موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة غافر (40)

 

 


الآيات: 43-44 من سورة غافر

لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (44)

[ «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ . . .» الآية : ]

قال اللّه عزّ وجل لنبيه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول لقومه حين ردوا دعوته «فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ» وهو من فاض ، ولا يفيض حتى يمتلئ بالفيض زيادة على ما يحمله المحل ، وذلك أن المحل لا يحمل إلا ما في وسعه أن يحمله ، وهو القدر والوجه الذي يحمله المخلوق ، وما فاض من ذلك - وهو الوجه الذي ليس في وسع المخلوق أن يحمله - يحمله اللّه ، فما من أمر إلا وفيه للخلق نصيب وللّه نصيب ، فنصيب اللّه أظهره التفويض ، فينزل الأمر جملة واحدة وعينا واحدة إلى الخلق ، فيقبل كل خلق منه بقدر وسعه ، وما زاد على ذلكوفاض انقسم الخلق فيه على قسمين :

فمنهم من جعل الفائض من ذلك إلى


اللّه تعالى فقال : «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ» وينسب ذلك الأمر إلى نفسه ، لأنه لما جاءه ما تخيل أن يفضل عنه وتخيل أنه يقبله كله ، فلما لم يسعه بذاته رده إلى ربه ، ومنهم من لم يعرف ذلك فرجع الفائض إلى اللّه من غير علم من هذا الذي حصل منه ما حصل ، فهو إلى اللّه على كل وجه ، وما بقي الفضل إلا فيمن يعلم ذلك ، فيفوض أمره إلى اللّه فيكون له بذلك عند اللّه يد ، ومنهم من لا يعلم ذلك فليس له عند اللّه بذلك منزلة ولا حق يتوجه ،

قال تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) واعلم أن العبد القابل أمر اللّه لا يقبله إلا باسم خاص إلهي ، وأن ذلك الاسم لا يتعدى حقيقته ، فهذا العبد ما قبل الأمر إلا باللّه ، من حيث ذلك الاسم ، فما عجز العبد ولا ضاق عن حمله ، فإنه محل لظهور أثر كل اسم إلهي ،

فعن الاسم الإلهي فاض لا عن العبد ، فلما فوضه بقوله : «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ»

ما عيّن اسما بعينه : وإنما فوضه إلى الاسم الجامع ، فيتلقاه منه ما يناسب ذلك الأمر من الأسماء في خلق آخر . وغاية العارفين أنهم يعلمون بالجملة أن الظاهر في الوجود والواقع إنما هو في قبضة الحكمة الإلهية ، فيزول عن العارف التسخط والضجر ، ويقوم به التسليم والتفويض إلى اللّه في جميع الأمور ، كما جاء «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ» هذا هو حكم الحكمة لمن عقل عن اللّه ، فلا تجعل زمامك إلا بيد ربك ، فإن له كما قال يدين ، فكما أنه أخبرك أن يده بناصيتك اضطرارا ، فاجعل زمامك بيده اختيارا ، فتجني ثمرة الاختيار والاضطرار بجمعك بين اليدين ؛ ولا شك ولا خفاء أن من ألقى زمامه بيدك ، وفوض أمره إليك - وإن لم يتكلم - فقد خاطبك بأفصح الألسنة أن تسلك به طريق الصلاح والأصلح ، لما جلبت عليه النفوس من جلب المنافع ودفع المضار .


المراجع:

(44) الفتوحات ج 4 / 98 - كتاب المسائل - الفتوحات ج 4 / 259 ، 400 ، 416

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!