكر دخول الحمام

الأفضل في وقتنا هذا ترك دخول الحمام لكثرة العراة فيه والعجز عن القيام بأحكامه. إلاّ أنّ دخوله مباح، وقداختلف مواجيد الصحابة في دخوله وكل فيه قدوة وهدى فقال بعضهم: بئس البيت الحمام، يبدي العورة ويذهب الحياء، وروي هذا عن ابن عمر رضي الله عنه وعن عليّ رضي الله عنه معناه. وقال بعضهم: نعم البيت ينفي الدرن ويذكر النار، وروي هذا عن أبي الدرداء وأبي أيوب. ودخل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشام الحمامات، فمن كان داخلاً إلى الحمام فلا يدخله لشهوة لعاجل حظ دنياه ولا عابثًا لأجل الهوى لأنه عمل من أعمال العبد، والعبد مسؤول عنه إن كان محاسباً على جهل أعماله فيقال: لِمَ دخلت؟ وكيف دخلت ولمن دخلت؟ كما يقال له: في كل عمل فعله وفي دخول الحمام ثمانية أحكام أربعة فرائض وأربعة نوافل. فأما الفرائض فستر العورة وغض البصر، وأنْ لا يباشر جسده غير يده وأن يأمر بالمعروف وهو أن يرى عريانًا فيقول له: استتر أو هذا حرام عليك وهذا لا يحل لك، أو قد نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو حرم دخول الحمام بغير إزار، فأي هذه الألفاظ قاله سقط عنه ماوراء ذلك من كل شيء يراه من المنكر، وليس عليه القبول ولا الإجبار على المعروف لأن هذا على الإمام القائم بصالح الدين، والداعي لرغبة المسلمين بالبطش والقوة والتمكين في الأرض والتسليط، وهو ساقط عن الرعية بحمد الله ومنه، فأما النوافل الأربع، فأن يرى الطهارة لأجل الدين والنظافة للعبادة لأن الطهارة من أفضل أمور الآخرة والحمام غاية الطهر، وأن يعطي صاحب الحمام الأجرة قبل الدخول، وكذلك يستحب في كل ما يشتريه أو يستعمله خاصة الشيء المجهول مقداره من شرب الماء وأجرة الحجام والذي لا يتقاضى عليه ولا يشترط فيه، فكأنه يكون غير معلوم. وإذا نظر الحمامي إليه صار معلومًا.

والثالثة أن لا يكثر صب الماء عليه من غير حاجة، ولا يستعمل ما يكفي رجلين وثلاثة سيما من الماء الحار، فإنّ له موونة، ولا يستعمل من ذلك إلاّ ما لو رآه الحمامي لم يكره ذلك منه ولم يسوءه، وما علم أن الحمامي لو رآه يستعمله من الماء الكثير لشق عليه ذلك، فإنه مكروه له في غيبه.

والرابعة أنْ يتذكّر النار بحرارة الحمام ولذع مسه وغشيان ظلمته، لأن الحمام في الظلمة أشبه شيء بجهنم، الحرارة من تحتك والظلمة من فوقك، فهذا وصف جهنم نعوذ بالله منها فليتذكر بقلة صبره على الحمام وعظم كربه فيه حبسه في جهنم، وإنه لو أقام في الحمام فضل ساعة لضعف روحه حتى يخرج خفوقاً، ويكون له في الحمام موعظة وعبرة إذا عبر أولي الأبصار. ومواعظ أهل التقوى لا تنقضي، ولهم في كل شيئ عبرة وموعظة وبكل شيئ تذكرة، لأن الله عزّ وجلّ قد أحياهم حياة طيبة، وهذه علامة من كان له قلب ومن مقامه المزيد، ولا بأس أنْ يظهر ذكر الله عزّ وجلّ بالتسمية والاستغفار، ومكروه له قراءة القرآن إلاّ في نفسه سرّاً ولا يسلم على أحد فيه بلفظ السلام.

وروينا أنّ رجلاً أسلم على الحسن بن عليّ رضي الله عنهما في الحمام فقال: ليس في الحمام سلام، فإن احتاج أن يتكلم رجل فيه فلا بأس أن يأخذ بيده استئناساً للكلام أو يقول له: عافاك الله وأدام سلامتك. ومكروه له كثرة الكلام فيه وأن يتكلم رجل بما لا يعنيه، ولكن يقول: بسم الله، إذا دخله ويستعيذ بالله من الرجس الخبث الشيطان الرجيم. وإن أعطى الحمامي أجرة ليخليه له أجر على ذلك. قال بشر: ما أعنف رجلاً لا يملك إلاّ درهماً أنّ يعطيه لخلوة الحمامي.

وكان بشر يغطي ليخلي له الحمام، فكان يغلقه عليه من داخل ومن خارج، فإن وليته جاريته للإطلاء في الحمام إذا كان خاليًا ستيرًا فلا بأس، قالب بعضهم: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما في الحمام مستقبلاً بوجهه الحائط، وقد عصب عينيه بعصابة ومدّ يده على الحائط، وقيل لإبراهيم الحربي: تصلّي خلف شارب النبيذ قال: نعم قيل: فتصلّي خلف من يدخل الحمام بلا مئزر قال: لا، ويكره دخول الحمام عند الغروب وبين العشاءين، فإن تلك الساعتين وقتت انتشار الشياطين، وليعرف بدخوله نعمة الله عزّ وجلّ وتسخيره له من شاء من خلقه بالتعب منهم والكد فيه، فهذا من لطيف أفضال الله عزّ وجلّ على المتنعمين به، ومن دخل الحمام وقام بهذه الأحكام كان دخوله أفضل لأن له فيه أعمالاً كثيرة، ودخل الأعمش فرأى عريانًا فغمض عينيه وجعل يتلمس الحيطان، فقال له العريان: متى كفّ بصرك يا هذا؟ فقال الأعمش منذ هتك سترك، وحكى الشافعي عن مالك رضي الله عنهما ثلاثة أشياء فيها، ذلة حضور المجلس بغير محيرة ولا صحيفة، وركوب السفينة بلا زاد، ودخول الحمام بغير كرنيب قال: فقلت للشافعي رضي الله عنه: لم تذكر المئزر فقال: قد أحسن ترك المئزر فسوق، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دخول الحمام على النساء حرام وعلى الرجال إلاّ بمئزر، وقد كان عمر رضي الله عنه يقول: الحمام من النعيم الذي أحدثوه، وفي أحد الوجوه من قوله تعالى: (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعيمِ) التكاثر: 8، قال: الماء الحار في الشتاء ولا بأس أن يباشره رجل بالتدليك خلا موضع العورة، حدثني بعض إخواني عن بعض أهل العلم أنه دخل معه الحمام قال: فأردت أدلكه فأمتنع قال: ثم دخلت معه بعد ذلك فجعلت أدلكه فلم يمتنع فقلت له: قد كنت أمتنعت أول مرة قال: كنت أعلم فيه أثرًا ثم وجدت بعد ذلك أصبغ الراشني أنّ رجلاً دلكه في الحمام فرأى على فخذه مكتوب لله بعرق في جسده فقال: أما تنظر أما أنه ما كتبه إنسان، وفي ذلك أيضًا أثر عن يوسف بن أسباط أنه لما حضرته الوفاة أوصى أن يغسله فلان إنسان لم يكن من أصحابه ولا كان معروفاً بفضل، فقيل له في ذلك فقال: أنه قد كان مرة دلكني في الحمام ولم أكافئه علي ذلك وأنا أعلم أنه يحب أنّ يغسلني فأوصيت إليه فيكون ذلك مكافأة مني له، ويصلح أن يستدل على ذلك أيضًا بتجويز الغمز للجسد والظهر.

فقد روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نزل منزلاً في بعض أسفاره، قال بعض أصحابه: فذهبت أمشي أتخلل النخل أو قال الشجر، فإذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نائم على بطنه وعبد أسود يغمز ظهره فقلت له: ما هذا يا رسول الله فقال: أما أنّ الناقة تقحمت بي، وقال بعضهم: لا يحلّ دخول الحمام إلاّ بمئزرين مئزر لوجهه ومئزر لعورته، ورأى ابن عمر رضي الله عنه رجلاً عرياناً فخرج وهو يقول: أعوذ بالله من الشيطان رأيت شيطانًا، وقال مالك رضي الله عنه: من دخل الحمام وخرج عرياناً فلا شهادة له، وإن كان قاعدًا عند الحوض ليغسل فلا بأس، وغسل الرجلين بالماء البارد عند الخروج من الحمام أمان من النقرس، والتنورد بعده قبل غسل الوجه يشيّب اللحية والخناء بعد، يقال: إنه أمان من الجذام ويستحبّ أهل الطب البول قائمًا في الحمام بعد الإينار وقبل غسل النورة، وأمر بعض أطباء العرب بالنورة في كل شهر وأخبر أنه يطفئ المرارة وينقي اللون وأنها تزيد في الجماع وفي السنّة الاستحداد في كل أربعين يومًا لا يستحبّ مجاوزة ذلك، وبعض زهل الطّب يقول: بولة في الحمام في الشتاء أنفع من شربة دواء، والبول في المستحم مكروه من جهة السنّة، وقيل: إنّ البول في المستحم يورث الوسواس، وبعض أهل الطبّ يقول: نومة في الصيف بعد دخول الحمام تعدل شربة دواء، ويستحبون أيضًا الغسل بماء بارد بعد نومة في الصيف، وأنه نافع للجسد، ويقال: إنّ الإنسان إذا جاوز الأربعين سنة نقص في كل يوم إلاّ اليوم الذي يدخل فيه الحمام، وإنّ الحمام عندهم في الصيف أنفع منه في الشتاء، ويكره شرب الماء البارد عند الخروج من الحمام، وحرم رسول الّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخول الحمام عل النساء، وحرمه على الرجال إلاّ بمئزر فإن دخلت المرأة الحمام ضرورة من علّة أو حيض أو نفاس أو في شتاء فلا بأس، وقد دخلت عائشة رضي الله عنها من سقم كان بها ولينه الرجل امرأته وأهله عن دخول الحمام، فإن لم يقبلن لم يحلّ له أن يعطيهن أجرة الحمام، وكان الأمر عليهن، ولا يحل لمسلمة في الحمام أن يليها للخدمة ذمية، فقد نهى عمر وأبو عبيدة رضي الله عنهما عن ذلك وأكره للرجل أن يعطي امرأته أجرة الحمام فيكون معيناً لها على الإثم فإن نهاها فخالفته كان الإثم عليها.


4hFnTkfUWdo

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de manière semi-automatique !